كريتر نت / كتب- جهاد عوض
ذات ليلة وفي المساء وأنا بالشارع العام, هبت على المدينة عاصفة رملية شديدة تبعتها رياح محملة بغبار كثيف على مدينة عدن تعمي العيون وتكتم الأنفاس, حاولت كغيري من الناس الهروب ولم أجد إلا الاحتماء تحت ظل سقف مطعم شعبي, وانا في مخبئي منتظر أن تخف العاصفة الرملية, كنت أمام أحد الجولات أراقب حركة سير السيارات فيها, لفت نظري أعجاباً عدد من الجنود المرور في جولة البط خور مكسر وهم يقومون بواجبهم ودورهم المعتاد حينها, في تنظيم ومراقبة سير المركبات, وفجاه وهم في هذا الجو المغبر والمناخ الغير عادي, تمر مركبة مسرعة مخالفة ومتجاوزة لهم ولحركة المرور المتبعة, في صورة فجه تنبي بعدم احترام والتزام بقواعد السير, وعدم مرعاه من صاحبها لدور ومشاعر رجل المرور الذي يعتبر مواطن بسيط مثله مثل غيره, يعاني ويكابد ضروف الحياة من غلاء الأسعار وتأخر الراتب وعجزه حتى عن توفير متطلبات أبناءه المدرسية, ومع هذا بقي يؤدي دوره ومهامه وفضل المصلحة العامة, في ظل الرياح الشديدة بغبارها الملوث لصحة الإنسان, وكعادته في كل الأوقات الممطرة و الحارة في الصيف والشتاء.
يؤدي عمله بصبر وتفاني وإخلاص لا حدود له, والمؤسف أن يلاقي في هكذا ظرف ووضع استثنائي, عدم الاحترام والمبالاة والتقليل والتجاهل, لكل جهوده وعمله من قبل هذه النوعية من البشر, العابثة بالقيم والنظم وترى نفسها فوق القانون.
نقول لهؤلاء أذا لم يكن القانون والنظام ملزما ورادعا لك مثلك مثل غيرك !! ألم يكن لديك شعور انساني ووازع ديني يعتريك وينتابك !! حتى ترى وتقدر هذا التصرف النبيل والموقف الوطني لرجل المرور, والرياح تعصف به من كل مكان واتجاه, الذي يجب وواجب علينا أن نكرمه ونشكره لما يبذله ويقوم به ولو بكلمه طيبة, لا أن نخالفه ونتجاوزه ونحطم نفسيته, ونهد من عزيمته ونشاطه, دعونا ولو مرة أن نرفع له القبعة احتراما وتقديرا لواجبه وعمله, في خدمته وحبه لناسه ووطنه.
بتصرفنا وسلوكياتنا الغير حضارية والإنسانية, نجعله يهمل واجبه ويهرب عن أداء عمله, ونرغمه ارغاما للجوء الى أن يسلك مسالك وأساليب أخرى يدبر بها أموره وشؤون حياته, وينحرف عن التزامه وتقاعسه عن مهامه, ومن ثم لا ينفعنا شكى أو بكى من زحمة المواصلات وفوضى الطرقات.
كتب / جهاد عوض