كريتر نت / عدن
تخشى أوساط سياسية يمنية من حدوث انتكاسة لاتفاق الرياض المبرم برعاية سعودية بين السلطات الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي بسبب ما تسمّيه تلك الأوساط “تحرّكات إخوانية منسّقة مع دول إقليمية”.
وقالت مصادر مطّلعة على كواليس الجهود الهادفة لوضع الاتفاق موضع التنفيذ الفعلي على الأرض، إنّ جماعة الإخوان ممثّلة بحزب الإصلاح تتخذ من ترتيب عملية تنفيذ بنود الاتفاق مدخلا لتخريبه، في وقت تعود فيه قطر بقوّة لتوظيف آلتها الإعلامية لتشويه دور دول التحالف العربي في اليمن وتحديدا في مناطق الجنوب، محاولة إلصاق تهم الإرهاب بالتحالف والقوات المحلّية المدعومة من قبله والتي كان لها دور مفصلي في ملء الفراغ ومنع سقوط تلك المناطق بيد تنظيمي القاعدة وداعش.
وأوضحت أن كبار القادة السياسيين والعسكريين لحزب الإصلاح يحاولون استخدام مواقعهم في السلطة الشرعية لفرض ترتيب زمني لتنفيذ ما نصّ عليه اتّفاق الرياض بشكل يخدم مصلحة الحزب بل يتيح له السيطرة الكاملة على عدن وباقي مناطق الجنوب، الأمر الذي ينظر إليه قادة بالمجلس الانتقالي على أنّه خدعة تستهدفه.
وعلى سبيل المثال يريد الإخوان البدء ببند تسليم السلاح تحت عنوان حصره بيد السلطة الشرعية التي يعلم الجميع أنّ القوات العسكرية الأساسية التابعة لها واقعة تحت سيطرة جماعة الإخوان بقيادة نائب الرئيس الجنرال علي محسن صالح الأحمر.
ولا يمانع المجلس الانتقالي في ضبط السلاح وتوحيده على أن يسبق ذلك تأسيس هيكل أمني واضح المعالم ومتّفق عليه وبقيادة غير منحازة حزبيا.
وأشار إلى ذلك بوضوح أحمد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي بالقول في حوار تلفزيوني “نرى قفزا على النقاط التي حدّد الاتفاق تسلسلها الزمني”، مضيفا في حديثه لقناة الغد المشرق “لا يمكن مثلا تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسّطة من قبل المجلس الانتقالي، بينما لا تزال الأسلحة موجودة بيد حزب الإصلاح والقوى الإرهابية المتواجدة على أرض الجنوب”.
وتساءل بن بريك “هل نسلّم رقابنا لهؤلاء؟”، ليجيب “لا يمكن تحقيق بند تسليم السلاح قبل أن يتحقّق البند الأوّل الذي هو تأسيس أمن عدن”.
كذلك تحدّث المسؤول بالمجلس الانتقالي عن تحركات على الأرض لوزراء بالشرعية لإفشال تنفيذ اتفاق الرياض الذي وصفه بالجيد “رغم وجود ثغرات فيه”.
وسبق لمصادر يمنية أن تحدّثت عن قيادة كلّ من وزير الداخلية ووزير النقل في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، أحمد الميسري وصالح الجبواني ما يشبه التمرّد على اتفاق الرياض وتحرّكهما في مناطق سيطرة جماعة الإخوان المسلمين لأجل التجييش ضدّ الاتفاق الذي عبّرا أكثر من مرّة عن رفضهما له.
ويحذّر ساسة وقادة رأي يمنيون من أن خضوع الشرعية لضغوط الإخوان وإسنادها أي دور للوزيرين الميسري والجبواني في السلطة الجديدة الجاري تشكيلها بالتعاون بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي سيشكّل انقلابا على اتفاق الرياض.
كما تمّ مؤخّرا تداول أنباء عن بوادر أزمة جديدة يمكن أن تندلع بين الشرعية والمجلس الانتقالي والتحالف من جانب، ووزيري الداخلية والنقل في بعض المحافظات بسبب تغريد الوزيرين خارج سرب الشرعية.
وأوردت وكالة سبوتنيك الروسية أنّ “أولى حلقات الأزمة بدأت بعد توجيهات هادي بعدم الاعتداد بأي من القرارات والتعليمات التي يصدرها وزير الداخلية”.
وقال ابن بريك إنّ هناك تحركات على الأرض تسعى لإفشال اتفاق الرياض، كما يحدث في كل من شبوة وحضرموت والمهرة من قبل وزراء ومسؤولين يتبعون الشرعية، فضلا عن عدم تمكن الحكومة من صرف مرتبات العسكريين في عدن فقط. وأشار إلى أنّ المجلس الانتقالي مازال حتى الآن ملتزما بضبط النّفس، مطالبا التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية بممارسة أقصى الضغوط سواء السلمية أو بالقوة لإيقاف المحاولات العبثية التي تسعى إلى نسف اتفاق الرياض.
كما تعرّض لموضوع تشكيل الحكومة الجديدة المفترض أن تتشكّل مناصفة بين الشمال والجنوب في غضون ثلاثين يوما من التوقيع على اتفاق الرياض، قائلا إنه لا يعلم الكثير عنها سوى ما يتداول عن أن المجلس الانتقالي سيحظى بست حقائب داخل الحكومة المنتظرة، داعيا إلى أن تكون هذه الحقائب ممثّلة لكافة المحافظات الجنوبية.
ولا يفصل مراقبون بين جهود جماعة الإخوان لتخريب اتفاق الرياض وبين الأجندة القطرية التركية الداعمة لهم على أمل تدمير المنجز الذي حقّقه التحالف العربي في اليمن سواء لجهة فرملة المشروع الإيراني الممثّل بجماعة الحوثي، أو لجهة منع سقوط مناطق شاسعة بالبلاد بيد تنظيمي القاعدة وداعش حين كانت القوات المحسوبة على الشرعية والخاضعة عمليا لإمرة حزب الإصلاح منصرفة لخوض معارك جانبية على النفوذ والسيطرة على المقدّرات، أو لجهة الجهود الإنسانية لتطبيع الأوضاع في المناطق اليمنية المستعادة من القاعدة والحوثيين.
وبرزت في أداء هذا الدور بشكل استثنائي دولة الإمارات عبر ذراعها الإنسانية هيئة الهلال الأحمر التي بذلت على مدار سنوات جهودا إغاثية وتنموية مؤثرة بشكل واضح في الحياة اليومية لسكان المناطق اليمنية الأكثر تضررا من الحرب ومن الكوارث الطبيعية.