كريتر نت /تحقيق/محمد مرشد عقابي
لأيختلف أثنان على أن مهنة الطب هي من أنبل وأسمى المهن التي تتعلق وترتبط أرتباطاً وثيقاً بحياة الإنسان، لكن في بلادنا انقلبت الرسالة السامية لهذه المهنة النبيلة لتتحول الى وسيلة للسطو على جيوب المرضى، وهناك عدد كبير من حاملي الشهادات والمؤهلات في المجال الصحي الذين كان يعول عليهم الجميع بأن يحملوا هذه الرسالة الإنسانية ويصبحوا ملائكة رحمة للأسف قد تحولوا الى وحوش تنهش بلا هوادة في أموال الناس ولاترحم من هو مريض منهم، هدفها الأول والأخير الربح السريع على حساب كل القيم والمبادئ واخلاقيات المهنة، مايدور في نطاق العمل الطبي في بلادنا شيء لايستحق الصمت سيما وقد اصبحت هذه المهنة المقدسة مرتعاً خصباً للإستثمار وساحة لجني الأرباح للذين يريدون الثراء السريع دون اكتراث للتعامل الإنساني، ومن العجائب ان يتجه لمزاولة هذا العمل من ليس له أي علاقة بالطب من اولئك الذين وجدوا البيئة المناسبة لتحريك واستثمار اموالهم في هذا المجال المهني النبيل، حيث لم يجد هذا الصنف من البشر من بيئة انسب لهم من هذه لتحقيق مبتغاهم في الربح السريع، ليصبحوا بين ليلة وضحاها من الأغنياء على حساب المساكين من الناس، في هذه المادة الصحفية نسلط الضوء على هذا الفساد المستشري في القطاع الصحي حيث تحدث الينا المواطن عبد الكريم مقبل سيف قائلاً : بسبب افتقار المستشفيات الحكومية لأيسر مقومات الخدمة الطبية يلجأ المواطن للمستشفيات والمراكز الصحية الخاصة ليخضع هناك لكل اساليب الإستغلال والإبتزاز، حيث اصبح من المستحيل في بعض المشافي الحكومية الحصول على حبة دواء لتسكين الألم، اصبح واقع التطبيب المجاني مجرد مواد دستورية لاتقدم ولاتؤخر ولاقيمه لها، وهو ما القى بظلال تأثيره على واقع عمل هذه المرافق التي اضحت مكان ملائم للتجاره الرابحة والمساومات التي يمارسها بعض المنتميين لهذه المهنة الشريفة مستغلين اوضاع وحاجة الناس لهذه الخدمة.
واضاف : للأسف الشديد ان بعض العاملين الصحيين يقومون باستخدام طرق واساليب لا أخلاقية في أماكن عملهم الحكومية كالترويج لأماكن عملهم الخاصة او الإشارة للمرضى بالذهاب الى الصيدلية الخاصة الفلانية بهدف إبتزاز المريض وهذا ما نراه ونلمسه اليوم.
واردف : الجميع عمال وممرضيين يدركون تماماً ان من يرتاد المستشفيات الحكومية هم شريحة الفقراء والمعدمين فقط بينما من عندهم القدرة والإمكانية المادية ينقلون مرضاهم الى المستوصفات الخاصة لكي يحظوا بالعناية الطبية الفائقة ومع ذلك فان معاينتهم ورقودهم او مرورهم في اي قسم داخل المستشفيات الحكومية تلك بغرض الكشف لم يعد خاضعاً لمعايير المبادئ الثورية والجمهورية التي تكفل مجانية العلاج لأبناء الشعب وانما تخضع للسندات وكواشن التحصيل الرسمية ذات التعدد من حيث دفع الفلوس والتسميات.
واستدرك : مع كل تلك السلبيات والجرائم التي ترتكب وتمارس عن قصد وبغطاء وتواطئ من قبل المعنيين بداخل أروقة ماتسمي نفسها مستشفيات حكومية وأقسام الطؤارى وعياداتها الخارجية نشاهد الكثير ممن يرتادون المستشفيات الحكومية لغرض العلأج خصوصاً فئة الجرحى او المصابين في الحوادث المرورية اوغيرهم نراهم يتركون دون أي عناية او أهتمام ويهملون دون اي تلتفت اليهم أي جهة، وعند توجيه الأسئلة للقائمين بالأستعلامات الإدارية هناك يتحج البعض تارة بغياب الطبيبة الفلانية اوالمناوب الفلاني وتارة أخرى يبررون ذلك بعذر اقبح من ذنب وهو عدم توفر العلأجات والوسائل الإسعافية الاولية واذا لم يكن هناك قائم عليهم يقوم بشراء الطلبيات العلأجية ومن بينها مسكنات الألم من الصيدليات الخاصة لإنقاذ حياة الحالات الخطيرة فان على المصاب او المريض ان يثق بحتمية موته المحقق لا سيما وهو يظل مرمي وقت طويل ولا ينظر اليه بعين الرحمة والإنسانية احد ان لم يكن بحوزته نقود تمكنه من شراء ما يحتاج من علاج.
