كريتر نت / صحف
حمل إعلان الحوثيين عن استهدافهم الأراضي السعودية بطائرات مسيرة غداة زيارة المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى صنعاء ولقائه قادة الانقلاب هناك، رسالة سلبية إلى المجتمع الدولي تظهر عدم استجابتهم لجهود السلام، وتؤكّد تنفيذهم لأجندة خارجية مرتبطة بمصالح إيران والصراع الذي تخوضه ضدّ خصومها الدوليين والإقليميين ومن بينهم المملكة العربية السعودية.
ويعود غريفيث الخميس إلى مجلس الأمن الدولي لعرض خلاصة جولته الجديدة التي شملت كلا من موسكو والرياض وأبوظبي ومسقط، واختتمها قبل العودة إلى العاصمة الأردنية عمّان بزيارة إلى صنعاء حيث التقى زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي واصطدم بمواقفه المتشدّدة بشأن تنفيذ اتفاق ستوكهولم وبمطالبه المشطة بشأن تنفيذ تبادل انتقائي للأسرى والحصول على أموال من الحكومة المعترف بها دوليا لتمويل عملية إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة المتمرّدين.
وقالت جماعة الحوثي اليمنية التابعة لإيران إنها شنت هجوما بطائرات مسيرة على مطار جازان في جنوب غرب السعودية في وقت مبكر من يوم الأربعاء، بينما أكّد التحالف الذي تقوده السعودية دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا اعتراضه طائرة مسيرة للحوثيين كانت متجهة إلى أهداف مدنية في جازان وإسقاطها قبل بلوغ وجهتها.
وفي وقت سابق قال التحالف إنه اعترض وأسقط ثلاث طائرات مسيرة تابعة للحوثيين كانت في طريقها لمدينتي جازان وأبها في جنوب غرب السعودية قرب الحدود مع اليمن.
وجاء التصعيد الحوثي بينما كان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يستكمل جولته في المنطقة في محاولة لإنعاش مسار السلام الذي توقّف عمليا بعد توقيع اتفاق في العاصمة السويدية ستوكهولم بين الأفرقاء اليمنيين نص على وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة بغرب اليمن وتنفيذ إعادة انتشار للقوات في المحافظ وتبادل الآلاف من الأسرى لدى الحوثيين والحكومة اليمنية، غير أن شيئا من تلك البنود لم ينفّذ الأمر الذي عدّ فشلا لجهود الدبلوماسي البريطاني السابق غريفيث.
وشككت مصادر سياسية في قدرة المبعوث الأممي إلى اليمن الذي وصل الثلاثاء إلى صنعاء في إحراز أي اختراق في مسار الأزمة اليمنية. وأشارت في تصريح لـ”العرب” إلى أن آمال المبعوث تراجعت إلى درجة اقتصار جهوده الأخيرة على محاولة منع انهيار اتفاق الهدنة في الحديدة وفتح آفاق جولة جديدة من الحوار حول آليات تنفيذ خطة إعادة الانتشار في مرحلتها الأولى.
وأكدت ذات المصادر فشل غريفيث في تكوين موقف دولي وإقليمي موحد حول اليمن في منأى عن الفرقاء اليمنيين، وبلورة حلول خارج إطار اتفاقات السويد والمرجعيات الثلاث التي تبنتها قرارات مجلس الأمن الدولي ويعتبرها المبعوث الأممي من معوقات تحقيق التسوية السياسية في الملف اليمني.
ووفقا لمصادر دبلوماسية فقد انهارت أجندة غريفيث السياسية التي تركزت حول تكثيف الضغوط الخارجية على الحكومة اليمنية، حيث قوبلت تحركاته في هذا السياق بموقف حكومي غير متوقع إثر تجميد الحكومة اليمنية لعلاقتها معه ورفض الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي استقباله خلال الثلاثة أشهر الماضية في أعقاب الشكوى الرسمية التي تقدم بها للأمين العام للأمم المتحدة.
وأجبر موقف الحكومة اليمنية المبعوث الأممي على إعادة النظر في خططه لإحلال السلام في اليمن التي تراوح مكانها منذ التوقيع على اتفاقات السويد في ديسمبر 2018، في ظل حالة ارتباك تسود جهود غريفيث التي تتأرجح وفقا لمراقبين ما بين البحث عن حلول جزئية للملفات العالقة وإعادة التفاوض حول تسوية شاملة تتضمن حزمة واحدة من الحلول السياسية والاقتصادية والأمنية.
ووصف مراقبون تحركات غريفيث الأخيرة ولقائه بالرئيس هادي في الرياض وزعيم الحوثيين في صنعاء بأنها تكرار لجولاته السابقة التي كانت تسبق كل إحاطة يقدمها لمجلس الأمن الدولي.
واعتبر عزت مصطفى رئيس مركز فنار لبحوث السياسات في تصريح لـ”العرب” أن الجدوى من تحركات مارتن غريفيث الأخيرة وجولاته في عدد من العواصم ستظهر بعد جلسة مجلس الأمن الدولي، مرجحا أن تكون تلك التحركات لطمأنه المجلس بأن العملية السياسية التي يديرها مازالت تسير كغاية قصوى لتحرّكاته.
وشدّد مصطفى على أن تحركات المبعوث الأممي لن تكون كافية لدفع العملية السياسية في اليمن إلى الأمام، إلا في حال كانت طمأنة مجلس الأمن هي وسيلة لتحقيق الغاية الأكبر وهي المضي قدما في عملية السلام التي تشكل جوهر مهمة غريفيث، وهذا الأمر سيتطلب منه أيضا تعديل طريقته في إدارة الملف بشكل ملحوظ وملموس على الطاولة وعلى الأرض.
وقلل مراقبون سياسيون من أهمية الاتفاق الجزئي الذي تم الإعلان عن توقيعه بين ممثلي الحكومة الشرعية وميليشيا الحوثي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة التي رأسها للمرة الأخيرة الجنرال مايكل لوليسغارد الذي انتهت مهمته على رأس بعثة المراقبين الدوليين في الحديدة.
وأكدت مصادر خاصة لـ”العرب” أن الآلية الجديدة التي تم التوافق عليها حول إجراءات وقف إطلاق النار هي بمثابة تأكيد على الالتزام باتفاقات ستوكهولم دون التوافق على خطوات حقيقية لتنفيذها على الأرض، مشيرة إلى أن الفرقاء اليمنيين قرروا في جلسة السفينة العابرة في الحديدة منح هذا الاتفاق “كهدية” لرئيس بعثة المراقبين الدوليين قبيل مغادرته منصبه وإنهاء مهامه بتقديم تقريره الأخير لمجلس الأمن الدولي.