كريتر نت / الخليج
فتح القصف الذي تعرضت لها منشأتان نفطيتان تابعتين لشركة “أرامكو” شرقي السعودية، الباب واسعاً للحديث حول الجهة الفعلية التي تقف خلف الهجوم، رغم مسارعة جماعة “الحوثي” في اليمن للإعلان عن مسؤوليتها الكاملة، متوعدة في الوقت ذاته بالمزيد في ظل “اتساع بنك الأهداف”.
وفجر السبت (14 سبتمبر 2019)، استهدفت الهجمات مصفاتين تابعتين لعملاق النفط السعودي “أرامكو” في محافظة بقيق ومدينة هجرة خريص، وهو ما تسبب في إيقاف نحو نصف إنتاج المملكة من النفط، وفق لما أوردته وسائل إعلام عالمية، على غرار وكالتي “رويترز” و”بلومبيرغ”، إضافة إلى صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
ويوجد في محافظة بقيق، التي تقع على بعد 150 كيلومتراً شرقي العاصمة الرياض، أكبر معمل لتكرير النفط في العالم، في حين يوجد في منطقة خريص (على بعد 190 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من الظهران)، ثاني أكبر حقل نفطي في العالم.
من أين انطلقت الطائرات؟
صحيفة “وول ستريت جورنال”، نقلت عن مسؤولين في الخليج قولهم، إن الخبراء يدرسون احتمال استخدام المهاجمين على منشآت النفط السعودية “صواريخ كروز أطلقت من العراق أو إيران”، من دون استبعاد فرضية الطائرات المسيرة، التي جاءت على لسان الحوثيين.
ووصفت الصحيفة الأمريكية، الهجوم على منشآت النفط السعودية بأنه قد يمثل “نكسة أخرى للمحاولات الأمريكية لفتح محادثات مباشرة مع الحوثيين”.
يأتي كلام الصحيفة بعد وقت قصير من تغريدة لوزير الدبلوماسية الأمريكية، مايك بومبيو، قال من خلالها إن “لا دليل على أن الهجمات التي استهدفت السعودية قد انطلقت من اليمن”.
وشدد على أن طهران “تقف وراء نحو 100 اعتداء على السعودية”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستعمل مع حلفائها “لضمان استمرار إمدادات سوق الطاقة العالمي ومحاسبة إيران على اعتدائها”.
كانت “وول ستريت جورنال” ووكالة “بلومبيرغ” قد أشارتا إلى أن السعودية “أوقفت نحو نصف إنتاجها من النفط بعد الهجمات”، بعد وقت قليل من إعلان وكالة “رويترز” نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة، أن إنتاج النفط السعودي وصادرات المملكة منه تعطلت بعد الهجمات.
وفي منتصف الليل، أقر وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، بما أسماه “توقفاً مؤقتاً في عمليات الإنتاج”، لافتاً إلى أنه سيجري تعويض الانخفاض للعملاء من المخزونات النفطية السعودية.
وأشار عبد العزيز، الذي بات أول شخص من الأسرة الحاكمة يتبوأ وزارة النفط في تاريه البلاد، إلى أن التقديرات الأولية تشير إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو 5.7 مليون برميل أو نحو 50% من إنتاج أرامكو.
وأوضح أن الانفجارات أدت أيضاً لتوقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب تقدر بنحو 2 مليار قدم مكعب يومياً تستخدم لإنتاج 700 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي مما سيؤدي لتخفيض إمداداتها بنسبة تصل إلى نحو 50%.
بدورها ذكرت صحيفة “الرأي” الكويتية، أن الأجهزة الأمنية المعنية في البلاد، تلقت بلاغاً يفيد بأن طائرة مسيرة من دون طيار (درون) اخترقت أجواء الكويت فجر السبت وعندما وصلت إلى محيط دار سلوى هبطت إلى ارتفاع 250 متراً.
وبحسب الصحيفة الكويتية، تعتبر الطائرات المسيرة من النوع الكبير ويصل طولها إلى نحو 3 أمتار وحجمها بحجم سيارة صغيرة، حامت فوق دار سلوى لفترة مشعلة كشافاتها الأمامية ثم غادرت.
ماذا عن العراق؟
في الإطار ذاته، تناقلت منصات التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو، لمواطن كويتي، قال فيه إن رصد صاروخاً وثلاث طائرات مسيراة صغيرة، كما يبدو متجهة من الشمال (العراق) نحو الجنوب.
