كتب / خليل السفياني
تهل علينا الذكرى 56 للثورة وبلادنا تشهد وضعا سياسيا مأزوما و مقعدا يلازمه حالة لا استقرار ولا أمن و ارتباك واضح في أداء الدولة والأحزاب الوطنية، حالة من الترقب لما يخطط له غريفت وحالة من الانتظار لما سوف تتمخض عنه اجتماعات جده وهو الأمر الذي أضعف من وهج احتفالات شعبنا بهذه المناسبة الخالدة والتي لها أسبابها التراكمية وحاجتها اليوم لارادة سياسية صادقة وقوية وارادة شعبية تلتف حول القيادة من مختلف المناطق اليمنية.
ثورة أكتوبر كانت ولا زالت انشودة شعب وترنيمة وطن صنعته قيادات شابة من مختلف أرجاء الوطن وحدتهم قضية تحرير الوطن من المستعمر البريطاني رغم اختلاف مناهلهم الفكرية ورؤاهم السياسية في تحقيق الاستقلال الوطني.
في الخمسينات من القرن الماضي جميع القوى الوطنية التي شهدها الجنوب خاضت نضالا تعبويا سلميا كي يحقق الإجماع الشعبي ليتحول إلى إرادة شعبية داعمة ومساندة للإرادة السياسية الوطنية التي تجسدت في قيام ثورة 14 اكتوبر التي انضم إليها في بادئ الأمر جميع فصائل العمل الوطني السياسي والنقابي وتوحد هدفهم من خلالها في خيار الاستقلال، وعلى الرغم في التباينات الثانوية فيما بينهم إلا أن الثورة انتصرت انتصارا عظيما وجعلت أعتى قوة استعمارية تدعن فيها للإرادة الشعبية وتم اجلاؤها من غير رجعة.
اختفت بعض من القوى السياسية عن المشهد السياسي عقب الاستقلال مباشرة ولكن، في الوقت ذاته اقتربت الأحزاب ذات الرؤية القومية والعربية من بعضها وتم توحيدها لتصبح فيما بعد مؤسسة للحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يقف خلف كافة التحولات الاقتصادية و الاجتماعية والتربوية والعلمية والفنية وفي مجال الثقافة والفنون المختلفة ..
لقد عزف الحزب سيمفونية وطن يخطو نحو التقدم بخطط خماسية تعددت ترانيمها:
– في الدراسة المجانية من التعليم الأساسي إلى الجامعي وانتشرت المعاهد المتخصصة.
– في التطبيب والعلاج المجاني.
– في السكن الشبه مجاني وعبر بناء الجمعيات السكنية.
– في توفير المواء الغدائية بارخص الاسعار .
– في توفير الماء والكهرباء وعند نظام الصيانة الموسمية يخبر المواطن باعلان وكأنه بمثابة اعتذار عن طريق الإذاعة والتلفزيون عبر جدول زمني للانقطاع لا يتجاوز الساعة.
– ابتعاث الطلاب للدراسة في الخارج بدون تمييز و وفقا لمعدلاتهم في شهادة الثانوية العامة .
– بناء جيش وطني وابتعات الجنود للدراسة في الخارج والداخل ..
– استثباب الأمن والأمان وعدم وجود أي مظاهر مسلحة وحمل السلاح بتصريح.
– القانون هو سيد الموقف يتساوى أمامه الجميع .
– المرأة مشاركة في مختلف المجالات بثقة متساوية في الأجر مع الرجل مصانة حقوقها كام وزوجة .. بل إن الأسرة كرمت بقانون الأسرة الذي جاء متقدما في محتواه على مستوى الوطن العربي و شهد له الجميع بذلك وما يحققه من تماسك اسري.
– صور كثيرة تختزل في الذاكرة للطلاب وهم يقعدون على الكراسي لا يتجاوز الفصل الوحد 30 طالبا والفلاحون يزرعون الأرض بهمة ويدعمون عبر تعاونياتهم وكذلك الصيادون ..
– صور واقعية كثيرة ومتعددة أنجزها الحزب الاشتراكي اليمني اختفت اليوم ولا نجد عزاء لها.
ورغم تحالف قوى الظلام والقوى الفوضوية الفاسدة المتمثلة بزعيمها عفاش لتدمير هذا الحزب العملاق التي ترتبط جذور منشأه في عمق الأرض التي ولد فيها و ينصهر فكره وتاريخه في التاريخ السياسي المعاصر لليمن بل إنه الوجه الجميل لليمن ، يمن التاريخ والحضارة .
