محمد الحميدي
تجمع الدراسات الاجتماعية على أن التطرف ظاهرة عالمية إنسانية ولا تخلو منها ثقافة أي مجتمع من المجتمعات وهي مرتبطة بالأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية أكثر من ارتباطها بالمعتقدات الفكرية
ويرتبط الارهاب بشكل وثيق بما يلحق بالمجتمعات من ظلم وفساد واستبداد سياسي ، وتفشي لظاهرتي الفقر والبطالة. وما يصاحب ذلك من قمع للحريات وغياب للديمقراطية والعدالة الاجتماعية وانسداد أفق المستقبل.
حيث تعتبر تلك العوامل في مجملها واحدة من اهم البواعث الرئيسية لبروز ظاهرة التطرف والإرهاب .في أي مجتمع من المجتمعات .
ولعل المتتبع لمسيرة السلطة السياسية في بلادنا سوف يجد أن احد اسباب هذه الظاهرة تكمن في المناخ السياسي السلطوي الذي كان سائد خلال الفترة الماضية ومازال مستمرا”حتي اليوم ، فوفر بسياساته الخاطئة الأجواء والمناخات اللازمة للجماعات المتطرفة لتعبر عن أزمتها ومن ثم تطفو على السطح بالطريقة التي ظهرت عليها خلال السنوات الماضية منذ قيام الوحدة وحتي اليوم .
وعلى الرغم من أن الحديث عن ظاهرة الإرهاب في اليمن متشعب وشائك وله أبعاد وجذور داخلية وخارجية وظفتها أطراف متعددة ولأهداف مختلفة جعلتنا امام معضلة يصعب حلحلتها ، إلا اننا نرى بأن الامر ليس بهذه القدر، اذا ماوجدة ارادة سياسية صادقة نابعة من الحاجة ومقتضيات الضرورة ، فتستغل هذه المرحلة وتوظف امكانياتها وامكانيات التحالف العربي والتعاون الدولي القائم لمكافحة الارهاب ضمن استراتيجية شاملة وكاملة لمكافحة الارهاب .. تتضمن اصدار قانون لمكافحة الارهاب بقرار جمهوري وفقا لقوانين الضرورة ، وقرار اخر لانشاء جهاز مركزي لمكافحة الارهاب يتبع رئاسة الجمهورية تقودة قيادات وطنية نزيهة متخصصة، يتم اختيارها علي اساس الكفاءة والخبرة، وليس القرابه والمنطقة كما هو قائم في الكثير من اجهزتنا الامنية ، مع تفعيل قانون مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب و تدريب وحدات متخصصة في الداخل والخارج وفقا لشروط ومواصفات محددة لمنتسبي هذا الجهاز وبما يمكنها من تنفيذ مهامها في الظروف والمناطق المختلفة .
كما يجب ان لاتقتصر استراتيجيتنا علي الجانب الامني بل يجب ان تشمل كل الجوانب الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية علي المدي البعيد حتي نضمن لها النجاح ونتجاوز الاستراتيجيات القصيرة ، القائمة علي تكتيكات الدحر من شارع الي اخر او من مدينه الي اخري او من وادي الي جبل، او تقوم علي ردود الفعل لكل حدث ارهابي وبالتالي نخرجهم من الطاقة فيعودون لنا من الباب ، وهكذا تستمر حكايتا مع الارهاب الي ماشاء الله .