كما نسبت وكالة إخبارية محلية عراقية تُدعى “الغد برس” إلى مصدر وصفته بالرفيع، قوله إن الهجوم الذي شنته طائرات مسيرة على شركة أرامكو النفطية السعودية، شاركت فيه طائرتان انطلقت من الأجواء العراقية.
ونقلت الوكالة ومقرها بغداد عن مصدر مسؤول قوله إن الهجوم الذي استهدف أرامكو شاركت فيه عشر طائرات، ثماني انطلقت من اليمن، واثنتان من العراق، ولا يُعرف بالضبط الجهة التي أطلقت الطائرتين.
وهذه ليست المرة الاولى التي يتم فيها ذكر اسم العراق؛ ففي مايو 2019 وقع هجوم مماثل، واستهدف محطتي ضخ لنقل النفط من شرق السعودية إلى غربها، وقيل إن الطائرات انطلقت من الأراضي العراقية وفقاً لـ”وول ستريت جورنال”، لكن بغداد نفت تلك الإدعاءات جملة وتفصيلاً.
وكان رئيس الوزراء العراقي كشف أواخر يونيو المنصرم، عن تلقيه تقارير من الإدارة الأمريكية تفيد بانطلاق طائرات مسيرة نحو السعودية من مواقع عراقية
وقال عبدالمهدي خلال مؤتمر صحفي إن “الأمريكان تحدثوا عن إمكانية انطلاق تلك الطائرات من العراق، لكن دوائرنا الاستخبارية وأجواءنا الجوية والقيادات الجوية لم ترصد ولم يثبت لها هذا الأمر”.
وما يعزز من احتمال انطلاق صائرات من العراق تهديدات سابقة لمليشيا “الحشد الشعبي”، وما قاله أحد أبرز القياديين فيها أبو مهدي المهندي في يونيو 2017، عندما صرح بأنه سيتم تطهير المنطقة من مقاتلي تنظيم “داعش”، وملاحقتهم في كل مكان وصولاً إلى (العاصمة السعودية) الرياض، موجهاً تحية خاصة للحوثيين.
وبعد عامين، أصدر رئيس الحكومة العراقية مرسوماً بتنظيم عمل “الحشد الشعبي” ومرجعيته العسكرية ويلزمه بالاندماج في القوات المسلحة النظامية
ما أهداف إيران؟
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، عبد الله الشايجي، يقول إن الرسالة من قصف منشآت أرامكو “قوية وواضحة، كما سبق وحذرت إيران إذا لم يُصدر نفطها من مضيق هرمز فلن يصدر النفط عبره”.
وأشار الخبير بالشؤون الأمريكية عبر حسابه بموقع “تويتر” إلى أن استهداف أهم منشآت نفطية في السعودية والعالم من أذرع إيران سواءً في اليمن أو العراق، هو تجاوز لجميع الخطوط الحمراء”، مشدداً على ضرورة “الكشف من أين انطلقت المسيّرات ومن نفذها والرد عليها لتحقيق الردع”.
بدوره قال قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني، أمير علي حاجي زاده، إن إيران وأمريكا لا تنويان الحرب لكن القوات الميدانية على تماس في مياه الخليج، ويمكن للحرب أن تندلع.
وأكد حاجي زاده في معرض رده على الاتهامات الأمريكية لبلاده بالوقوف وراء هجوم بقيق أن “جميع القواعد والسفن الأمريكية في المنطقة على بعد ألفي كيلومتر تقع في مرمى صواريخنا”، لافتاً إلى أنه بعد إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة خلال شهر يونيو المنصرم “وجهنا صواريخنا المصالح الأمريكية في الخليج”.
أما وزارة الخارجية الإيرانية، فقد وصفت اتهام إيران بالوقوف وراء الهجمات على المنشآت النفطية السعودية بأنها “واهية ولا أساس لها”.
في الجهة المقابلة، دعا السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الإدارة الأمريكية إلى وضع خيار استهداف منشآت النفط الإيرانية على الطاولة، معتبراً أن مثل هذا الهجوم “سيكسر ظهر النظام” في طهران.
وكتب عبر حسابه في “تويتر”: “لقد حان الوقت الآن لكي تضع الولايات المتحدة على الطاولة هجوما على مصافي النفط الإيرانية، إذا استمرت الأخيرة في استفزازاتها أو زادت من تخصيب اليورانيوم”.
وحسب السيناتور الأمريكي، فإن إيران “لن تتوقف عن تصرفاتها السيئة حتى تصبح العواقب أكثر واقعية، مثل مهاجمة مصافيها، مما سيكسر ظهر النظام”.