المواطن يسلم عباس غالب تحدث الينا قائلا : للأسف معظم الأطباء وبطريقة لاتمت لأخلاق الطب بصلة يقومون بتسجيل روشتة علاج تتضمن قائمة طويله من الأدوية التي ليس لها اي داعي ولا يحتاجها المريض وبعد ذلك يقومون بتوجيه المريض لشرائها من صيدلية معينة، وان جاء بها من صيدلية اخرى لاتقبل منه ويطلب منه إعادتها والشراء من الصيدلية التي أمر بالشراء منها بطريقة تفضح مدى الإستهتار بأرواح وحياة الناس وتؤكد تحويلهم الى سلعة رخيصة للمتاجرة والإبتزاز.
ومضى يقول : هناك الكثير من العيادات الخارجية تمارس عمليات النهب والسلب والإبتزاز بحق شرائح المرضى، هذه العيادات التي تتبع مستشفيات حكومية تمارس أبشع صور وجرائم الإفقار والإستغلال ضد المريض كأن تحدد في تقاريرها نتيجة الكشف والتحليل والذي يبين مثلاً نوع الأصابة المرضية والتي بموجبها يتقرر وصف العلأج وطرق استخدامه، فعند الرجوع والعودة الى تقارير منظمة الصحة العالمية نجد ان العقاقير والأدوية المركبة كيميائياً لايتم اعطائها للمريض بغير ماهو مخصص لها وفي حال اعطيت فانها تؤدي الى مضاعفات قاتلة ومميته، والمخزي والمعيب ان مختبرات ومراكز الفحص الطبي في المشافي الحكومية تقوم بإعطاء نتائج فحوصات تحليلية خاطئة تحدد على إثرها أمراض غير صحيحه ليمنح المريض على ضوئها جرعات علأجية لأمراض لا توجد فيه ولايعاني منها بتاتاً، فمن هنا تاتي النتائج السلبية والوخيمة والتي لا يحمد عقباها، والسبب ان هؤلاء المحتالين عديمي الضمائر والذمم الحية قد جعلوا شعارهم وهدفهم الأول والأخير هو الربح والكسب المادي الكبير على حساب الضمير والمبدأ والأخلاق.
أما فارس محمد نجيب يقول : بعض المرضى الذين يتناولون أدوية لا تتناسب مع أمراضهم يجدوا انفسهم دائماً في دوامة تفاقم الإصابة وتردي الحالة وتحولها الى مزمنة اومرض عضال او التعرض لخطر الإصابة بامراض اخرى تكون هذه العلاجات الخاطئة سبباً لها، فقد اصبحت مستشفياتنا الحكومية تبيع الموت وتصدر الفواجع وبات من يدخلها حياً لايغادرها إلا ميتاً بسبب الإهمال واللأمبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية وغياب الأمانة وذمة الوظيفة العامة.
واستطرد بالقول : من يريد الذهاب للعلأج في المرافق الخاصة اولاً عليه بالسؤال قبل التوجه اليها حتى لايقع الفأس بالرأس ويسقط فريسة سهلة في قبضة من لا يفهمون شيئاً في مجال الطب سوى قبض النقود ومضاعفة آلام ومعاناة وعاهات واوجاع الناس بعد افراغ جيوبهم جراء الفواتير والكواشن والسندات التي لا حصر لها وتصل اسعارها الى فوق الخيال وتتجاوز سعر العلأج نفسه.
طاهر عبد القوي الشريف يقول : تكاثرت في الآونة الأخيرة المشافي والعيادات والمراكز الخاصة واصبحت اكثر بكثير من المرافق الصحية الحكومية، وغالبية هذه المراكز تفتقر للمواصفات والمقاييس الطبية الحديثة وتسير فيها عجلة العمل بطرق عشوائية وفوضوية الى جانب تكاليفها واسعارها الباهظة التي يتحمل تبعاتها المواطن وترهق كاهل المريض.
واضاف : عبر صحيفتكم الغراء نطالب وزارة الصحة بضرورة تقنين هذه المرافق وعدم منحها التراخيص لمزاولة المهنة إلا بعد تريث والتأكد التام من ثبوث أحقيتها لذلك لتجنيب المريض تبعات هذا الإنتشار العشوائي والغير قانوني وللحد من حالة الفوضى التي غلبت على طابع عمل معظم هذه المرافق.
وقال : يجب ايضاً وضع خطط وضوابط وسن قوانين صارمة بحق من ينتحل صفة العمل الطبي ويتقمص بقميص هذه المهنة العظيمة والشريفة والمقدسة بهدف المتاجرة بارواح وحياة الناس، فيجب من هذه الزاوية محاسبة كل من يريد الإساءة لهذه المهنة الإنسانية المقدسة كما هو حاصل في بعض المرافق التي تسمي نفسها مرافق صحية وهي لا تلتزم بأدنى اسس وقواعد العمل ولا تقدر حجم المسؤولية المنوطة والواقعة على عاتقها، وتسعى فقط لتحقيق غايات واهداف دنيئة وهو الربح المادي دون أحترام للأخلاقيات الأخرى على حساب صحة وسلامة الأخرين.
