كريتر نت / بيروت
اهتمت صحف عربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، اهتماما كبيرا بإعلان رئيس وزراء لبنان سعد الحريري وضع استقالته تحت تصرف الرئيس اللبناني.
وقد توجه الحريري إلى القصر الرئاسي لتقديم الاستقالة إلى الرئيس ميشال عون يوم أمس الثلاثاء، وسط احتجاجات اجتاحت البلاد على مدار الأسبوعين الماضيين.
ولم يفصح عون بعد عن موقفه من الاستقالة.
ورحب عدد من الكتاب بقرار استقالة الحريري فيما ناقش عدد آخر تبعاتها وما إذا كانت ستؤزم الوضع في لبنان.
“إنجاز أول أهداف الانتفاضة”
تحت عنوان “الانتفاضة اللبنانية تنجز أول أهدافها”، تقول جريدة القدس العربي اللندنية إن استقالة الحريري جاءت “تحت ضغط الشارع الثائر لتمثل ما اعتبره المحتجون المبتهجون عند مسمع هذا النبأ بالأمس، انتصارا أوليا في حركة كفاحهم من أجل استبدال نظام تمادى في الطائفية والفساد والفوارق الاجتماعية وعلى حافة الإفلاس المالي، بنظام يرضي تطلعاتهم الاقتصادية والاجتماعية كما السياسية”.
وتضيف الجريدة في افتتاحيتها: “العنصر الحاسم في هذا المشهد أن اللبنانيين المنتفضين تمكنوا هذه المرة من تجاوز الخط الأحمر الذي وضعه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله على إسقاط الحكومة، والذي ترجم بالأمس، باعتداء أنصاره وأنصار رئيس المجلس النيابي نبيه برّي على المعتصمين في الساحات. وقد سبق مشهد الخيم المحترقة في ‘رياض الصلح’ خروج الرئيس الحريري بالأمس ليعلن استقالته”.
وتتابع القدس العربي: “الحكومة المستقيلة سيعهد إليها تصريف الأعمال إلى حين تشكيل واحدة جديدة، وقد اعتاد لبنان على فترات طويلة يكتفى فيها بتصريف الأعمال. إلا أن الفترة المقبلة لن تكون كسابقاتها، لأن الانتفاضة الشعبية اللامركزية والواسعة على هذا النحو غير مسبوقة في تاريخ هذا البلد، ولأن مطالبتها بإسقاط الحكومة فرع عن أصل هو المطالبة بإسقاط النظام، وهو ما يعني نظام الحكم بالدرجة الأولى، أو ما يصفه فريق عون بـ’العهد'”.
وتقول ميشيل تويني في جريدة “النهار” اللبنانية: “‘رجع لنا حقنا’ اليوم عندما سقطت في الشارع حكومة لم تفعل شيئًا سوى الفراغ والتعطيل من أجل مصالحها الخاصة. رجع لنا حقنا يوم من ادعى العفة قال له الشارع كفاك تمثيلًا”.
وتتابع الكاتبة: “نعم رجع لنا حقنا لأنهم سقطوا في الشارع بصوت كل لبناني ردد قسمه. رجع لنا حقنا عندما نظف اللبنانيون الشوارع وفرزوا النفايات أفضل من كل السلطة التي طمرتنا بالنفايات كل هذه السنين. الحق لا يمكنه إلا أن ينتصر مهما طال الوقت، والحق انتصر اليوم بوجه سماسرة قسموا البلاد إلى حصص كي يزيد ربحهم وربح جماعتهم”.
وفي النهار اللبنانية أيضا يصف راجح الخوري استقالة الحريري بأنها “استقالة ضرورية بارعة وصريحة، صحيح أنها تأخرت، لكن لم يكن في وسع الرئيس سعد الحريري أن يذهب إليها قبل أن يبذل كل ما في وسعه وحتى ما فوق طاقته، في محاولة لمنع لبنان من الانزلاق، أولًا إلى الفوضى السياسية وما تنطوي عليه من خطر فراغ قد يجرّ إلى حرب أهلية هناك من ينفخ في نيرانها، وثانيًا إلى الانهيار الاقتصادي الذي يقرع الأبواب”.
ويتابع: “هذه استقالة صريحة ومباشرة لأن الحريري لم يقدمها دستوريًا إلى رئيس الجمهورية فحسب، بل سياسيًا إلى الشعب اللبناني وبصراحة واضحة تمامًا تتبنى الانتفاضة الشعبية الهائلة، عبر القول إنه يقدم الاستقالة تجاوبًا مع إرادة اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات مطالبين بالتغيير”.
لبنان على “فوهة بركان”
يقول عبد الباري عطوان في جريدة “رأي اليوم” الإلكترونية اللندنية إن “لبنان، وبعد هذه الاستقالة، بات على فوهة بركان، خاصًة وأن هناك قوى عديدة، داخلية وخارجية، إقليمية ودولية، لا تريد له الأمن والاستقرار، وتستهدف ‘حزب الله’ على وجه التحديد، الذي بات يشكل قوة سياسية وعسكرية فاعلة وحاسمة، في قضايا عربية، ويشكل تهديدا وجوديا لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والمشروع الأمريكي في المنطقة”.
ويضيف عطوان: “لا نعرف ما إذا كان قرار السيد الحريري بالاستقالة، وفي هذا التوقيت، جاء انطلاقا من قناعاته الشخصية الصرفة، أم استجابة لضغوط هذه الجهات الخارجية، وخاصة الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الخليج”.
ويتابع الكاتب: “كيف سيتم التغيير الجذري، والقَضاء على الفساد والطائفية، دون المساس بسلاح المقاومة، هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجهه لبنان حاليا، وأي خلل في هذه المعادلة، استجابة لقوى تريد تفجير لبنان من الداخل، لتحقيق ما تعجز عنه عسكريا، أي القضاء على ‘حزب الله’، ونزع سلاحه سيقود إلى المواجهة العسكرية والحرب الأهلية التي لا تتمناها، وتسعى إلى تجنبها جميع الكتل السياسية والطوائف اللبنانية، لأنه في حال اشتعال فتيلها سيخرج الجميع منها خاسرين، ولبنان آخر غير لبنان الذي نعرفه”.
وفي السياق ذاته، ترى افتتاحية جريدة “الأخبار” اللبنانية في مقال مقتضب أن “لبنان دخل مرحلة شديدة الخطورة مع إعلان سعد الحريري استقالته. أزمة سياسية ومالية غير مسبوقة تواجهها البلاد بعد انصياع رئيس الحكومة للضغوطات الخارجية والمشاركة في الانقلاب على العهد في ظل ضبابية المشهد في الشارع”.