كريتر نت / الحديدة
تعيد الولايات المتحدة الأمريكية انتشار قواتها في مياه الخليج العربي بموافقة دول الخليج، لردع إيران. لكن التحذيرات والمخاوف الدولية تزايدت من دور وكلاء إيران في منطقة الشرق الأوسط.
والقلق الدولي آخذ في التصاعد وسط ترجيحات أن يكون الحرس الثوري قد نقل خبرات وتقنيات عسكرية متقدمة إلى وكلاء لشن حرب بالوكالة.
ويأتي الحوثيون في مقدمة هؤلاء الوكلاء الذين يهددون طرق التجارة والملاحة الدولية ومنابع الطاقة النفطية في الجزيرة والخليج، إلى جانب حزب الله ومليشيات عراقية.
فإلى أي حد تسهم التحركات البريطانية والأممية في تمكين الحوثيين وتثبيتهم في موانئ استراتيجية قريبة من باب المندب وتشرف على طريق مرور شحنات النفط والتجارة العالمية؟
* الوكيل الحوثي ورسائل إيرانية
توالت الإشارات إلى إمكانية تورط الحوثيين فعليا، بطريقة أو بأخرى، في الهجمات التخريبية التي استهدفت ناقلات بحرية قبالة السواحل الإماراتية خصوصا مع تبني المليشيات الحوثية الهجوم على خطوط الطاقة في المملكة العربية السعودية بعد يوم واحد من الهجمات التي استهدفت السفن في بحر العرب.
خبرات الزوارق البحرية والطائرات المسيرة، بدون طيار، القتالية والهجومية، ظهرت بصورة متزايدة على مدى الأعوام الأربعة الماضية بأيدي الحوثيين وتم استخدامها أحيانا بفاعلية مؤثرة وتظهر أنها قادرة على إحداث أضرار حقيقية وكبيرة.
تنقل رويترز في تقريرين حصريين يوم الجمعة عن خبراء وشركات تأمين إشارات صريحة إلى تمتع الحوثيين بخبرات وتقنيات وقدرات عسكرية بحرية من تلك التي زودها بها الحرس الثوري الإيراني.
لكن الهجوم على مضختي أرامكو مؤخرا بعث برسالة إيرانية عالية النبرة عبر الوكلاء الحوثيين في خضم التوترات المتصاعدة.
واستندت شركات التأمين الدولية في تقييمها بأن الحرس الثوري كان على الأرجح العقل المدبر للهجمات على عدة عوامل منها:
الاحتمال الكبير بأن الحرس الثوري سبق وأمد حلفاءه الحوثيين الذين يحاربون الحكومة المدعومة من السعودية في اليمن، بقوارب مسيرة محملة بالمتفجرات قادرة على إصابة أهدافها بدقة باستخدام نظام تحديد المواقع.
التشابه بين الشظايا التي عثر عليها في الناقلة النرويجية وشظايا من قوارب مسيرة استخدمها الحوثيون قبالة اليمن رغم أن المركبات التي سبق واستخدمها الحوثيون كانت قوارب سطح وليست مركبات مسيرة تحت الماء والتي يرجح استخدامها في هجوم الفجيرة.
ووفقا لرويترز أيضا، يساور المسؤولين الأمريكيين القلق من أن تكون إيران نقلت الخبرة القتالية البحرية لوكلاء يقاتلون لحسابها بالمنطقة تحملهم واشنطن المسؤولية عن هجمات على أربع ناقلات نفط قبالة ساحل الإمارات يوم الأحد.
* شهادات وحالات
يقول نورمان رول وهو ضابط كبير سابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) ويتمتع بخبرة في قضايا الشرق الأوسط ”إيران تقوم بأفعالها بطريقة يفهم العالم أنها من عمل إيران لكنها لا تصل إلى حد أن يبرر المجتمع الدولي قيامه برد فعل. بهذه الطريقة تنسب الأفعال لها لكن يمكن إنكارها“.
