كريتر نت – متابعات
حماس تحاول المناورة لمنع خطة ترحيل قادتها إلى الخارج وتفكيك جهازها العسكري والإداري، وتجد الفرصة في حاجة العرب إلى خطة لإقناع واشنطن بالتخلي عن مخطط تهجير الغزيين، الذي يطرحه ترامب، عبر عرض عدم المشاركة في الحكم.
وأثار الحديث عن انسحاب حماس من حكم غزة خلال المرحلة القادمة تساؤلات عن جديته، وهل أن الأمر يتعلق بمناورة ظرفية لتهدئة غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، أم أن ما تقوله حماس جزء من الخطة التي تعرضها مصر لتتحول لاحقا إلى خطة تقدمها القمة العربية لواشنطن كبديل عن خطة التهجير التي يطرحها ترامب
وأفادت قناة “القاهرة الإخبارية” نقلا عن مصدر مصري وصفته بأنه مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة، قوله إن”حماس تؤكد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، وعدم مشاركتها في إدارة القطاع خلال المرحلة القادمة“. وكشف المصدر عن “اتصالات مصرية مكثفة لتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عملية إغاثة وإعادة إعمار القطاع“.
ورغم أنه لم يصدر موقف رسمي من حماس ولا من مصر لتأكيد المعلومة أو نفيها، إلا أن مراقبين يرون أن هذا الكلام لا يعدو أن يكون تسريبا مصريا لقيس ردة فعل الولايات المتحدة وإسرائيل حول فكرة تنحّي حماس عن الحكم من دون إخراج قادتها العسكريين والسياسيين من غزة.
وتخدم هذه الخطة حماس وتصب في صالحها من عدة نواح، فهي تبدو كمن قبل بهذا التنازل إرضاء للدول العربية وخاصة مصر والسعودية، اللتين تتحركان لتقديم خطة بديلة لإقناع واشنطن، وفي نفس الوقت تسمح لنفسها بفترة من التقييم تتولى خلالها ترتيب البيت الداخلي وإعادة هيكلة مؤسساتها القيادية وخاصة جهازها العسكري الذي تعرض لضربات نوعية.
كما أنها ستكون قادرة على تأمين إعادة إعمار القطاع كأفضل ما يكون وتجنب الانتقادات وتحميل المسؤولية اللتين طالتاها وهددتا شعبيتها من خلال تحميلها الأوضاع الإنسانية الصعبة في غزة. ويعقد قادة السعودية ومصر والإمارات وقطر والأردن قمة في الرياض في 20 فبراير لمناقشة الرد على خطة ترامب بشأن السيطرة على قطاع غزة ونقل سكانه إلى مصر والأردن المجاورتين.
وتسعى حماس لإظهار أنها متماسكة وقوية، وأنها مسيطرة على غزة، عبر عمليات تبادل الرهائن، وسيبدو تنازلها عن الحكم كما لو أنه خطوة مهمة. وأفرجت حركتا حماس والجهاد الإسلامي السبت عن ثلاثة رهائن إسرائيليين كانوا محتجزين في قطاع غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، بينما أطلقت إسرائيل سراح 369 معتقلا فلسطينيا من سجونها في سادس عملية تبادل في إطار اتفاق الهدنة.
والرهائن الثلاثة هم الإسرائيلي – الروسي ساشا تروبانوف (29 عاما)، والإسرائيلي – الأميركي ساغي ديكل حن (36 عاما)، والإسرائيلي – الأرجنتيني يائير هورن (46 عاما) وتمّ تسليمهم في مدينة خان يونس في جنوب القطاع، وأُصعدوا إلى منصة وسط عشرات المسلحين الذين أحاطوا بهم وأمام حشد من الأشخاص الذين كانوا يهتفون ويصفقون.
