كريتر نت / وكالات
استعاد ميناء الحديدة، الأكبر في اليمن، نوعاً من الحياة الطبيعية، نتيجة هدنة سرت منذ ديسمبر(كانون الأول) 2018. لكن بعيداً عن ضواحي الميناء، يدور قتال شرس بين متمردين حوثيين والتحالف العسكري بقيادة سعودية. وترتفع حصيلة القتلى، في ظل تفشي سوء التغذية والجوع، ما جعل الأمم المتحدة تحذر في فبراير(شباط) الماضي من أن الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ في العالم.
وفي واشنطن، تدعو جوقة متزايدة من المحللين والعسكريين الولايات المتحدة لسحب دعمها للجهد العسكري السعودي، وتحويل الهدنة التي تمت بوساطة الأمم المتحدة إلى سلام دائم.
لكن من جميع الخيارات المتوفرة أمام الولايات المتحدة، يعد هذا الخيار أقلها احتمالاً لوقف القتل والموت وتعقيدات المصالح الأمريكية.
وعرض هذا الرأي، في موقع “فورين أفيرز”، كل من مايكل نايتس، زميل مركز لافر لدى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، وكينيث بولاك، باحث مقيم لدى معهد أمريكان إنتربرايز، وباربرا والتر، أستاذة العلوم السياسية لدى جامعة كاليفورنيا.
ويرى كتاب المقال أن سلاماً حقيقياً في اليمن سيبقى صعب المنال. وكي يتحقق السلام، يتطلب استمرار الدعم الأمريكي للسعودية، بل التهديد بمضاعفته ما لم يحترم الحوثيون التزاماتهم للأمم المتحدة، ويبدون استعداداً للكف عن عملياتهم الأولية. وإن كانت واشنطن جادة في إنهاء الحرب، فعليها أن تقبل بهذه الحقيقة.
تسوية
وكما يشير الكتاب، يظهر التاريخ أن حروباً أهلية كحرب اليمن تنتهي إما بتحقيق طرف نصراً عسكرياً حاسماً، أو يشارك طرف ثالث للتوصل إلى تسوية بين المتحاربين.
ويمكن لتسوية يتم التفاوض عليها إنهاء الحرب في وقت أقصر، وبالتالي تقليل الخسائر البشرية. ولكن متحاربين يرفضون عموماً مثل تلك التسويات ما لم يصلوا إلى جمود عسكري من نوعية ما يقنع جميع الأطراف أنهم لن يحققوا نصراً عسكرياً. وحتى في تلك الحالة، تحتاج جهات محاربة لضمان أن لا تتعرض للقتل عندما تنزع سلاحها- وهو شرط لا يمكن تأمينه سوى من خلال قوة حفظ سلام خارجية، تبقى لمدة عام أو أكثر.
وفي حالة اليمن، من شأن سحب الدعم الأمريكي، وهو في معظمه استخباراتي ولوجيستي، عرقلة جهود التحالف العسكري، وتشجيع الحوثيين وداعميهم الإيرانيين، ما يجعلهم أقل ميلاً للقبول بهدنة وباتفاق لتقاسم السلطة.
نتيجة مرفوضة
ويقول كتاب المقال إنه عوضاً عن إفراز جمود عسكري، قد يمكن قطع المساعدة الأمريكية، الحوثيين من تحقيق نصر عسكري، كما بدأ يتحقق للحكومة السورية وإيران وروسيا في سوريا.
ومن الطبيعي أن يرفض الحوثيون مثل تلك النتيجة لأنهم معادون لأمريكا، ولليهود وللسنة. وفي الواقع، يتبع الحوثيون الطائفة الزيدية الشيعية، مجرد قبيلة من مئات القبائل في اليمن. وليس هناك من أساس تاريخي أو شعبي يدعم حق الحوثيين في حكم العاصمة، صنعاء، أو الموانئ.
ويضاف إليه، حسب كتاب المقال، أن الوضع الحالي في اليمن مرفوض من المنظور الإنساني. فقد قوبلت هدنة جزئية في الحديدة بارتياح دولي جامع، ويأمل مراقبون أن يصبح ميناء الحديدة بمثابة شريان حياة لهذا البلد الذي مزقته الحرب. ولكن، حسب برنامج الغذاء العالمي، لم يدخل عبر الميناء سوى 619,085 طناً من الأغذية خلال الربع الأول من العام الجاري – وهو رقم ينقص بكثير عن 1,7 مليون طن أغذية نقلوا عبر الميناء خلال نفس الفترة من 2016.
ضغط عسكري
وكما يرى الكتاب، لم تتحقق الهدنة في الحديدة إلا بسبب ضغط عسكري فرضته قوات التحالف. فقد أجبر احتمال تعرض الحديدة لهجوم سعودي الحوثيين على الاختيار ما بين صفقة وهم لا يزالون يسيطرون على المدينة، واحتمال استخدامها كورقة مساومة، أو القبول بالصفقة لاحقاً، بعد هزيمتهم في الحديدة، وتضاؤل نفوذهم هناك.
وباعتقاد كتاب المقال، كي توقف الولايات المتحدة القتال في اليمن، لا بد من زيادة الدعم للتحالف، وتمكينه من الاستيلاء على الحديدة، ثم استخدام النفوذ الناجم لإجبار الجانبين على إنهاء القتال، والتوقيع على اتفاق لتقاسم السلطة.
ويخلص الكتاب إلى أن نصراً للتحالف في الحديدة عسير لكنه محتمل. فقد أحرزت قوات حكومية، تجمعت عند أطراف المدينة، عدة إنجازات عسكرية، بفضل دعم إماراتي قوي. وفي 2015، تمكنت قوة يمنية وإماراتية من الاستيلاء على عدن، مدينة أكبر بكثير من الحديدة. وفي العام اللاحق، تقدمت قوات إماراتية، وبمشاركة قبائل يمنية، نحو المكلا، ميناء كبير آخر.
إلى ذلك، عند فقدانهم للحديدة لا بد أن يقتنع الحوثيون أنهم لن ينتصروا، وإن أصروا على القتال، قد يخسروا صنعاء ومناطق أخرى استولوا عليها منذ 2014. ولا بد أن يدركوا حينما تشجعهم إيران على مواصلة القتال أن مصالح طهران ليست مصالحهم.