كريتر نت / متابعات
حذر عاملون ومختصون في مجال الآثار في صنعاء من مغبة استمرار عبث المليشيات الحوثية بالمخطوطات الواقعة تحت سيطرتها، بعد إخراجها بذريعة الترميم بما في ذلك أقدم نسخة مخطوطة من القرآن الكريم عثر عليها في الجامع الكبير في صنعاء
وأوضح أكاديميون وناشطون أن الجماعة تكثف جهودها في مجال الآثار والمخطوطات بهدف تهريبها إلى جهات إيرانية ومرجعيات في الحوزات الخمينية إلى جانب سعي الجماعة إلى إخفاء كافة المخطوطات التي تتعارض مع أفكارها الطائفية أو تلك التي تدل على الإرث الحضاري والثقافي لليمن.
وتقوم المليشيات بالتنقيب في الجوامع التاريخية والأثرية بصنعاء، وفي شبام كوكبان بالمحويت، وفي كل من مساجد صعدة وذمار وزبيد وصنعاء القديمة وجبلة والجند، والتي يتوقع انها تحتوي على كميات ضخمة من المخطوطات وتمثل ذاكرة اليمن عبر القرون الماضية.
وناشد ناشطون يمنيون منظمة اليونيسكو وكل المنظمات الدولية المهتمة بالآثار لسرعة التدخل وإيقاف العبث الحوثي بالمخطوطات اليمنية والتي تعد من أندر المخطوطات عالمياً في مختلف المجالات والعلوم، داعين إلى وضع حد لعمليات التهريب والإخفاء والاتجار المنظم بالمخطوطات اليمنية من قبل الجماعة الموالية لإيران.
وفيما تتعرض المخطوطات اليمنية في دار المخطوطات بصنعاء لإهمال كبيرة إلى جانب استنزاف لمحتوياتها من الكنوز الأثرية، كثفت الجماعة الحوثية من أعمال البحث والتنقيب عن الآثار والمخطوطات وبصائر الوقف في الجامع الكبير، حيث يستهدف التنقيب مخازن المخطوطات في جدران الجامع الذي يعد أقدم جامع في اليمن ويعود تاريخ بنائه إلى القرن الأول الهجري.
وأفصح مصدر مطلع في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، فضل عدم ذكر اسمه لاعتبارات تتعلق بسلامته، عن أن بعض المخطوطات المهمة أخذت إلى قيادات حوثية، مشيرا إلى أن ذلك يعد مخالفة واضحة للوائح المنظمة للمكتبة والتي تحرم إخراج أي مخطوط أو إعارته لأي شخص كان.
ويعرب خبراء وباحثون يمنيون عن قلقهم جراء مصادرة الميليشيات الحوثية لأهم المخطوطات النادرة ويقولون “يتعامل الحوثيون مع المخطوطات كملكية خاصة كما كان يتعامل الأئمة أسلافهم قبل 1962″، مشيرين إلى استعادة كميات كبيرة من خزائن وقصور الأئمة بعد ثورة 1962 لتنقل بعدها إلى مكتبة الجامع الكبير وسميت بالمكتبة الغربية إضافة إلى مكتبة الأوقاف.
وسعت الميليشيات خلال الأربع سنوات إلى إخفاء وتدمير مئات المخطوطات والكتب التي تخالف فكر الجماعة الحوثية أو تحاول تسليط الضوء على جرائم حكم الأئمة في اليمن خلال الألف خلال القرون الماضية.
ويقوم مشرفو الجماعة على قطاع الآثار والمخطوطات بنهب وإتلاف عشرات المخطوطات المتعلقة بأفكار بعض الجماعات الفلسفية والمذهبية التاريخية التي كانت موجودة في اليمن مثل كتب المعتزلة والمطرفية والمتصوفة وكتب الجماعات السنية.
