كريتر نت / كتب/محمد مرشد عقابي
منذ ان تشكل المجلس الإنتقالي الجنوبي لغرض إدارة شؤون الجنوب المحرر لم يمر حدث إلا جدد دعواته الى الرئيس هادي للحوار بل ومناشدته والتحالف لتمكين أبناء هذه المحافظات المغدور بها من إدارة شؤونهم بإنفسهم حتى انتهاء الحرب ضد الحوثي، لكن من المؤسف جداً ان تتعالى اليوم بعض الأبواق وبأسلوب غير منطقي او عقلاني يهدف لجلب الشماليين مرة اخرى لحكم الجنوب ودفع الجنوبيين دفعاً لتحرير الشمال، صم الرئيس هادي والتحالف آذانهم أمام دعوات الإنتقالي طيلة تلك الفترة ان لم يكن قد تجاهلوها فقد ظل هذا المجلس المخول والمستمد شرعيته من جماهير الشعب عامين يطالب بالمشاركة كطرف رئيس في المفاوضات التي تجرى بين الحكومة والحوثيين لكن للأسف أصرت الشرعية على الرفض القاطع لحضوره متذرعة بضرورة عدم الإنشغال بقضايا أخرى تشتت جهود مواجهة الحوثي الإيراني لكنها في الأساس والواقع والحقيقة المؤلمة تخلت عن حربها ضد الحوثي وتفرغت لتمزيق واجتياح الجنوب، حين دخل الحوثي إلى صنعاء سلمته الشرعية كل المعسكرات وموسسات الدولة بما فيها اكبر مؤسسة عسكرية مناهضة لمشروعه السلالي وهي الفرقة الأولى مدرع بكل ما فيها من عتاد وأفراد تحت حجة تجنيب صنعاء أي دمار لكنه بعدها انطلق كالسهم باتجاه الجنوب فتساقطت المدن تباعاً في طريقه دون أي مواجهة حتى وصل عدن فخرج المدنيون ومرغوا أنف الحوثي الغازي المحتل في الوحل وفعلوا ما عجزت عنه جيوش الشرعية وحلفائها من قوى الفيد والسلب والنهب الشمالية، عقب أحداث يناير 2018م تراجع الإنتقالي الجنوبي من أمام قصر معاشيق إحتراما لجهود التحالف العربي مقابل الدخول بحوار مع الشرعية حول إدارة الجنوب حتى نهاية الحرب لكن الشرعية تعاملت مع تنازل الإنتقالي على إنه ضعف وهزيمة وازدادت تعنتاً وتجبراً وغلواً ضد المجلس وقضية شعب الجنوب السياسية والحقوقية العادلة، كرّست الشرعية اليمنية الماكنة الإعلامية والسياسية والإمكانات العسكرية والمالية الحكومية المتأتية من موارد شعب الجنوب أو من دعم التحالف العربي لتشويه المجلس الإنتقالي الجنوبي والنخب والاحزمة التابعة له والقوات المسلحة الجنوبية بل وتعدت بعض الخطابات من تماديها خاصة في الآونة الأخيرة لتصل بالتهجم الى شركاء النضال والحلفاء الاساسيين في مشروع استعادة الدولة اليمنية وهما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات المتحدة وشيطنتهم متجاهلة حربها مع الحوثي وإيران، للأسف تركت هذه الشرعية الشمال بأكمله للحوثي يسرح ويمرح على هواه فيها وعمدت لتمزيق المجتمع الجنوبي مناطقياً تارة وسياسياً تارة أخرى ولم تكتفي بذلك بل قامت بتفريخ قوى ومكونات سياسية بأسم الجنوب خدمة لمشروع قوى صنعاء الإستعماري، للأسف جلبت الشرعية القوى المتدثرة برداءها والكثير من أتباع الحوثي والمهاجرين الأفارقة لإغراق الجنوب بالفوضى والجريمة والإرهاب والمخدرات والقلاقل وطرق إذكاء فتيل الصراع، ومع ذلك بقي ابناء الجنوب ومجلسهم الإنتقالي يقاتلون بإستبسال في مختلف الجبهات سواء جبهات الحرب ضد الحوثي او جبهات مكافحة الإرهاب في وقت نلاحظنا فيه الجمود هو السمة التي تخيم على اغلب الجبهات الأخرى، طيلة تلك المعارك كانت جبهات الحرب التابعة للجنوبيين هي من تحقق الانتصار تلو الآخر على الحوثي بينما لم نسمع عن إنتصارات اخرى تستحق الذكر، للأسف ان الشرعية استمرت في نهج التلصص على إنتصارات الجنوبيين فكانت تعمد وبإستمرار حين تنتصر القوات الجنوبية على الحوثي على سرقة تلك الإنتصارات ونسبها لها دون خجل بحجة شرعية الكل، وكلما قامت القوات الجنوبية ذاتها بعمليات لا تتوافق مع توجهات هذه الشرعية يطلق عليها مسمى ميليشيات خارجة عن القانون فيا للعجب العجاب.
مؤخراً كاد الحوثي أن يخسر ميناء الحديدة فتدخلت حكومة الشرعية لتوقيع إتفاقية ستوكهولم لضمان عدم سقوطه حتى لا يصاب في مقتل وتنتهي الحرب وما زالت قوى النهب والفيد تطمع بالمزيد من الأرصدة البنكية لأن نهاية الحرب تغلق الذرائع فيغلق معها بزبوز المال، توقفت جبهة الحديدة ففتح ما تسمى بالشرعية المعسكرات التابعة لها في شمال الضالع وشرق يافع لإفساح طريق دخول الحوثي إلى الجنوب وضرب قوة المجلس الإنتقالي المتصاعدة فتفاجئت هذه الشرعية بثبات الانتقالي وتوسيع نفوذه وتمكنه من إسقاط العديد من المدن شمال الضالع في عمق الأراضي الشمالية، نسجوا خيوط مؤامرة لإسقاط الجنوب مرة اخرى فكان الفاتح من أغسطس ساعة إطلاق صفارة الحرب، خسر الجنوب يومها نخبة من أنبل واشرس واشجع رجاله على رأسهم القيادي منير محمود اليافعي، بلغ السيل الزبى وتحرك الشعب الجنوبي قبل مجلسه الإنتقالي ودق ناقوس الخطر فلم يكن أمام الإنتقالي من بدٍٍ سوى الدفاع عن شعبه وحمايته من وحشية نظام صنعاء وقواه الباغية الغادرة فآلت المعركة إلى تحقيق الإنتصار المعمد بإرادة شعب لا تقهر وتأمين عاصمته عدن، رموز شرعية اليوم بالأمس القريب سلموا الحوثي كل شيء واليوم عطلوا الخدمات ووجهوا سهامهم وفوهات أسلحتهم إلى صدور أبناء شعب الجنوب المسالم الأعزل ويسعون لتنفيذ فصلاً جديد من مسرحية هزلية يتخذون فيها مزيداً من التنكيل والعبث بحق ابناء هذا الشعب العربي الأبي الحر الذي لا يستكين للظلم والعربدة والتهميش كجرعة إضافية على ما فعلوه لثلاثة عقود منذ وطأت أقدامهم أراضيه الطاهرة.