مراد حسن بليم
كثيرا حمل العميد علي هزاع الصيادي روحه على أكفه منذ سبعينيات القرن الفارط ، خاض كثيرا من المعارك دفاعا عن ما ٱمن به من مبادئ وقيم وواجه مع رفاقه بضرواة عصابات ونظام صنعاء في سهول وجبال ووديان المناطق الوسطى ثم دفاعا عن الجنوب في جبهات العند ودوفس وصحاري العبر ، جرح مرات عديدة وتوزعت قطرات دمه النقية على خارطة وتضاريس اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه ، اشتراكيا صلبا رافضا للظلم والاستبداد وكواحدا من اولئك الذين خلقهم الله للدفاع عن الحق وعن الحرية وكرامة الانسان ..
مرفوع الهامة امشي
منصوب القامة امشي
في يدي غصن الزيتون
وعلى كتفي نعشي
لطالما ردد الشهيد هذه الكلمات ولطالما تغنى بقصيدة البردوني : شوطنا فوق احتمال الاحتمال ، فوق صبر الصبر لكن لا انخذال ،،
كان يردد ذلك بإيمان مطلق بما تعنيه تلك الكلمات ، وظل حتى بعد حرب ٩٤ الظالمة التي سرحت الاف الضباط من جيش اليمن الديمقراطي وقاعدتهم قسرا ، ظل مرفوع القامة ، شامخا كشموخ الجبال التي لا تنحني ،صامدا في محراب النضال ووفيا حتى اخر قطرة في دمه مع قضايا الوطن الذي نذر نفسه للدفاع والذود عنه في كل المنعطفات ..
الحديث عن الشهيد علي هزاع الصيادي لايشبه الحديث عن أي احد غيره ، فلقد كان رجل استثنائيا بشجاعته واستثنائيا بمواقفه واستثنائيا ببساطته ، هو من ذلك الرعيل المكافح الذي اصطفاهم الله وأحبهم ، من انقياء الضمائر المترعين بحب الناس والمدافعين عن قضاياهم حتى اخر قطرة دم .
عاش شامخا ورحل شامخا كالاشجار التي تموت واقفة ، قائدا ومعلما وجسورا في ميادين الشرف والبطولة ومن صناع ملاحم النصر في كل الجبهات التي قادها ببسالة واقتدار ضد مليشيات الحوثي الانقلابية ، في صرواح ونهم وحجة التي كانت محطته الاخيرة قبل ان يترجل شهيدا وتصعد روحه الطاهرة الى بارئها نقية كالبللور وصافية ككبد الشمس وباسمة كحدائق الربيع ..
يرحل الابطال قبل اوانهم بعد ان صالوا وجالوا في ميادين النزالات الحاسمة وفي الوقت الذي يتاجر اللصوص بدمائهم ويتغنون بتضحياتهم ويرسلون تعازيهم عبر الاثير ومن فنادقهم الوثيرة ، انه زمن قبيح كقبح تجار الحروب الذين لا يعرفون من الوطن الا ما يبيعون ويشترون بحقارة منقطعة النظير ، ويبقى الرجال الحقيقيين وحدهم من يدفع الضريبة من دمائهم الزكية .
لقد مني الوطن باستشهاد العميد علي هزاع الصيادي ، أطهر الرجال وأشرف الرجال بخسارة فادحة تدمي القلب ، خسارة لن تعوضها السنين مهما توالدت النساء بالرجال ، انها قاصمة ظهر وحدث جلل وكرب سيخيم علينا زمنا طويل ، غير انها ارادة الله ولا راد لقضائه ،،
عزاؤنا ايها الشهيد لابنائك واسرتك الكريمة ولكل رفاقك وللوطن وانا ماضون على دربك ولا نامت أعين الجبناء .