فؤاد مسعد
منذ بدأ الاحتلال حرب الإبادة على قطاع غزة قبل أكثر من 15 شهراً، وهو يمنّي نفسه أن اليوم التالب سيكون مختلفاً لأنه سيكون بدون حماس، وقال النتن إن الحرب سوف تقضي على المقاومة ولن يكون لها مكان في اليوم التالي لانتهاء الحرب.
وظل عتاولة الإجرام يصمون آذانهم عن نداءات وقف الحرب مؤكدين أنهم لن يتوقفوا حتى يتم تحرير الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، لكنهم رضخوا في نهاية الأمر للمفاوضات – بوساطة دولية- مع قيادة المقاومة التي تبين لهم أنهم عجزوا عن تدميرها والقضاء عليها، وعندما دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز النفاذ توالت رسائل غزة لتثبت لمجرمي الحرب الصهاينة أن “المقاومة باقية ومتجذرة في كل تراب غزة”، وأن “المقاومين منزرعون في أرضهم” وبين أهلهم على ثرى غزة الطاهر.
مشاهد تسليم “كتائب القسام” للأسرى في غزة التي تعيدها وسائل إعلام الاحتلال عشرات المرات تثبت بما يدع مجالاً للشك أن “اليوم التالي في غزة” – كما هو حال الأيام السابقة والأيام اللاحقة- ملك لغزة وحدها.
“الشهداء وأرواحهم ترفرف فوق سماء غزة”
“للجرحى ودماؤهم تضيء دروب غزة”
“للأسرى وقيودهم تفك أغلال غزة”
اليوم التالي ملك المقاومة الباسلة التي صنعت المعجزة واجترحت *العبور العظيم في يوم الطوفان*، ولا مكان فيه للعدو المحتل مهما بلغت جرائمه، كما ولا مكان فيه للخانعين الخاضعين مهما طال خنوعهم تحت أقدام الغاصبين.
قال أكثر من 95 بالمائة من الإسرائيليين إن (الحرب لم تحقق أهدافها) ، وقال المتشائمون إنهم يتلقون يومياً رسائل “المقاومة الفلسطينية” التي تبثها خلال مشاهد تسليم الأسرى، وقالت إحدى الأسرات فور وصولها إلى تل أبيب: هؤلاء سيظلون يقاتلون دفاعاً عن أرضهم حتى لو لم يبق منهم غير طفل واحد. لن تخبو جذوة المقاومة مهما فعلنا بهم.
والمقاومة تقولها بلسان الحال والمقال إنها تبسط سيطرتها على الأرض المباركة من “شمالها الذي دمرته الحرب إلى جنوبها الذي أنهكه الحصار” ، ومن “شرقها الصامد إلى غربها الذي لا تغيب عنه شمس الكرامة”.
من اختيار مناطق تسليم الأسرى إلى الحضور القوي والفتي لأبطال المقاومة تتوالى رسائل غزة مؤكدة تفوق المقاومة على العدو المدجج بكل أسلحة القتل والدمار، كما أن مظاهر الأسرى الإسرائيليين وهم في أحسن حال – مقارنة بما يتعرض له المعتقلون في سجون الاحتلال- يكشف عن التفوق الأخلاقي وانتصار قيم المقاومة ومبادئها الأصيلة على ممارسات الاحتلال وجرائمه.
من المناطق والأحياء التي دمرتها القوات الغاشمة على مدى أكثر من سنة، في جباليا وخان يونس، وجوار منزل الشهيد يحيى السنوار، اختارت “كتائب القسام” أن تزرع الأمل على أنقاض الخراب.
ومن بين الركام والدمار خرجت “وحدات الظل” القسامية وهي تسلم إحدى أسيرات العدو للصليب الأحمر، ليثبت أسود المقاومة أنهم أبناء الأرض حتى لو غدت أرضاً محروقة، وأنهم أصحاب الحق حتى لو كان الحق مصادراً. فسيعود كل شيء إلى نصابه وسيعود الحق لأصحابه طال الزمان أم قصر.
مع كل أسير تطلقه المقاومة، تطلق الرسالة تلو الأخرى، مؤكدة أن اختيار كل جزء يتم بوعي وبصيرة، وينم عن خبرة وإدراك، يلجم أفواه مجرمي الحرب وأدواتهم التي حاولت النيل من المقاومة في وقت الشدة، خدمة لبني صهيون، “فساء صباح المجرمين”، “وشاهت وجوه العبيد الخانعين”.