كريتر نت / صحف
على غرار المظاهرات التي شهدتها محافظة أرخبيل سقطرى والرافضة للوصاية الإخوانية، شهدت مدينة عتق مركز محافظة شبوة بجنوب شرق اليمن، الاثنين، خروج مسيرات حاشدة رفعت شعارات مناوئة للتدخل الإخواني في شؤون المحافظة ومحاولة نقل التوتر إليها بهدف تحقيق مآرب سياسية.
ووفقا لمصادر محلية فقد جاءت المظاهرات نتيجة تدخل قيادات في الشرعية محسوبة على حزب الإصلاح في شؤون المحافظة الغنية بالنفط والغاز ومحاولة إلحاقها عسكريا بالمنطقة العسكرية الثالثة في مأرب، إضافة إلى افتعال خلافات مع قوات النخبة الشبوانية التي نجحت في تطهير مناطق شبوة من عناصر القاعدة.
ويقول يمنيون إنّ فصائل من القوات اليمنية باتت منصرفة عن المعركة الأساسية ضدّ جماعة الحوثي المدعومة من إيران، نحو معارك جانبية ضدّ معارضي حزب الإصلاح وخصومه على غرار ما هو جار بعدّة مناطق على رأسها محافظتا تعز وشبوة.
وأصدرت اللجنة المنظمة للمظاهرة الإثنين بيانا قالت فيه إنّ التحرّكات الجماهيرية بعتق جاءت “نتيجة للأحداث والتطورات التي حصلت في مركز محافظة شبوة والمحاولة الفاشلة لنقل صراعات الأجنحة المعادية لشبوة والجنوب عامة والمتنافسة على خيرات وثروات المحافظة والتي لم ترق لها حالة الاستقرار الأمني وعودة الأمور إلى طبيعتها بعد أن تم تحرير شبوة بفضل رجالها الأبطال.. ودعم إخواننا في التحالف العربي”.
وأضاف ذات البيان “نحتشد اليوم في عتق استشعارا منا بحجم المخاطر التي تهدد شبوة، وتتربص بأمنها واستقرارها للعودة بها إلى الفوضى والانفلات الذي عانت منه كثيرا، قبل تواجد وانتشار إخواننا وأبنائنا في قوات النخبة الشبوانية”.
وفي إشارة واضحة إلى الدور السلبي لجماعة الإخوان المسلمين، ورد بالبيان “نؤكد على رفضنا لكل ما يحاك ضد المحافظة من مخططات شيطانية لحزب الإصلاح الذي بدأ يكشف حقده الدفين وقبح مآربه بهدف استلاب قرارنا والتحكم بثرواتنا ومقدراتنا عن طريق الزج بنا في صراعات بينية من خلال أدواته المسخّرة لخدمة مخططاته الخبيثة وأطماعه الجشعة”.
ووجّه البيان مطالبه للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في مواجهة المتمرّدين الحوثيين “بوضع حد لما دأبت عليه المنطقة العسكرية الثالثة من تصرفات وممارسات مسيسة بغية إضعاف وخلخلة الأوضاع الأمنية بمحافظة شبوة ما يجعلها مهددة لأن تسقط مرة أخرى في دوامة الفوضى والإرهاب”.
وقال مُصدرو البيان “إننا نرفض بقوة الولاء الحزبي في المؤسسة العسكرية والأمنية وندعو الجهات المسؤولة لتحمل مسؤوليتها في الحد من ذلك”. وجدد المتظاهرون دعمهم ومساندتهم للنخبة الشبوانية التي تحظى بتأييد ومساندة شعبية لكافة جهودها والتي ساهمت في إعادة الأجواء الطبيعية لمدن شبوة التي تعرضت لموجة إرهابية من تنظيم القاعدة عقب الانقلاب الحوثي، مستفيدة من حالة الفراغ الأمني.
وفي تصريح لـ“العرب” وصف منصور صالح نائب رئيس الهيئة الإعلامية للمجلس الانتقالي التظاهرات التي شهدتها شبوة بأنها تأكيد على الالتفاف الكبير لأبناء المحافظة خلف نخبتهم ورفض محاولات الإخوان العبث بأمن واستقرار المحافظة.
ولفت صالح إلى أن “التظاهرة مثلت استفتاء صريحا أظهر التأييد وعبر عن الشكر لجهود التحالف ومواقفه الداعمة للمحافظة وللجنوب، كما عبر عن الثقة بالنخبة الشبوانية التي استطاعت وبدعم كبير من دولة الإمارات أن تقدم نموذجا مميزا في تثبيت الأمن والاستقرار وانتشال المحافظة من حالة الفوضى التي كانت تعيشها”.
وأضاف “نعتقد أنه لا بد من احترام موقف هذه الجماهير والاستماع لمطالبها التي تقدمت بها من خلال البيان الصادر عن الفعالية ومن ذلك تفويضها للنخبة الشبوانية بتحمل مهام حماية أمن واستقرار شبوة واعتبارها منطقة عسكرية مستقلة ورفض أن تكون المحافظة ملحقة بمأرب، ورفض وجود قوات من خارج المحافظة”.
واعتبر القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي أن الحراك الشعبي الذي شهدته محافظة شبوة وقبل ذلك سقطرى حمل دلالات سياسية أظهرت الالتفاف الجماهيري حول المجلس الانتقالي وحجم تأثيره وحضوره القوي رغم التحريض الإعلامي الكبير عليه، وهو ما يؤكد، وفقا لصالح، حقيقة أن “المجلس الانتقالي الجنوبي هو الكيان السياسي الأبرز في الجنوب والذي يتمتع بتأييد شعبي واسع يمنحه حق تمثيل الجنوب وحمل قضيّته”.
ومن جانبه، أكد الباحث السياسي حسين لقور بن عيدان في تصريح لـ“العرب” على أن ما جرى في شبوة، ليس صراعا بين النخبة والجيش وقوات الأمن كما يعتقد البعض، بل تعبير عن مشروعين سياسيين متناقضين.
وأضاف بن عيدان وهو أحد أبناء شبوة “الصراع بدأ منذ ربع قرن وهو صراع بين من حملوا هموم شبوة خاصة وهموم الجنوب عموما، وقدموا مشروعا أراد إنهاء معاناة المحافظة من الهجمة الشرسة التي قادتها أطراف مشروع تحالف 7 يوليو 1994 التي طالت كل شيء ودمرت النسيج الاجتماعي من خلال إثارة الثارات وتقاسمت مصادر الثروة فيها”.
وأشار بن عيدان إلى أن المظاهرات امتداد لمشروع الحراك السلمي الذي استطاع أن يجد في شبوة البيئة الحاضنة وقاد نضالا شرسا حتى جاء عام 2015 وقال كلمته في مواجهة الغزو الحوثي واستطاع هزيمته.
واعتبر أن ما جرى في مركز شبوة اليوم ليس إلا انتصارا سياسيا جديدا لمشروع شبوة الوطني ومكانها في الجنوب في مواجهة قوى تريد إحياء الفتنة لضمان بقاء قوى النفوذ في الشرعية وهيمنتها على القرار السياسي والاقتصادي في شبوة.