كريتر نت / متابعات
حذر سياسيون يمنيون من خطورة محاولات دفع الإمارات إلى مغادرة اليمن، على الوضع الهش لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي في المدن المستعادة من ميليشيات الحوثي.
واعتبروا أن إنهاء دور القوات الإماراتية في اليمن يعني بالضرورة عودة الحوثيين والتنظيمات المتطرفة للمدن التي تتمركز فيها قوات الشرعية، مشيرين إلى أن القوات المرتبطة بالرئاسة اليمنية أضعف من مواجهة الحوثيين وتنظيم القاعدة والقوى المتطرفة المرتبطة به.
وعملت القوات الإماراتية بالتعاون مع قوات التحالف العربي بعد استعادة المدن الجنوبية في اليمن من الميليشيات الحوثية على إعادة تأهيل المنشآت المدنية وتقديم الخدمات، وأسهمت في تدريب قوات يمنية ما زالت إلى الآن هي القوات الرئيسية التي تقاتل الحوثيين.
وفشلت القوات اليمنية، خصوصا تلك المرتبطة بنائب الرئيس علي محسن صالح الأحمر في إحراز أي تقدم خلال السنوات الماضية، بينما أغلب المدن تمت استعادتها من الحوثيين بواسطة قوات الحزام الأمني وقوات المقاومة الوطنية والتهامية والوية العمالقة التي أشرفت القوات الإماراتية على تدريبها وتأهيلها وتسليحها.
وحذر سياسيون يمنيون من أن دعوات التيار الموالي لحزب الإصلاح في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي تهدف بالدرجة الأساس إلى شق التحالف العربي بين السعودية والإمارات لمصلحة قطر.
وقال العميد صادق دويد الناطق باسم المقاومة اليمنية إن “الإمارات هي الشريك الفاعل في التحالف العربي وبذلت الكثير من الرجال والمال والدعم السياسي لتحرير اليمن من ظلمة الكهنوت الحوثي مع السعودية، وهما البلدان اللذان يمثلان جدار الصد العربي تجاه المشروع الإيراني الشرير”.
وينظر حزب الإصلاح إلى دور الإمارات على أنه أحد أبرز العوامل المعيقة لاستكمال سيطرة التنظيم الراديكالي على المناطق المحررة في جنوب اليمن التي ظلت بعيدة عن هيمنة الحزب، على الرغم من محاولات استدعاء فاعلين جدد للمشهد اليمني مثل تركيا وسلطنة عمان وقطر وهو المثلث الإقليمي الذي ترتكز رؤيته للحل في اليمن على قاعدة تقسيم النفوذ بين الحوثيين والإخوان.
ويعد التصعيد الإعلامي والسياسي الذي تقوده حكومة منصور هادي ضد دولة الإمارات العضو الفاعل والرئيسي في التحالف العربي انعكاسا طبيعيا لهيمنة حزب الإصلاح على الحكومة اليمنية، واستمرارا للنهج الذي اتبعه الحزب الإخواني في محاولة لإرباك التحالف الذي تصاعد بشكل ملحوظ منذ إنهاء مشاركة قطر في منتصف 2017.
وتبنت الحكومة اليمنية رسميا مواقف متطرفة تزعمها إخوان اليمن وإعلام قطر ضد الإمارات قائمة على التشكيك في دورها في اليمن في أعقاب سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن وطرد قوات عسكرية تابعة للحكومة الشرعية.
وأصدرت الحكومة اليمنية بيانا اتهمت فيه الإمارات بالوقوف خلف ما أسمته “تمرد عدن” وحمّل البيان الإمارات “المسؤولية الكاملة عن التمرد المسلح لميليشيا ما يسمى بالمجلس الانتقالي وما ترتب عليه”، وطالبها بإيقاف “كافة أشكال الدعم والتمويل لهذه الميليشيات”، كما سرب أعضاء الحكومة خبر توجيه رسالة إلى الرئيس هادي لمطالبته بإنهاء مشاركة الإمارات في التحالف.
ولوح بيان صادر عن هيئة مجلس النواب اليمني، الأربعاء، بإجراءات تصعيدية جديدة، حيث نوه بيان البرلمان بمطالبة هيئة رئاسة الرئيس هادي “باستخدام صلاحيته الدستورية لمراجعة العلاقات مع التحالف العربي، الذي تقوده السعودية” في إشارة إلى إمكانية إقدام الشرعية على مطالبة الإمارات بإنهاء دورها كعضو في التحالف العربي لدعم الشرعية.
وامتد التصعيد إلى أروقة مجلس الأمن الدولي بعد اتهام مندوب اليمن لدى المجلس دولة الإمارات، الثلاثاء، بدعم “تمرد عدن” ماليا وعسكريا وإعلاميا، وطالب مندوب اليمن في الأمم المتحدة، عبدالله السعدي في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي الإمارات بالوقف الفوري لدعم تلك “الميليشيات المتمردة والالتزام بأهداف التحالف”.
وفي أول رد على التصعيد الحكومي اليمني ضد الإمارات، أعربت أبوظبي على لسان سعود الشامسي القائم بأعمال بعثة الإمارات لدى الأمم المتحدة، عن أسف بلاده الشديد “ورفضها القاطع جملة وتفصيلا لجميع المزاعم والادعاءات التي وُجهت إليها حول التطورات في عدن، مجددة موقفها الثابت كشريك في التحالف، والعازم على مواصلة بذل قصارى جهودها لتهدئة الوضع الراهن في جنوب اليمن”.
