كريتر نت / سبوتنيك
أثار الانتشار الكثيف لمواقع وقنوات التعارف من أجل الزواج عبر شبكة الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي، مخاوف كبيرة لدى المجتمعات الشرقية، والتي لها طقوس معينة في الزواج وتقاليد وأعراف تختلف كليا عن تلك الأفكار التي ترى أنها غريبة ولا تصلح أن تطبق بها.
ونصح عدد من الخبراء ضرورة توعية الأبناء، وتحذيرهم من تلك المواقع، مؤكدين أن أغلب تلك العلاقات تنتهي بالفشل بلا شك، ولا يكتب لها النجاح، مازاد من حالات الطلاق وتشريد الأطفال بصورة مرعبة بعد أن أصبح النسيج الاجتماعي مهددا.
رسالة تحذير
قالت الدكتورة ندى الجبوري، رئيسة منظمة المرأة والمستقبل العراقية لـ”سبوتنيك”، إن “الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم تحتل جزء كبير من حياتنا وحياة أبنائنا، فإن كانت وسائل التواصل عبر الإنترنت هدفها التعارف فقط فلا بأس، أما إذا كان التعارف عبر تلك المواقع الهدف منه “الزواج”، فأنا لا أقف معه، لأن السير في هذا الطريق قد يوصل الشاب والفتاة إلى التغرير بهما”.
وأضافت الجبوري: أما إذا كان التعارف بالمصادفة ثم تطورت العلاقة بعد ذلك إلى زواج، فهذا أمر لا بأس به، وعلى الشاب والفتاة أن ينظروا إلى تلك العلاقة على أنها شركة، وأن مجموعة تلك الشراكات قد تخلق النسيج المجتمعي وتربي جيل جديد قادم، وهذا ليس ترفا وليس رصيد بالبنك، فقد يمرض أو يموت الزوج أو الزوجة أو يمرض أحدهما، وعلى الطرفين أن يقدرا مدى المسؤولية في تلك الشراكة التي يجب أن تبنى بشكل سليم.
نصيحة غالية
ونصحت رئيسة منظمة المرأة والمستقبل كل فتاة عربية قبل الإقدام على الزواج من الشاب، “أن تفكر جيدا ما هو الزواج وما الذي تريده من وراء هذا الارتباط، هل تريد الحياة الأسرية أم الجنسية أم تربية الأطفال، يجب على الفتاة أن تخطط جيدا، وأقول هذا نظرا لنسب الطلاق المرعبة في المحاكم الشرعية بالوطن العربي، لذا على الفتاة أن تدرك أن هذا الزواج عبارة عن شركة تحتاج إلى مقومات النجاح وليست عملية ترف أو صورة خارجية فقط”.
رغبات جسدية
وفي السياق ذاته، قال الدكتور عبد الله غازي، استشاري الصحة النفسية لـ”سبوتنيك”، إن “الزواج عبر الإنترنت في المجتمعات الشرقية قليلا ما ينجح، ويرجع هذا إلى الاختلافات الكبيرة في البيئة الثقافية والاجتماعية من ناحية نظم التربية والعادات والتقاليد والأفكار في البيئات العربية عنها في البيئات الغربية”.
وأضاف استشاري الصحة النفسية: “يبدأ التعارف عبر الإنترنت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتغلب عليها الرغبات الجسدية لتعويض نقص ما لدى الشخص، لكن في حالات الرغبة الحقيقية في الزواج لدى الشخص الشرقي فإنه يحتاج إلى التعرف على الطرف الآخر بشكل كبير جدا عن قرب ودراسته لفترة كبيرة، مشيرا إلى أن التواصل عبر الإنترنت لن يعبر عن الحقيقة، فمعظم العلاقات والتعارف عبر الإنترنت يطغى عليها الكذب وتجميل الصورة بعيدا عن الحقيقة، وبالتالي كل ما يبنى على تلك العلاقات عندما يواجه الحقيقة تكون الصدمة”.
