وتفيد مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences التي نشرت نتائج هذه الدراسة ، بأنه خلال فترة الحمل والأسابيع الأولى بعد وضع الطفل تحدث في جسم المرأة تغيرات جدية، تشمل حتى الدماغ، حيث تزداد مرونته بصورة حادة، وتعاد بنية الاتصالات العصبية، وتعمل آليات قوية للتكيف لضمان صحة الأم والطفل.
وكما هو معلوم، خلال فترة الحمل يتقلص حجم دماغ المرأة، وخلال ستة أشهر بعد وضع المولود يعود إلى حجمه الطبيعي.
وتشير فرضيات نشرت في الأدبيات العلمية، إلى أن التغيرات في الخلايا العصبية التي تحصل خلال فترة الحمل، قد تبقى فترة طويلة بعد الولادة، ما يوفر حماية لدماغها مدى الحياة، عن طريق إبطاء عملية شيخوخته.
واستنادا إلى هذا قرر فريق علمي أوروبي من بريطانيا والنرويج وهولندا التأكد من صحة هذه الفرضيات. ودرس حالة وبنية دماغ 12021 امرأة بريطانية أعمارهن 54-55 سنة (9568 أنجبن على الأقل مرة واحدة و2453 لم ينجبن أبدا).
وابتكر الباحثون خوارزمية لتصوير الأعصاب، سمحت لهم ليس فقط باكتشاف آثار التغيرات الحاصلة في الدماغ نتيجة الحمل، بل وتحديد عدد مرات الإنجاب. وقد اتضح من هذه العملية أن دماغ اللواتي أنجبن ولو مرة واحدة كان العمر البيولوجي لدماغهن أصغر بـ 2-3 سنوات من اللواتي لم ينجبن أبدا. وأنه بزيادة مرات الإنجاب كان هذا الفرق يزداد طردا.
وقد أكد العلماء أن العوامل الحياتية بما فيها العوامل الوراثية والعرقية والاجتماعية ومؤشرات كتلة الجسم وغيرها لا علاقة لها بهذا الأمر نهائيا.
ويقترح العلماء لتوضيح التغيرات الحاصلة في دماغ المرأة الحامل عدة فرضيات، من ضمنها فرضية تفيد بأن هذه التغيرات تحصل بسبب تحولات في الغدد الصماء.
فكما هو معلوم تؤثر هرمونات الاستراديول والبروجستيرون والبرولاكتين والأوكسيتوسين والكورتيزول في نشاط الدماغ، وأي اضطراب فيها قد تكون له عواقب طويلة الأجل في صحة الدماغ. كما قد يستمر تأثير الخلايا الجنينية التي تبقى بعد الإنجاب في جسم المرأة في التفاعلات الكيميائية الدقيقة في الدماغ.