ووصف الإعلامي اليمني ورئيس تحرير موقع “يافع نيوز” ياسر اليافعي الدور الإماراتي في إطار التحالف العربي بأنه كان بارزا وأساسيا وتميز بتحقيقه نجاحات سريعة على أصعدة مختلفة منها تحرير المحافظات الجنوبية من ميليشيا الحوثي وصولا إلى الحديدة ومن ثم تأمين هذه المحافظات وتطهيرها من القاعدة ودعم عملية تطبيع الحياة فيها.
وأشار اليافعي في تصريح لـ”العرب” إلى أن أي انسحاب للإمارات في هذه المرحلة سيكون له تأثير على كل المسارات السالفة والمستفيد من ذلك سيكون الحوثي والإرهاب وتنظيم الإخوان الدولي.
وأضاف “هذه الأطراف مجتمعة هي من تطالب بمغادرة الإمارات وكل طرف يستخدم أسلوبه ومنها حزب الإصلاح الذي بات يستخدم الشرعية التي سيطر على القرار فيها لتنفيذ أجندته وهي أجندة ليست لليمن علاقة بها”.
وفي اتصال هاتفي مع “العرب” من الساحل الغربي، لفت الصحافي اليمني سياف الغرباني إلى حساب الانعكاسات العسكرية والسياسية، التي قد تترتب على انسحاب دولة الإمارات العربية المتحدة، من اليمن، حال قررت ذلك، يبدأ بتحليل الصورة العامة للدور الذي أدته الإمارات ضمن التحالف، منذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم.
وقال الغرباني إن الإمارات لعبت دورا عسكريا حاسما منذ اللحظات الأولى لهدير مقاتلات التحالف في سماء اليمن، وقد كانت قواتها المسلحة مهندسة معركة تحرير مدينة عدن الاستراتيجية، وهي لحظة حاسمة، شكلت بداية التحول الجذري في مسار الحرب ضد جماعة الحوثيين، وقلبت موازين القوة على الأرض لصالح القوات المدعومة من التحالف.
وأضاف “قبل تحرير مدن الجنوب بمعركة مولتها وخاضتها القوات الإماراتية، كانت حكومة الشرعية منفية خارج اليمن، لكنها بعد ذلك، استطاعت العودة إلى الداخل وممارسة مهامها من عدن، والأهم أن الإمارات شكلت الرافعة الصلبة لعملية طرد الحوثيين من الشريط الساحلي الغربي وتأمين باب المندب”.
وأشار الغرباني إلى أن انسحاب الإمارات من المشهد، في اليمن، سيعمق مأزق حكومة عبدربه منصور هادي وحزب الإصلاح الإسلامي، وسيحدث فراغا كبيرا في معسكر مواجهة وكلاء المشروع الإيراني، لا يمكن ملؤه.
وأطلق ناشطون وإعلاميون إماراتيون وسما على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “#إعادة_جنودنا_البواسل_إلى_الوطن” ردا على حملة إعلامية وسياسية يمنية ضد الإمارات ودورها في اليمن، وناشد الناشطون الإماراتيون قيادة دولتهم الانسحاب من الملف اليمني.
وقال الصحافي الإماراتي خالد بن ضحي في تغريدة على تويتر “أطالب بـ #إعادة_جنودنا_البواسل_للوطن فقد أدوا مهمتهم على أكمل وجه وقاموا بواجبهم في التصدي للمشروع الإيراني تحت قيادة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية ونتيجة لتخاذل الحكومة الشرعية برئاسة هادي في القيام بواجبها فقد آن الأوان لعودة قواتنا إلى الوطن”.
وتفاعل ناشطون وكتاب يمنيون مع الوسم محذرين من انعكاسات مثل هذا الانسحاب الذي قالوا إنه سيرتد في المقام الأول على من يطالبون الإمارات بمغادرة اليمن.
وكتب الناشط السياسي الجنوبي أحمد الصالح “الشرعية هي الطرف الأكثر احتياجا لبقاء الإمارات في اليمن أكثر من أي طرف خصوصا في هذا التوقيت. ولولا الإمارات لكان شعب الجنوب قد كَنَسَ بقايا الشرعية من قبل كنسا نهائيا وإلى غير رجعة. ربما تقرر الإمارات الانسحاب، حينها سيخرج هادي من قصر المؤتمرات إلى شقة مفروشة بجوار زين العابدين بن علي”.
من جهته قال الصحافي والكاتب اليمني ومندوب اليمن لدى اليونسكو محمد جميع في تعليق على توتير حول انسحاب الإمارات من اليمن “الدعوة إلى خروج الإمارات من التحالف دعوة غير مدروسة ينادي بها يمنيون لا يدركون تداعياتها، والدعوة للتخلص من الشرعية دعوة غير معقولة ينادي بها إماراتيون لا يعرفون خطورتها. في الشرعية خلل يجب معالجته، ولدى الإماراتيين زلل ينبغي تصويبه ولعل في ما جرى خيرا لتصحيح الخلل وتقويم الزلل”.