وتحدّث الرجال الثلاثة المفرج عنهم عبر مذياع من على منصة أقامتها حركة حماس بالعبرية وشدّدوا على ضرورة الإفراج عن الرهائن الباقين في إطار اتفاق وقف إطلاق النار القائم حاليا. وكانوا يحملون أكياس هدايا قدمّها لهم خاطفوهم وشهادة ورقية “بانتهاء أسرهم”. ثم تسلمّتهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وغادرت سيارات الصليب الأحمر ناقلة الرهائن خان يونس حيث جرت عملية التسليم بالقرب من منزل قائد حركة حماس السابق يحيى السنوار الذي قتلته إسرائيل خلال مواجهة في جنوب القطاع.
وخُطف الثلاثة من كيبوتس نير عوز خلال هجوم حماس على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب في غزة. ومن بين 251 شخصا خطفوا خلال الهجوم، ما زال 70 محتجزين في غزة، 35 منهم لقوا حفتهم، وفق الجيش الإسرائيلي.
في المقابل، أكدت إسرائيل الإفراج عن 369 معتقلا فلسطينيا من سجونها السبت، نُقل معظمهم بالحافلات إلى قطاع غزة والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، حيث استقبلتهم حشود. وتم ترحيل 24 منهم، حُكم عليهم بالسجن مدى الحياة، إلى مصر. وغادرت أكثر من عشر حافلات تقل معتقلين فلسطينيين أفرجت عنهم إسرائيل في إطار الصفقة، سجن كتسيعوت في النقب صباح السبت.
ووصلت حافلة أخرى تقلّ معتقلين فلسطينيين من سجن عوفر العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة إلى رام الله حيث كان حشد كبير في استقبالهم. وعانق المعتقلون المفرج عنهم الذين كانوا يلفون الكوفية على أعناقهم، أهلهم ومستقبليهم وحُملوا على الأكتاف قبل أن يتوجهوا للخضوع لفحص صحي سريع.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن أربعة من المفرج عنهم نقلوا إلى المستشفى لدى وصولهم إلى رام الله. وكان من بين المفرج عنهم في رام الله السبت أمير أبورداحة، الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة بالإضافة إلى 30 عاما. وقال أبورداحة لفرانس برس من منزل عائلته في مخيم الأمعري قرب رام الله “رجعت بين أهلنا ورجعت من جديد وولدت من جديد. اليوم تاريخ ميلاد جديد. الحمد لله“.
ويتوقع أن يصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى إسرائيل مساء السبت (أمس) حيث سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إن بلاده تعمل مع الولايات المتحدة لإخراج كل الرهائن من قطاع غزة “بأسرع ما يمكن“. ودعا الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم واشنطن في بيان “لإلزام” إسرائيل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، حرصا على حياة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، محذرا من أن “لدينا ما نفعله للتعامل مع الاحتلال إذا تنصل من الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار“.
وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي السبت أن الجيش يعد “خططا للهجوم” في حين تستمر عملية إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وحذر “منتدى عائلات الرهائن” في بيان السبت من إفشال الهدنة الحالية، مؤكدا ضرورة عدم ضياع الزخم المكتسب في الأسابيع الأخيرة. وقال “لا يمكننا السماح بانهيار هذا الاتفاق، يجب أن نستمر في استخدام هذا الزخم للتوصل إلى اتفاق سريع ومسؤول للجميع“.
وفي وقت سابق السبت، أظهرت صور بثها التلفزيون العام الإسرائيلي سجناء فلسطينيين قبل إطلاق سراحهم وهم يرتدون قمصانا عليها شعار مصلحة السجون ونجمة داود كما كُتب عليها بالعربية “لن ننسى ولن نغفر“. ولدى وصول بعضهم إلى قطاع غزة نزعوا هذه القمصان وأضَرموا النار ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت جميع الأطراف المعنيين إلى “فعل المزيد” لضمان أن تحصل عمليات تبادل الرهائن والمعتقلين المقررة بموجب الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس “بكرامة واحترام الخصوصية“.