كتب : أحمد طه المعبقي
مايميز أبناء تعز طيلة العقود الماضية ، بانهم أيادي عاملة منتجة يكسبون رزقهم من عرق جبينهم هذه السمة هي التي ميزت الانسان التعزي بان يكون السباق في تشكيل النواة الاولى للمجتمع المدني . بعكس الرجل في شمال الشمال الذي ظل متأثر بثقافة المستعمر العثماني القائمة على سياسية الجباية والتنافيذ والتجهيل وسلب حقوق الغير من خلال الاستقواء بقوة السلاح . ونظام الائمة في اليمن ما هو إلا امتداد للنظام العثماني ،وقد اتخذ الائمة النظام العثماني نموذجا لادارة شئوون الناس ، وظل هذا النظام قائم حتى بعد ثورة 26سبتمبر وأصبح أعراف المستعمر العثماني قانون يعمل به حتى يومنا هذا . ويعتبر المستعمر العثماني أطول مستعمر ظل جاثم على الوطن العربي .. وشهد الوطن العربي خلال ذلك الحقبة التاريخية ركود حضاري لم يشهد له مثيل من قبل بسبب سياسية التجهيل والعزلة الذي انتهجه المستعمر وماترتبه عنه من أثار كارثية .
نستطيع القول بان الحرب الدائرة في اليمن ، دمرت كل شئ جميل وحجم الدمار بلغ حجم مادمره المستعمر العثماني طيلة أربعة قرون من الزمن ولا أقصد هنا دمار للبنية التحتية فحسب ، ولكن اقصد هنا دمار للأخلاق الإنسانية .. وكيف تحول الناس الى حوش ؟ وصارت تعز مدينة الضباع والذئاب تعمل بنظامين بنظام سنان باشا ونظام يحي حميد الدين ،أوبالاصح بعقلية جنود الانكشارية وجنود الائمة .
منذ تشكيل الجيش بتعز عام 2016 م . كان يعول عليه باستعادة الدولة من المليشيا الإنقلابية ، وإذا بهذا الجيش ينقلب على تطلعات وطموح المواطن التعزي ، ويصبح هذا الجيش جزء من المشكلة ؛ كونه لم ينشأ وفق معايير وطنية ، وأصبح قادة هذا الجيش ينهجوا سياسية الجباية وجمع الاموال الغير مشروعة من خلال النهب المنظم للممتلكات العامة والخاصة .. حتى منازل المواطنيين لم تسلم من هذا النهب – ولم يتوقف عند هذا الحد . بل تحول بعض منازل المواطنيين بالاضافة إلى المؤسسات التعلمية إلى سجون ومعتقلات لأصحاب الرآي والفكر ..
عموما : ليس بوسع أحد أن ينكر بان المؤسسات المدنية بتعز تم تدميرها بشكل كلي ، وتم تطبيع السكان القاطنيين بتعز بسلوك يتنافى مع السلوك المدني .
وكما هو معروف أيضا : بإن هناك نقابات وأحزاب كبيرة ذابت داخل الجيش وأصبح لدينا نقابات مسلحة وحزب مسلح . فالمؤسسة المدنية سواء كان حزبا أو نقابة أصبح ملحق من ملحلقات محور تعز العسكري ، وأصبح اعضاء وقادات الأحزاب والنقابات يحملون رتب عسكرية رفيعة داخل كتائب الجيش .. وهنا تكمن الخطورة على تعز بعسكرة الحياة المدنية وبعودة عجلة التاريخ إلى القرون الغابرة