كريتر نت / صحف
يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي لإنجاح الدعوة التي وجهتها السعودية إلى التهدئة في العاصمة المؤقتة عدن، ويجهز نفسه للمشاركة في اجتماع جدة، الذي من المنتظر أن يفضي إلى تحويل تلك الدعوة إلى اتفاق ملزم لجميع الأطراف.
ويبدي قادة المجلس الانتقالي مرونة كبيرة لتسهيل تنفيذ المبادرة السعودية رغم أن قواتهم حققت تقدما سريعا وحاسما على الأرض، وهو ما يعكس وفق متابعين للشأن اليمني، رغبة جدية في إعطاء دول التحالف العربي مقود القيادة لتحقيق سلام حقيقي وغير مفتعل في عدن بين مختلف مكونات المشهد اليمني، فضلا عن التأكيد على أن ما جرى في العاصمة المؤقتة لا يجب أن يحول دون استمرار الحرب على المتمردين الحوثيين المرتبطين بإيران.
وقالت مصادر يمنية مطّلعة لـ”العرب” إن القبول بالتهدئة والاستعداد للمشاركة في لقاء جدة وتقديم التنازلات الكافية لإنجاحه وتصويب اتجاه المعركة لن يحول دون كشف حقيقة ما جرى في الأحداث الأخيرة.
وكشفت المصادر عن أن المجلس الانتقالي يعدّ ملفات تفصيلية وبالأدلة عن الانتهاكات والإساءات والتآمر على الانتقالي، التي تورطت فيها قوات “الشرعية” التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الإخواني، ودورها ليس فقط في المواجهات التي سبقت العيد ومحاولتها فرض واقع جديد مستفيدة من تواجد القوات الجنوبية في مواقع المواجهة ضد الحوثيين في مناطق خارج عدن، ولكن أيضا علاقتها بالهجوم الذي استهدف الاستعراض العسكري مطلع شهر أغسطس ومقتل قائد قوات الدعم والإسناد، منير اليافعي (أبواليمامة)، وعدد من الجنود.
وأضافت المصادر ذاتها أن الانتقالي سيطالب في لقاء جدة بإعادة تقييم التوازنات على الأرض، وتحديد الأدوار وحجم التأثير لكل القوى في الحرب على الحوثيين، مشيرة إلى أن قوات الرئاسة ضعيفة ومفككة ولا يعتمد عليها وأنها استسلمت بسهولة أمام الانتقالي مما يعني عدم التعويل عليها في أي مواجهات مع الحوثيين الذين تعتبرهم السعودية عدوها الأول.
وكانت السعودية دعت، السبت، أطراف النزاع في عدن إلى اجتماع عاجل بهدف “مناقشة الخلافات وتغليب الحكمة والحوار”، وذلك بعد لقاء بين العاهل السعودي والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
ويعتقد المتابعون للشأن اليمني أن الانتقالي خرج أكثر قوة ووزنا بعد الأحداث الأخيرة، ليس فقط كقوة عسكرية، ولكن وهذا الأهم كونه الطرف الأكثر استعدادا لقيادة مهمة تحجيم الحوثيين وطردهم من مواقع النفوذ التي سيطروا عليها بقوة السلاح، ما يجعله الواجهة الأقرب إلى التحالف العربي والأكثر مصداقية بعد تراجع أداء الحكومة وواجهاتها المختلفة والشكوك التي تثار حولها بشأن الأجندات التي باتت تنفذ باسمها.
ويشير هؤلاء إلى أن استراتيجية التحالف الجديدة القائمة على تفويض المهمات القتالية على الأرض للقوى اليمنية بعد تدريبها وتأهيلها تجعل القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجهة الأكثر قدرة على تنفيذ هذا الخيار، ما يخفف العبء عن قوات التحالف التي ستستمر بالأنشطة ذات العلاقة بالبعد الاستخباري والدعم اللوجستي والتغطية الجوية لتحرك المقاومة الجنوبية والأحزمة الأمنية.
وفيما يضع الانتقالي نفسه في واجهة الفعل الميداني، باتت فصائل “الشرعية” عبئا على السعودية التي تقود التحالف العربي، وعملت ما في وسعها لتطوير أداء حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي عسكريا وسياسيا، لكن الأمر ظل دون نتائج، وهو ما يجعل القيادة السعودية تراهن على القوات الجنوبية القتالية المدربة من الإمارات.
وارتفعت أسهم الانتقالي سعوديا بعد نجاحه في التحرك سريعا لوقف التمدد الحوثي جنوبا بعد إفشاله هجوما مباغتا لهم على يافع (انظر ص7) في حين أن قوات الرئاسة لم تفعل إلا الاسترخاء ومحاولة بسط السيطرة على عدن.
وكان الانتقالي يعتقد أن التنسيق مع الإمارات يكفي، لكنه يدرك الآن أنه ما كان عليه ترك الساحة خالية أمام التأثيرات السلبية لحزب الإصلاح الإخواني ولقوى محسوبة على “الشرعية” لم تفوت فرصة إلا واستخدمتها لضرب مصداقية المجلس ودوره.
وأكد عيدروس الزبيدي قائد المجلس الانتقالي، الأحد، استعداده للمشاركة في الاجتماع الذي دعا إليه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، بانفتاح كامل، مشيرا إلى أن الانتقالي مستعد للعمل بشكل مسؤول مع قيادة التحالف العربي في إدارة الأزمة، انطلاقا من “موقف المجلس الثابت بالوقوف الكامل مع التحالف العربي لمحاربة التمدد الإيراني في المنطقة”.
ويقول مراقبون يمنيون إن أحداث عدن الأخيرة ستساهم جديا في إعادة تصويب الأوضاع على الجبهة المناوئة للحوثيين، وإن التحالف العربي أتيحت له فرصة حقيقية لمعرفة القوى الفاعلة والتي يمكن أن تتماشى مع خططه كما كشفت له الفصائل التي تعيق عمله وتقدم أجنداتها الخاصة على مهمة التحرير.