وأردف “غازي”: “على العكس من ذلك في المجتمعات الغربية، نظرا لتوحد الثقافة والتقاليد والأفكار والنظم المعيشية الحياتية، والتي في الغالب ما تكون واضحة لدى الطرفين، لذا فالتعارف بين الطرفين عبر الإنترنت لن تنتهي بصدام، لأن العلاقة تكون قائمة على فهم ضمني من البداية، أما في المجتمعات الشرقية وإن كانت هناك نماذج ناجحة إلا أنها قليلة جدا”.
خطورة اجتماعية
ومن جانبه، قال الدكتور عبد الموجود صالح، الخبير الأردني في علم النفس علم النفس الاجتماعي لـ”سبوتنيك”، إن “تفعيل عمليات الزواج والإلتقاء عبر الانترنت لا يجوز ولا يجب تفعيلها في المجتمعات الشرقية، لأن هذا المجتمع له ضوابط وتقاليد في التعارف بين الجنسين، ليس من بينها بكل تأكيد التعارف والتزاوج عبر الإنترنت، لأن العادات والتقاليد الشرقية تختلف كليا عن الوضع في الدول الغربية”.
وأشار “صالح” إلى أنه
“من المساويء التي ينقلها لنا الإنترنت هو نقل الأفكار الغربية غير السوية والتي لاقت أو تلاقي قبولا لدى شبابنا مثل مواقع التعارف للزواج”.
وطالب خبير علم النفس، “بضرورة تحذير المجتمع من الخطورة الاجتماعية لمثل تلك الزيجات، والتي تبنى على التقاليد الغربية، والتي تتعارض على الدوام مع تقاليدنا وأعرافنا العربية، التي حددت مراسم معينة للزواج تتمثل في طلب أهل الشاب يد الفتاه من أهلها “الخطبة”، وبعد الموافقة يتم الاتفاق وعقد القران وإشهار الزواج والزفاف وغيرها من وسائل الإشهار المعروفة”.
تجارب صادمة
قالت “هبة.ع” لـ”سبوتنيك”: “لم أكن أتعامل مع الإنترنت إلا فيما يتعلق بدراستي، وكان مروري على مواقع التواصل الاجتماعي قليل جدا، وعندما دخلت المرحلة الجامعية كانت علاقاتي على مواقع التواصل الاجتماعي تقتصر على التحدث مع زميلاتي وصديقاتي البنات في الجامعة، ثم بعد فترة تعرفت على شاب على موقع “فيسبوك” بعد إلحاح منه، وكان كلامه رقيقا، ومع مرور الوقت تعودت عليه وأصبحت لا أستطيع أن يمر يوم دون أن أحادثه”.
وتابعت: “مع كثرة الحديث وتبادل المشاعر وعدني بالزواج في أقرب فرصة، وفجأة انقطعت كل أخباره ولم يعد يظهر بعدما تعلقت به، واستمر انقطاعه أكثر من 4 أشهر، وفي أحد الأيام وصلتني رسالة منه يقول فيها أنه سافر خارج مصر ولا يعرف متى سيعود، ما أصابني بصدمة عصبية أصبحت على أثرها لا أرى، واستمر الأمر خمس سنوات من العلاج حتى استعدت بصري، وبعدها تزوجت بالطريق الصحيح الشرعي، وتلك نصيحتي لكل فتاه ألا تتعلق بمن لا تعرف له أهل أو بيت أو عنوان”.
وفي نفس السياق، قالت “سحر.ع” لـ”سبوتنيك”: “بعدما وصلت إلى سن 36 عاما دون زواج، عرضت علي بعض صديقاتي الدخول على الإنترنت للبحث عن عريس، وبعد فترة ليست بالطويلة تعرفت على شاب مصري قال لي أنه مهندس يعمل بأحدى الدول الدول الأوروبية وسوف يعود إلى مصر بعد عام، وبالفعل ظللت أتواصل معه لسنوات إلى أن أخبرني أنه عاد إلى مصر”.
وتابعتك “في أحد الأيام أخبرني أنه عائد إلى مصر، وعاد وتقدم لعائلتي ووافقوا، وتم عقد قراني عليه، وقبل الزفاف اختلى بي بعد أن أقنعني أنني زوجته ويجوز له فعل كل شيء معي، وبعد أقل من أسبوع سافر دون أن يخبرني، وبعد فترة أرسل لي ورقة الطلاق، ولم أره منذ ذلك الحين منذ 4 سنوات”.