وجاءت الهجمات على ناقلات النفط يوم الأحد بعد هجوم بطائرات مسيرة على محطتين لضخ النفط تابعتين لشركة أرامكو السعودية يوم الثلاثاء وهو ما زاد أسعار النفط العالمية التي قفزت بنسبة تقترب من أربعة في المئة بحلول يوم الخميس.
وقالت الإمارات إن تحقيقا يجري في الهجمات التخريبية وتعهدت بضبط النفس ومنع التصعيد خلال ما وصفته بأنه ”موقف صعب“ نتج عن السلوك الإيراني في المنطقة.
وجهت السعودية الاتهام لإيران بإصدار الأوامر بتنفيذ هجوم الطائرات المسيرة على خطوطها النفطية. كان الحوثيون، المتحالفون مع إيران ويحاربون التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ أربع سنوات، قد أعلنوا المسؤولية عن الهجوم في وقت سابق على الاتهام السعودي.
وطبقا لرويترز، قال حسين عريان المحلل العسكري الذي خدم لمدة 18 عاما في البحرية الإيرانية قبل الثورة الإسلامية وبعدها إن إيران لديها بحارة مخضرمون يمكن أن ينفذوا هذا النوع من العمليات أو ربما أوكلوا المهمة لقوى محلية يحتمل أن تكون جماعة الحوثي.
وأظهرت أيضا قوات عسكرية تلقت تدريبا أو تسليحا من الحرس الثوري مهاراتها القتالية البحرية.
وتقول الوكالة، نفذت قوات الحوثي باليمن سلسلة هجمات على ناقلات نفط سعودية العام الماضي مما أدى إلى تعليق مؤقت لصادرات النفط السعودية عبر مضيق باب المندب. قال مسؤول من التحالف الذي تقوده السعودية طالبا عدم نشر اسمه ”إن إيران تصدر الخبرة الفنية المرتبطة بزوارق وطائرات مسيرة“.
وأشار المسؤول إلى أن ما يصل إلى 50 عضوا من جماعة حزب الله اللبنانية ومن الحرس الثوري يدربون ويقدمون المشورة لمقاتلين من جماعة الحوثي. وقال مصدر أمني سعودي إن قوات جماعة الحوثي تستطيع الآن إطلاق طائرات مسيرة من زوارق في البحر.
* تحجيم أم تمكين وكلاء إيران
وعند هذا المستوى من القلق والمخاوف فإن مسرحية إعادة تسليم واستلام الحوثيين لإدارة وأمن موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى على البحر الأحمر وطريق الملاحة وقرب باب المندب برعاية ودعم المملكة المتحدة البريطانية والسياسي البريطاني مارتن غريفيث من شأنها أن تضع أسئلة كبيرة أمام التمكين المتزايد لوكلاء إيران على ساحل البحر الأحمر جنوبا وغربا.
كانت بحوث ودراسات لمعهد واشنطن قد حذرت مبكرا من مخاطر استحكام الحوثيين ووكلاء الحرس الثوري الإيراني وسيطرتهم على ممرات وطرق تجارة عالمية تخترق مضيق باب المندب واتحاذ ميناء الحديدة الاستراتيجي وعدد من الموانئ الأصغر على ساحل البحر الأحمر غرب اليمن.
ما سميت الخطة الأممية التي قوبلت بردود واستياء واسع داخل اليمن وتسهل للحوثيين البقاء في الحديدة بعد أن أنقذتهم التحركات البريطانية في الساعات الأخيرة من عملية عسكرية اقتربت من تحقيق أهدافها وتحرير الميناء الرئيس غرب اليمن، كلها تعطي رسائل سلبية وتفتح الباب على مصراعيه أمام كافة الاحتمالات.
يقول المراقبون إنه لا يستقيم الادعاء بمواجهة وتحجيم الخطر الإيراني في وقت واحد مع التمكين لوكلاء طهران وأدواتها بحريا وفي موانئ رئيسية حاكمة على طرق الملاحة والتجارة.