وأكد مسؤول كبير في وزارة الأوقاف الخاضعة للميليشيات في صنعاء، أن مكتب الأوقاف والإرشاد بأمانة العاصمة سلم لدار المخطوطات التابع لوزارة الثقافة المحتلة في صنعاء، 11 ألفا و817 مخطوطا عثر عليها بداخل قباب العوسجة في الجامع الكبير بصنعاء، لكن اتضح لاحقا أن نصف هذه الكمية فقط هو الذي تم تسليمه في حين اختفى النصف الآخر.
وأضاف في 2014 تم اكتشاف 1250 مخطوطا في ضريح أحد الأئمة بجامع صلاح الدين غرب صنعاء القديمة وتتميز بأنها مزخرفة، حتى أن بعضها موشى بالذهب، وحين نسأل أين اختفت ولماذا لم توضع في المكتبة يزعمون أنها تحتاج إلى ترميم، رغم أن لجنة متخصصة كانت قامت بترميمها.
ويؤكد باحثون متخصصون بالآثار والمخطوطات انه تحت حجة ترميم وتصوير مخطوطات المكتبة الغربية للجامع الكبير منذ بدء العمل في المشروع بداية العام الماضي 2018 تتم إجراء ترميمات غايتها التنقيب للبحث عن مخطوطات ومصادرتها.
ويؤكدون هناك مخطوطات قديمة ونادرة يعود بعضها إلى القرنين السادس والسابع الهجريين وتنوعت ما بين مصاحف ومؤلفات تختفي من المكتبات يوما بعد يوم ولم نعد نجدها.
وتكتسب قباب العوسجة، أهمية تاريخية ومكانة دينية حيث تقع ضمن محيط الجامع الكبير في الركن الجنوبي الغربي ومن الجهة الغربية للجامع وتعد إحدى أهم معالمه وملحقاته وتمثل جزءا أساسيا من تاريخه.
ويقول سكان في صنعاء إن ميليشيات الحوثي لم تكتف بنهب المخطوطات والتنقيب في المواقع الأثرية ومصادرتها بل شنت حملات على العائلات والأهالي الذين يملكون كتبا ومخطوطات ورثوها عن أجدادهم وفتحت تحقيقات معهم وقامت بمصادرة ما وجدوه لصالح المكتبات الخاصة بالقيادات الحوثية.
وفي الوقت الذي صعدت الميليشيات من عمليات السطو على المخطوطات أكد باحث يمني أن هذه الأعمال تكررت مع الكثير من ملاك المكتبات الخاصة التي توارثوها أبا عن جد في مدينة زبيد التاريخية جنوب الحديدة، الأمر الذي جعل ملاك المكتبات الخاصة يتخذون قرارا بإغلاق مكتباتهم أمام كل الباحثين والمحققين في الآثار والمخطوطات اليمنية، خشية أن تمتد إليها أيادي الجماعة.
وتضم مدينة زبيد وحدها أكثر من 26 مكتبة خاصة وعامة غالبيتها أغلقت بسبب ممارسات الميليشيات الحوثية وابتزازهم ونهبهم فضلا عن عدم قدرة ملاكها على دفع حقوق ورواتب الموظفين والعاملين فيها.
ويقدر عدد المخطوطات في مدينة زبيد وحدها بأكثر من 10 آلاف مخطوط في علوم الجبر والتاريخ والحديث والأنساب والرياضيات وعلم الحساب والطب وغيرها.
وتتعدد موضوعات المخطوطات اليمنية، منها في علوم القرآن وعلوم الحديث (المسندات والصحاح) وعلم أصول الدين (علم الكلام) وعلم أصول الفقه وعلم الفرائض (المواريث) وعلم اللغة العربية نحو وصرف وبلاغة وعروض ومنطق، وهناك مؤلفات في التاريخ والأدب والفنون والسير والتراجم والمعاجم والقواميس والطب والزراعة والفلك والفلسفة والنبات.
وتشتهر مناطق صنعاء وحضرموت وصعدة وذمار وزبيد بأنها تحتوي على ثلاثة أرباع المخطوطات في اليمن، وتتوزع البقية في مناطق متناثرة مثل جبلة والجند بمدينة تعز والبيضاء والمحويت، حيث تعد اليمن من بين أكبر الدول على مستوى العالم من حيث عدد مخطوطاتها.