كريتر نت / كتب- علي رجب
أعلن المُتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، العقيد الركن تركي المالكي، أول أمس الثلاثاء 25 يونيو 2019، أن القوات الخاصة السعودية، ونظيرتها اليمنية نفذت عملية نوعية ناجحة بالداخل اليمني، تم على أثرها إلقاء القبض على أمير تنظيم داعش الإرهابي باليمن الملقب بـ(أبو أسامة المهاجر) والمسؤول المالي للتنظيم وعدد من أعضاء التنظيم المرافقين له، ليكشف عن الوضع الهش لتنظيم البغدادي في اليمن، وغياب الحضور الذي يتمتع به في عدة دول أخرى، ونجاح التحالف في مواجهة التنظيم الإرهابي.
مُنذ نوفمبر 2015 دخل «داعش» المشهد اليمني وبث «أبوبكر البغدادي» زعيم التنظيم، تسجيلًا صوتيًّا يعلن فيه قبول قسم الولاء من المسلحين في اليمن، ووقتها كان «القاعدة»، التنظيم الأبرز واللاعب الإرهابي الوحيد في اليمن، وهو ما يبرز حجم التباين بالنسبة للتنظيمين وقوة رغبتهما في السيطرة على المناطق، فالأمر بالنسبة للقاعدة صراع من أجل الوجود، وإزاحة لهذا الدخيل من الساحة، إلا أن «داعش» الذي كان يبحث عن موطئ قدم، تمكّن -سريعا- من شن العديد من الهجمات في جميع أنحاء البلاد، وأنشأ على عجل فروعًا عدّة له في كل من محافظات: عدن، أبين، البيضاء، حضرموت، إب، تعز، لحج، صنعاء وشبوة، ولكن هذه الهجمات لم تحقق له الزخم المطلوب، وتجنيد عناصر ومقاتلين جدد مع خسارة التتنظيم دولته في العراق وسوريا.
ويمكن رصد أسباب فشل تنظيم داعش في اليمن، وعدم إحراز أي واحد من النجاحات المرجوة من قبل قيادة التنظيم في العراق وسوريا، وهي أسباب مرتبطة بالبيئة اليمنية ذاتها، علاوة على حساسية الأوضاع القبلية في الإقليم.
البيئة اليمنية
رغم انتشار حالة فراغ في القوة يمكن استغلاله، مع انقلاب ميليشيا الحوثي على حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي وسيطرة الحوثيين على صناعة في سبتمبر 2014، وما تبعه من إعلان التحالف العربي في مارس 2015، عملية عاصفة الحزم، لدعم و‘عادة الشرعية، لم يشفع ذلك لحضور قوى لداعش في اليمن، رغم تدشين حضوره بسلسلىة عملبيات ارهابية استهدف الجيش والشرطة في اليمن.
ولم يستطع تنظيم «داعش» منذ ذلك الحين الانتشار في اليمن، وفشلت استراتيجية التخويف في جذب أنصار جدد لخانة الولاء له، وذلك لطبيعة الشخصية اليمنية، ذات التركيبة القبائلية؛ حيث فشل التنظيم في استقطاب أي قبيلة يمنية للانضمام تحت رايته، وبقي منبذو من قبل اليمنيين لما يحمله من أفكار متشددة واقدامه على ارتكاب جرائم لم يكونوا معتادين عليها؛ حيث كانت القاعدة تستهدف في عملياتها المصالح الأجنبية وخاصة الأمريكية؛ فيما استهدف داعش الجيس والأمن اليمني.
وبحسب ما نشرته صحيفة «النبأ» الداعشية في عددها الـ77، فإن مستوى الإقبال على الالتحاق بالتنظيم في اليمن، لم يبلغ الحد المأمول، ويبلغ عدد الملتحقين بالدورات التي تعقدها المعسكرات الداعشية هناك في فترات مختلفة يتراوح مابين 30 و 40 عنصرًا في الدورة الواحدة.
وأعرب عشرات الأعضاء من تنظيم داعش علانية عن تذمرهم من قيادات التنظيم الإرهابي، معتبرين إياهم غرباء عن البلد ومنفصلين عن الواقع، ويتهمونهم أيضًا بممارسة أعمال وحشية متطرفة، والاستخفاف بالمقاتلين واتخاذ قرارات ضعيفة في ميدان القتال.
الصراع مع القاعدة
في اليمن وجد داعش، خصمًا قويا، وصاحب حضور وتاريخ إرهابي داخل البلاد، وهو تنظيم القاعدة، والذي صنف بأنه أقوى فروع القاعدة في العالم، ويحظى بحضور قوى لدى التنظيم الأم في أفغانسان بقيادة أيمن الظواهري، وحمزة بن لادن، نجل مؤسس التنظيم الإرهابي أسامة بن لادن.
وفي منتصف يوليو 2018 شهدت «البيضاء» معارك ضارية بين «القاعدة» و«داعش»، أسفرت عن مقتل 14 من عناصر «القاعدة»، و22 من عناصر «داعش»، وبث الأخير مقطع فيديو يظهر أعضاء من «القاعدة» أسرهم في قيفة، وردًّا على ذلك هاجم «القاعدة» موقعًا لـ«داعش»، وقتل أكثر من 25 عضوًا، واستولى على أسلحة وسيارات عسكرية، ما أدى إلى تراجع مكانة داعش وسط المتطرفين في اليمن.
وتشير التقديرات إلى أن مسلحي التنظيم في اليمن يقارب عدد المئات مقارنة بوجود آلاف المقاتلين في صفوف تنظيم القاعدة هناك.
بيئة اجتماعية
فيما كان تنظيم القاعدة يقدم الخدمات الاجتماعية وتوفير السلع الغذائية، وتقديم خدمات صحية إلى اليمنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرته، فشل تنظيم داعش في تقديم مثل هذه الأعمال، مما افقده البيئة الشعبية الحاضنة.
ولذلك عجز التنظيم عن الانتشار وبناء فرع قوي في اليمن، وبعد ان فشل على إقامة روابط مع القبائل اليمنية.
سقوط التنظيم.
رابع العوامل التي أدت إلى فشل فرع تنظيم داعش في اليمن، هو سقوط داعش في العراق وسوريا، وتحطم شكل الخلافة المزعوم، ما أدى إلى غياب الحماس لدى المتطرفين في اليمن للانضمام إلى تنظيم مهزوم.