كريتر نت – متابعات
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى غزة بموجب اقتراحه للسيطرة على القطاع، في استمرار لسلسلة تصريحات تتسم بالفوضى والتناقض من يوم إلى آخر.
وبعد أن أبدى تشددا في مقترحه ولوح بالضغط على دول الإقليم، وخاصة مصر والأردن، لتنفيذه تراجع ترامب بالقول إن الأمر ليس مستعجلا، وإن واشنطن لن ترسل قوات إلى القطاع ولن تخوض معارك، ليعود الإثنين إلى الحديث عن الموضوع من جديد.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه الفلسطينيون على أرضهم، ودون وجود مقاربة واضحة لتنفيذ خطة التهجير، قال ترامب إنه لن يكون بمقدور الفلسطينيين العودة إلى غزة، في حين أن التهجير نفسه لا يبدو واقعيا، فهل يمكن رفع شعار اللاعودة قبل المغادرة أصلا.
فكرة التهجير ستضع حلفاء واشنطن في المنطقة تحت الضغط، ولا أحد يقدر على السكوت عن الفكرة لأن القبول بها سيجر إلى تحديات جسيمة
ويرى مراقبون أن تناقض تصريحات ترامب من يوم إلى آخر سيصعّب التعامل مع مقترحه بجدية حتى من أقرب حلفاء واشنطن، عربا وأوروبيين، وسيهز صورة إدارته في الإقليم ويعزز الرفض ويوسع دائرته، فضلا عن استفادة إيران وحلفائها في المنطقة من هذا الارتباك.
ومنذ البداية كان واضحا أن ما يقوله ترامب أمر من الصعب تنفيذه على أرض الواقع، وأن الهدف شد الأنظار إلى الصورة التي يريد أن يقدمها عن نفسه كرئيس قادر على أن يهز العالم بإجراءاته وقراراته.
ومنذ أن اقتُرحت خطة تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” أثارت تشككا في واقعيتها، حيث لم يرد ترامب على سؤالين رئيسيين: كيف ستستطيع الولايات المتحدة الاستيلاء على أرض غزة واحتلالها على المدى الطويل؟ وهل ستتدخل عسكريا لتنفيذ ذلك؟
وقال ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، نُشرت مقتطفات منها الاثنين، إنه يعتقد أنه يمكن أن يعقد صفقة مع الأردن ومصر لاستقبال الفلسطينيين النازحين.
ووفقا لنص المقابلة، أجاب ترامب عن سؤال حول حق الفلسطينيين في العودة بقوله “لا، لن يكون من حقهم ذلك لأنهم سيحصلون على مساكن أفضل بكثير.” وأضاف “أنا أتحدث عن بناء مكان دائم لهم لأنهم إذا اضطروا إلى العودة الآن، فسوف يستغرق الأمر سنوات قبل أن يتمكنوا من ذلك. المكان غير صالح للسكن. وسوف تمر سنوات قبل أن يحدث ذلك.”
وأردف قائلا “أعتقد أن بإمكاني عقد اتفاق مع الأردن. وأعتقد أن بإمكاني عقد اتفاق مع مصر. فمثلما تعلمون، نحن نمنحهم مليارات الدولارات سنويا.”
لكن ردود الفعل الدولية جاءت غاضبة إذ رفضت الخطة مصر والأردن وبلدان عربية أخرى فضلا عن الفلسطينيين.
ولم تقتصر الانتقادات على الدول العربية إذ وصف المستشار الألماني أولاف شولتس الأحد الخطة بـ”الفضيحة”، مضيفا أن نقل الفلسطينيين قسرا سيكون “غير مقبول ومخالفا للقانون الدولي.”
ويمكن أن تمثل الخطة تحديا خطيرا للولايات المتحدة نفسها، في ظل صعوبة تنفيذها، والمحاذير التي تطرحها مغامرة السيطرة على غزة وتهجير سكانها.
وفي تصريحات سابقة قال الرئيس الأميركي “الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة وسنقوم بعملنا معه أيضا. سنكون مسؤولين عن تفكيك جميع القنابل غير المنفجرة الخطيرة والأسلحة الأخرى في الموقع.”
وخلافا لما يعتقده ترامب، ستضع فكرة التهجير حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط تحت الضغط، ولا أحد يقدر على مجاراته أو السكوت عن فكرة “ريفييرا الشرق الأوسط” لأن القبول بها سيجر إلى تحديات سياسية وأمنية جسيمة.
وقالت إميلي هاردينغ من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن “توقعوا أن تنتقل ردود الفعل من الارتباك إلى الاستنكار، مع تظاهرات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه في الأيام المقبلة.”
وسيكون الأمر بمثابة محفّز قوي لحركة حماس وحزب الله على العودة إلى الواجهة بعد خسارة الحرب واهتزاز صورتيهما، كما أنه يعطي مشروعية لشعارات إيران بشأن غزة، وكذلك التنظيمات الإسلامية المتشددة التي فقدت مبررات وجودها في السنوات الأخيرة.
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد بمقترح ترامب الذي وصفه بـ”الثوري”، موجّها بيانا بدت نبرته منتصرة بعد عودته من واشنطن.
وقال نتنياهو، الذي أفادت تقارير بأنه لم يبلغ بالخطة إلا قبل وقت قصير على إعلانها من قبل ترامب، إن الرئيس الأميركي “جاء برؤية مختلفة تماما وأفضل بكثير بالنسبة إلى إسرائيل.”