كريتر نت / كتب- سياف الغرباني
من اللحظات التالية لركل دولة قطر، خارج نطاق التحالف العربي، بقيادة السعودية، شحذت أحذية الدوحة العسكرية والسياسية والإعلامية، في اليمن، خناجرها وبدأت بتسديد الطعنات إلى ظهر دول مشاركة بالدم في معركة يمنية خالصة.
بيد أن قفازات الدوحة، رفعت منسوب الاستهداف الإعلامي لدول التحالف، سيما الإمارات، في خضم العملية العسكرية للقوات المشتركة على تخوم مدينة الحديدة غربي اليمن، وحملات قوات الحزام الأمني، لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة، في مناطق محافظتي أبين وشبوة جنوب وشرق البلاد.
وحمل تصعيد حزب الإصلاح، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين، ضد دول التحالف، بالتوازي مع خسائر ميدانية لحركة الحوثيين المسلحة و”القاعدة“، إشارات صريحة إلى رفض ملحوظ، من جانب ”الإخوان“ لأي تحرك عسكري من شأنه تقويض سيطرة الجماعتين على مناطق مهمة، وإلحاق هزائم فعلية بكليها.
وقد لوحظ -وقتها- أن جماعة الإخوان ومن خلفها قطر، أخذت على عاتقها مهمة تخفيف حدة الضغط العسكري للقوات المشتركة، على المسلحين الحوثيين في الحديدة، خاصة مع ترجيح كفة المقاومة المسنودة إماراتياً في ميزان القوى على الأرض، وقدرتها في كسر خطوط دفاع الحوثيين، ونقل المواجهات إلى داخل المدينة.
ولأن الوجود العسكري الإماراتي، ضمن قوات التحالف، في الساحل الغربي لليمن، يشكل الرافعة الصلبة لعملية استعادة الحديدة، من المعطف الإيراني، فقد ركز الإخوان خطتهم الطارئة لمنع خسارة الحوثي للحديدة، على شيطنة الإمارات، حد توصيف دورها في نطاق ”احتلال“!
ويعمد إخوان اليمن، إلى خوض معارك جانبية مع دول في التحالف بقيادة السعودية، بمجرد أن يستشعروا تحركاً عملياً لجهة إلحاق هزيمة سياسية أو ميدانية بالحركة الحوثية، مع الإشارة إلى أن تجمع الإصلاح علق حملة شيطنة التحالف والإمارات تحديداً، فور تعليق عملية مدينة الحديدة، ومنح الحوثي ”هدنة ذهبية“ بضغط من وكلاء قطر في هرم الشرعية اليمنية.
ولاحقاً عاد حزب الإصلاح، للعمل بمشروع شيطنة دول التحالف بقيادة السعودية، عبر افتعال ضجيج في الأزقة الخلفية بالاتكاء على تهويمات لا وجود لها في الواقع، تبعاً لحاجة حوثية ملحة، لجهة التخفف من تداعيات الهجمات الأخيرة، التي شنها الحوثيون على منشآت حيوية في السعودية.
وعند هذه النقطة، يعتقد كثيرون أن حملة ”إخوان الشرعية“، ضد دولة الإمارات، لا تخرج عن سياق الهدايا المدفوعة للحوثيين، ذلك أن هجمات طائرات الدرون الملغمة والصواريخ الباليستية، على منشآت نفطية سعودية، قد فتحت مجدداً عين التحالف والعواصم الغربية الفاعلة في الملف اليمني على خطر حقيقي يتهدد المنطقة، مصدره ذراع إيران في شمال اليمن.
مع الإشارة، إلى أن الهجمات الإيرانية ضد السفن التجارية في خليج عمان، وكذا هجمات الحوثيين، على منشآت نفطية ضخ داخل السعودية، دفعت مجتمعة، كبار اللاعبين الدوليين، إلى إعادة تقييم استراتيجيات التعاطي مع ملفات المنطقة بما فيها الملف اليمني، كما خصبت لبروز موقف دولي، أكثر صرامة مع ميليشيا عبدالملك الحوثي.
ويعزز هذا الاستنتاج، تزامن استهداف الدولتين الفاعلتين في قيادة التحالف، من قبل جماعتي الإخوان والحوثيين، مع اختلاف الأدوات المستخدمة، من الطرفين، مع تغير لافت في الموقف الدولي، والأمريكي على وجه التحديد، إزاء جماعة الحوثيين، وكذا مع تكثيف التحالف عمليات تقويض قدرات الحوثي العسكرية عبر ضربات جوية نوعية، طالت زوراق بحرية مفخخة شمالي الحديدة.
من الرياض.. صراخ حوثي بفم الإخوان
من وقت مبكر بدت الإمارات كما لو قد أخذت على عاتقها الذهاب في إسناد اليمنيين إلى أبعد مدى، وألقت بثقلها العسكري أولاً والسياسي والاقتصادي تالياً خلف عملية انتزاع اليمن من المخلب الإيراني.
ميدانياً.. لابد من التذكير أن بداية التحول الاستراتيجي للحرب ضد الحوثيين، كانت مع استعادة قوات التحالف، السيطرة على ميناء عدن، في 17 يوليو 2015، وما ترتب على العملية من إنزال بحري لقوات إماراتية، لعبت دورًا محورياً في تحرير مدينة عدن وبقية المدن الجنوبية.
على أن الشفرة السرية، لما يبدو قتالاً حوثياً إخوانياً من خندق واحد ضد الإمارات، تكمن في طبيعة الدور العسكري الحاسم، وقد شكل دخول القوات الإماراتية على خط المواجهات البرية إلى جانب القوات اليمنية، منعطفاً مهماً أعطى قوات الشرعية أفضلية ورجح كفتها في ميزان القوى العسكرية على الأرض.
وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات دفعت المئات من أفراد وضباط قواتها المسلحة، إلى خطوط المواجهة المباشرة مع الحوثيين في غير منطقة يمنية، بما فيها محافظة مأرب وسط البلاد.
وباستقراء النتائج الأولية للمواجهات في محور الحديدة، وقبله في الساحل الغربي ومنطقة باب المندب الاستراتيجي، يمكن استنتاج بديهة أن الإمارات نجحت، إلى حد كبير، في قلب الطاولة عسكريًا على رأس الحوثيين، وأيضًا في تقويض وجودهم على الأرض لصالح قوات المقاومة المشتركة.
وتؤكد الإمارات أنها لا يمكن أن تقبل بأي خطر استراتيجي على أمن الخليج، من خلال الارتباطات الخارجية لجماعة الحوثيين، خاصة مع اتباعها أيديولوجيات متطرفة، ودورانها في فلك مشروع إيراني خبيث يهدد الأمن القومي للمنطقة والإقليم.
ولم يتوقف دعم الإمارات لليمن عند حد المشاركة بقوات مع التحالف العربي، بل امتد إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، فضلاً عن تبني استراتيجية واضحة في مكافحة الإرهاب، بدت في غضون العمليات العسكرية المشتركة، ضد العناصر المتطرفة في حضرموت وأبين وشبوة جنوبي البلاد