لقد عمدت تلك القوى الظلامية والفوضوية من خلال دعاية مضادة وحرب باردة قبل الوحدة اليمنية وبعدها في حرب خفية ممنهجة لتشويه صورة الحزب بشتى الأشكال واغتيال كادره وقياداته وحرصت على تزييف وعي الأجيال لتصور صراعاته الثانوية بالدموية وتكرس الكراهية للحزب مع ان تلك الصراعات لم تكن تمس المواطن في حياته ولم تهدد آمنه وامانه ومعيشته واستقراره ومع ذلك لم ينكسر الحزب أو يوهن أو يهرب و يختفي من المشهد السياسي.
الحقيقة ان الحزب صنع انموذجا لدولة ذات نظام وقانون .. دولة مؤسسات .. دولة ملمحها الرئيس العدالة الاجتماعية والشراكة الشعبية لكافة شرائح المجتمع ..
الحزب الاشتراكي كان ومازال من خلال تجربته وايجابيات ماحققه هو امل وطن ان أردنا استعادته واستعادة مؤسسته النظامية، علينا ان نستفيد من كادر الحزب وقياداته والكفاءات التي يزخر بها ونترك نظام المحاصصة بغرض إرضاء أطراف أخرى جانبا خاصة عندما يتم اختيار شخصيات هزيلة ضعيفة على اساس تكتيكي لاحتواء مؤقت، ناجم عن مواقف سياسية عارضة، انه بمثابة تآمر على الوطن نحو المزيد من اضعاف الدولة وتمزيقها.
على أبناء الحزب الاشتراكي اليمني وأبناء الجنوب ان يدركوا تماما بانهم الوريث الحقيقي لثورة 14 أكتوبر وأهدافها التي أنجزها أجدادهم و آباؤهم بدحر المستعمر وتقع عليهم المسئولية باستعادة المجد واستعادة الوطن من القوى الكهنوتية الرجعية وان يدركوا تماما ان صانع ذلك المجد الشاخص دائما امامنا هو الحزب الاشتراكي اليمني حزب أجدادهم و آبائهم العظماء ، حزب شهدائهم الخالدين في عقولنا و قلوبنا جميعا وفي وذاكرة التاريخ الذي نستمد منه صمودنا وقوتنا وعزتنا وكرامتنا، علينا اليوم ان نثق بالحزب الاشتراكي اليمني بعد أن تكشف لنا مدى الكذب والزيف والتهويل في الدعايات المغرضة ضده .. علينا ان نثق بهذا الحزب الجبار الذي بنى دولة وحقق وحدة شعب نسيجه الاجتماعي وتاريخه وتربته ونسيج الاجتماعي واحد، ولولا التآمر عليه وعلى الوحدة لما اصبح حالنا اليوم هكذا .
في ذكرى ثورة 14 اكتوبر الخالدة، علينا ان نؤكد ثقتنا بأن الاشتراكي حزب دولة ومؤسسات ونظام وقانون، حزب إنساني، أعطى ولم يأخذ، حزب انجز للشعب الكثير ولم يفشل، حزب ربى كادر وقيادات ونمى عقول وحقق أكبر قوة على الأرض وأكبر رأسمال وهي بناء الإنسان وتعليمه.
علينا أن نعلم وندرك بأن الفوضى والخراب والدمار والإهانة للوطن والمواطن اليوم هي بسبب العقليه الخبيثه الحاقدة التي زرعها عفاش والقوى الظلاميه، وان الحزب الاشتراكي الحزب الذي تم التآمر عليه ونهب مقراته ومحاربة قيادته وكوادره وتشريد اعضاءه
الحزب الوحيد الذي اتفقت عليه أحزاب الفوضى وأحزاب الظلام والارتزاق والمصالح إلا أنه ظل متماسكا شامخا شموخ جبال شمسان وردفان الأبية.
سوف ينتصر الحزب الاشتراكي وأجزم بأن كل قياداته قادمون يحملون معهم مشروع وطن، مشروع نهضه دولة .. قادمون ليس من الفنادق الفارهة بل من ثنايا الشعب ورحم ثورة اكتوبر المتجددة ليسهم في تغيير الوضع الحالي وينتقل به نحو المستقبل متجاوزا التركة الثقيلة من موروث التخلف والحقد والتآمر والاستحواذ والانفراد بالسلطة ذلك لانه حزب ثوري وليد لثورة 14 أكتوبر وليس حفيد التخلف القبلي والامامي وجبال تورا بورا ..