اما يحيى ناصر اليهري فيقول : لو تحدثنا عن عمل المشافي الخاصة سنجدها تبرز في جوانب الترويج الإعلامي لأنشطتها وخدماتها بجانب نشر الإعلانات عن استقبال الدكتور الفلاني او البعثة الفلانية فهذه الأساليب تجعل أسر واقارب المريض يشعرون بإن لا يمكن شفاء مريضهم إلا عن طريق اللجؤ الى هذا المستوصف او المركز الخاص، ومن المخزي والمعيب ان يكون الطبيب العامل فيها ذلك الموقع الخاص هو نفسه الذي يعمل بالمستشفى الحكومي لكن الإختلاف يبرز في مدى جديته وحرصه على أداء هذه الرسالة الإنسانية التي يتفانى ويخلص فيها عندما يكون في موقع عمله الخاص اكثر من إخلاصه بالعمل في المستشفى الحكومي، واعتقد ان هذا يعود لحجم المكسب الذي يتقاضى في العمل الخاص والذي يفوق المكاسب المادية التي يجنيها ذلك الطبيب او العامل الصحي من وظيفته الحكومية وذلك يرجع الى غياب دور الرقابة والمحاسبة.
ويمضي قائلاً : هناك مرافق عدة لاتستحق ان نطلق عليها اسم مستشفيات بل هي في الأساس مراكز تشليح ومحلات صرافة نظراً لأساليب القرصنة وممارسات الجباية غير القانونية التي تقوم بها ضد شريحة طالبي الخدمة الطبية، والمشكله انه لاتوجد تسعيرة محددة من قبل الجهات المعنية تحمي المواطنين من طمع وجشع اولئك الذين جعلوا من هذه المهنة مجالاً للإرتزاق على حساب المكلومين والمطحونين والفقراء الذين تقطعت بهم السبل ولم يجدوا البديل الذي يغنيهم عن ارتياد هذه المسالخ البشرية المسماه عيادات خاصة.
أما عبدالرحيم شائف محمود فيقول : عيب المستوصفات الخاصة هو تفكيرها القاصر على الربح السريع وسلوكها الطرق المؤدية لزيادة الدخل المادي دون إكتراث للمعاملات الإنسانية الأخرى المتعلقة في هذا المجال وهذا الشيء غير موجود في اي بلد آخر حيث تحرص المشافي هناك على كسب ثقة الناس ونيل رضاهم من خلال تقديم الخدمات الراقية وذات الجودة العالية بإسعار زهيدة ومناسبة وفي المتناول ان لم تكن مجانية الى جانب الإلتزام باالنظافة والعناية والإهتمام بالمريض وبساطة التعامل معه.
*تجارة الأدوية.*
من عجائب وغرائب الحقل الطبي في بلادنا انه اصبح مكان مفتوح ومسرحاً يسرح ويمرح فيه من هب ودب لمزاولة هذه المهنة وجني الربح غير المشروع من خلالها، حيث اضحى هذا القطاع الحيوي الهام مكانا يتسابق اليه الراغبون في التجارة وتعزير الأرصدة التي لاتعتمد على اي شروط غير إتقان مهارة وفن هبر الجيوب، والأمر هنا لايختلف كثيراً عن فتح مركز تجاري او سوبر ماركت، ليختلط الحابل بالنابل والغرض الوحيد هو التجارة وجني الأرباح، إن تجارة الأدوية والمستلزمات الطبية في بلادنا اخذت منحى آخر فهي لاتفرق عند البعض عن البيع في البقالات التجارية دون ادنى مراعاة وأحترام لقدسية هذه المهنة وسمو هذا العمل الإنساني الذي يترتب عليه حياة او موت الإنسان، ومن دون أي إلتزام بالضوابط التي تجرم إنتحال صفات هذا المجال الذي لاينبغي الإنخراط فيه إلا بطرق ووسائل قانونية ومشروعة تكفل حقوق المريض وتضمن سلامته من كافة النواحي، واذا تحدثنا عن الشق الثاني للعمل الطبي وهو مجال الأدوية سنجد إزدهار تجارة الأدوية المهربةفي بلادنا، فهذه السلع العلأجية تغزوا اسواقنا المحلية دون حسيب او رقيب وتتجاهل الجهات ذات العلاقة مدى اضرارها بحق متناوليها من المرضى، حيث تدخل شحنات الأدوية غالباً عن طريق صفقات تهريب مشبوهة يقوم بها نافذون وتجار فاسدون، دون مبالأة بما ستسببه من اضرار في اوساط ابناء المجتمع من المستهلكين، وهذه العقاقير تصل الى الصيدليات الخاصة بسبب رخص أسعارها وتباع على المواطنين بسعر باهض وضررها أقل من فائدتها.