كريتر نت / كتب- سلام سرحان
تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غدا الاثنين إلى السعودية وفي اليوم التالي إلى الإمارات في وقت تشهد فيه بوصلة المنطقة تحولات كبرى تفرض على القوى العالمية استكشاف رؤية أبرز القوى الاقتصادية الصاعدة في المنطقة.
ومن المتوقع أن يكون التحالف المتنامي بين موسكو والرياض وأبوظبي في مجال صناعة النفط في صدارة جدول الاجتماعات بعد أن أصبح تحالف أوبك بقيادة السعودية وشركائها بقيادة روسيا، الوريث الحتمي لمنظمة أوبك ويضم 24 دولة تمثل نحو نصف الإنتاج العالمي.
وسيكون حاضرا في صدارة الأولويات ملف التوتر المتفاقم بين الرياض وطهران إثر الهجمات التي استهدفت منشأتين نفطيتين سعوديتين في سبتمبر، في ظل توقعات بأن تحسم الزيارة الكثير من المواقف الملتبسة بين روسيا وإيران.
كما يمكن أن تنعكس نتائج الزيارة على الكثير من الملفات الأخرى وخاصة الحرب في سوريا، بعد تصاعد الاحتقان بعد المغامرة العسكرية التركية في شمال شرق البلاد، والتي انتقدها بوتين وقال إنها يمكن أن تعيد شبح تنظيم داعش.
وسيلتقي الرئيس الروسي في أول زيارة له إلى الرياض منذ عام 2007 بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ويجري محادثات مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال مستشار الكرملين يوري أوشاكوف للصحافيين إن المحادثات ستتناول التعاون بهدف ضمان استقرار أسعار النفط والوضع في كل من سوريا والخليج واليمن.
وتعاونت روسيا في الأعوام الأخيرة مع منظمة الدول المصدرة للنفط للحد من المعروض، وقادت 10 دول للتحالف مع أوبك، الأمر الذي ساهم في انتعاش الأسعار بعد تراجعها بشكل كبير بين 2014 و2015.
ومن المقرر أن ينتقل الرئيس الروسي يوم الثلاثاء من الرياض إلى أبوظبي في زيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، يجري خلالها محادثات مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وقالت وكالة أنباء الإمارات إن المحادثات سوف تتناول “التعاون الثنائي بين البلدين وآليات تنميتها وتعزيزها في المجالات المختلفة، إضافة إلى مجمل التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية والقضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك”.
وأشارت إلى أن الزيارة “تأتي في إطار الشراكة الاستراتيجية التي وقعها البلدان في يونيو العام الماضي، لتعزيز التعاون والتنسيق المشترك في مختلف القطاعات الحيوية”.
ويرى محللون أن الرئيس الروسي يدرك أهمية النموذج الاقتصادي الصاعد والدور المتنامي لكل من السعودية والإمارات وأنه سيبحث عن فرص التعاون والاستثمار المشترك مع البلدين في إطار رؤية الرياض وأبوظبي لمستقبل المنطقة ودورهما المتنامي في التوازنات العالمية.
وتملك الإمارات أحدث اقتصاد في المنطقة وتلعب دورا محوره في صناعة وتجارة الطاقة ورسم سياسات مستقبل الطاقة في العالم، إضافة إلى دورها الكبير في التجارة العالمية.
وبدأت السعودية في السنوات الأخيرة بتنفيذ أكبر برنامج إصلاحات هيكلة في تاريخها، في تناغم مع نموذج التنمية الإماراتي. وعزز البلدان تحالفهما الاستراتيجي، الذي أصبح مركز الثقل والتأثير في مستقبل المنطقة.
وقال الصندوق السيادي الروسي إن زيارة بوتين إلى الرياض ستشمل توقيع 30 اتفاقية بقيمة تزيد على ملياري دولار، بينها 10 في مجالي الطاقة واتفاقيات في مجالات الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية والزراعة والسكك الحديدية والأسمدة والبتروكيماويات.
وأوضح أن الزيارة تتضمن عقد منتدى استثماري روسي سعودي يحضره أكثر من 300 مشارك بينهم “أكبر وفد لرجال أعمال روس في تاريخ العلاقات الروسية السعودية”.
ويرى كيريل ديمترييف، رئيس صندوق الثروة السيادي، المعروف باسم صندوق الاستثمار المباشر الروسي، أن “العلاقات الاستراتيجية مع السعودية مهمة للغاية لأن روسيا مهتمة باستقرار سوق النفط واستقرار المنطقة والدخول في استثمارات مشتركة كبيرة”.
وذكر أن روسيا والسعودية تعملان أيضا على 25 مشروعا بقيمة 10 مليارات دولار إلى جانب مشاريع أخرى جارية، دون أن يخوض في التفاصيل.
وشدد مسؤولون روس على أهمية علاقات روسيا بالإمارات في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية جعلت العلاقات بين البلدين أكثر قوة وقربا وأن الإمارات أصبحت من أهم شركاء روسيا في الشرق الأوسط.
وقال يوري فيداكاس، نائب رئيس البعثة في السفارة الروسية في أبوظبي إن استضافة الإمارات لجالية ناطقة بالروسية تضم نحو 100 ألف شخص، بينهم 40 ألف مواطن روسي ونحو 60 ألف مواطن من دول الاتحاد السوفييتي السابق، تعزز مفهوم التسامح وقيمته وتقوي العلاقات بين البلدين.
وأوضح أن هناك حوالي 111 رحلة أسبوعيا بين روسيا والإمارات، وأن هناك العديد من الرحلات التي تجلب السياح من مختلف المناطق الروسية إلى الإمارات، وهو يؤكد العلاقة المتنامية بين مختلف المناطق الروسية والإمارات.
في المقابل تشهد الاستثمارات الإماراتية في روسيا نموا متسارعا. وقد شارك وفد إماراتي كبير في 6 أكتوبر الجاري في فعاليات قمة فولغا للاستثمار واليوم العالمي للحلال، التي عقدت في مدينة سمارا أوبلاست الروسية.
ويجمع المحللون أن روسيا وجميع الدول الكبرى لم يعد بإمكانهما إغفال الرؤية الجديدة لمستقبل منطقة الخليج، الذي يرومه الدور المتنامي لتحالف السعودية والإمارات، والذي ستكون له انعكاسات كبيرة على التوازنات العالمية.