كريتر نت / رؤية الإخبارية
في الوقت الذي احتفل فيه العالم بقوة وإمكانيات الفتيات في 12 أكتوبر, وذلك بمناسبة اليوم العالمي للفتاة؛ يجب أن نتصدى للعقبات الكبيرة التي تمنع الفتيات من المشاركة في المجتمع بشكل كامل.
الفتيات في العادة هُنَّ أول مَن يترك المدرسة, والأكثر ترجيحًا للتضوُّر جوعًا عندما يشح الغذاء, ويواجهن معدلات صاعقة من العنف الجنسي. وفي المناطق المتأثرة بالصراع والإرهاب، مثل سوريا وميانمار ونيجيريا وغيرها، تتعرض الفتيات لخطر الاستعباد والزواج القسري والاستغلال. إنهن يمثّلن ثلاثة من كل أربعة أطفال ضحايا للإتجار بالبشر, حيث تستهدفهن الجماعات المتطرفة والمسلحة على نحوٍ متزايد.
ويوضّح تقريرٌ حديثٌ لمجلس العلاقات الخارجية عن التداعيات الأمنية للإتجار بالبشر، كيف يمكن أن يُشعل هذا الإتجار الصراع ويؤدي إلى النزوح ويقوّض الاستقرار.
تستخدم الجماعات المسلحة والمتطرفة الإتجار – ويشمل الإتجار بالفتيات – كاستراتيجية لتعزيز التجنيد, وإدرار العائدات، ودعم العمليات، وقد جذب داعش آلاف المجندين الذكور عن طريق تقديم النساء والفتيات المختطفات كـ”زوجات”، ورفع العائدات بصورة كبيرة من خلال الإتجار بالجنس, والاستعباد الجنسي, والابتزاز من خلال الفدية.
وتُقدِّر الأمم المتحدة أن مبالغ الفدية التي حصل عليها تنظيم داعش وصلت إلى ما بين 35 مليون و45 مليون دولار في عام 2013 فقط.
فمثلًا في كولومبيا وسريلانكا وأوغندا, استخدمت الجماعات الإرهابية والمسلحة الفتيات كمقاتلات ورسولات وطباخات, وعتّالات وجاسوسات. وفي شمال نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد, تختطف جماعة بوكو حرام الإسلاموية الفتيات والنساء في تكتيك مدروس للحصول على المال من خلال الفدية, أو تبادل السجناء, أو استدراج القوات الأمنية إلى فخ.
لقد لاحقت تلميذات المدارس كجزء من حملتها, حيث اختطفت نحو (276) طالبة من شيبوك في ولاية بورنو في 2014 وأثارت شجبًا دوليًّا، وجرى حينها إكراه بعض الفتيات على تنفيذ هجمات انتحارية. وفي الواقع, واحدة من كل ثلاث انتحاريات في “بوكو حرام” من القاصرات.
وفي بعض الحالات, تستدرج الجماعات المسلحة الفتيات بدلًا من اختطافهن، وهو اتجاه بات سهلًا اليوم بسبب الانتشار الواسع للإنترنت وسهولة السفر الدولي. كما يستخدم المتطرفون وسائل التواصل الاجتماعي لتهيئة المراهقين المستضعفين وإغوائهم للانضمام، وهو تكتيك يحترفه تنظيم الدولة الإسلامية بوجه خاص.
وبحملة ناجحة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أكدت على الالتزام الديني والأخوة وفرص التمتع بالحرية والمغامرة, استدرج تنظيم الدولة الإسلامية عددًا قياسيًّا من النساء والفتيات من الولايات المتحدة وأنحاء أوروبا، ومن ضمنهم الكثير من الفتيات المراهقات اللاتي سافرن بمفردهن للمساعدة في بناء دولة الخلافة.
وبالنسبة للفتيات اللاتي ينجحن في الهرب من المناطق المتأثرة بالصراع أو الإرهاب؛ تجد الكثيرات منهن أن النزوح عن منازلهن له آثار مدمرة على حقوقهن وفرصهن؛ فالفتيات مرجحات أكثر من الصبيان بمرتين ونصف لترك المدرسة في السياقات الإنسانية.
أما كلاجئات, تتعرض الفتيات لخطر تجارة الجنس والزواج القسري, والذي يتفاقم بسبب انهيار أنظمة الحماية القانونية والاجتماعية. لقد جرى توثيق زيادات مُقلقة في زواج الأطفال في حالات الطوارئ الإنسانية حول العالم, حيث تُجبِر العائلات بناتها اليافعات على الزواج مبكرًا، كنوع من الحماية أو كشبكة أمان اقتصادي.
وفي مخيمات اللاجئين في الأردن, ارتفعت حالات الزواج للفتيات السوريات في أعمار 15 و17 عامًا من 12% في 2011 إلى 36% في 2018. مع هذا, 0,1% فقط من تمويل الطوارئ يعالج العنف ضد النساء والفتيات.
ورغم ذلك، لم يُفعل الكثير لمعالجة مواطن ضعف الفتيات في المناطق المتأثرة بالصراع والإرهاب، وهي بلا شك فجوة تتيح للجماعات المسلحة والمتطرفة الاستفادة من المزايا الاستراتيجية والمالية للإتجار بالبشر؛ لتوسيع قوتهم العسكرية والاقتصادية.
بالإضافة إلى هذا, يُضعف تجاهل التحديات الفريدة التي تواجهها الفتيات في الصراعات جهود التعافي الحكومية (زواج الأطفال, على سبيل المثال, يكلّف العالم التريليونات في فقدان الإنتاجية, بحسب البنك الدولي).
ولمعالجة هذه الفجوة, يجب على الحكومات الاعتراف بالإتجار بالبشر والعنف الجنسي والزواج القسري؛ ليس فقط كانتهاكات لحقوق الإنسان والكرامة, بل أيضًا كتهديدات للأمن الدولي.
وينبغي أن يحققوا في الشبكات الإجرامية والمتطرفة التي ترتكب هذه الجرائم, ويدربوا وكالات إنفاذ القانون بطريقة أفضل لكي يحددوا ضحايا الإتجار، كما يجب أن تعالج الاستجابات الإنسانية مخاطر الإتجار بالبشر, بينما تضمن حصول الفتيات على التعليم والخدمات الصحية على نحو متساو، كذلك يجب أن تكون الحكومة الأمريكية قدوة عن طريق الحرص على أن تحمي سياساتها المتعلقة بالهجرة ولجوء الفتيات بطريقة أفضل.
إن الاستثمار في الفتيات ليس فقط الشيء الصحيح الذي يجب فعله, إنه قد يؤدي أيضًا إلى عالم أكثر أمنًا وازدهارًا، وهو درس يتعين على حكومات العالم أن تأخذه على محمل الجد بينما تحتفل بقوة وإمكانيات هؤلاء الفتيات.