كريتر نت / كتب- جهاد عوض
ثقافة الحوار وقبول الراي والراي الاخر, تكاد تكون غائبة ومعدومة من يومياتنا وحياتنا بشكل عام, واصبح الكثير من الأفراد يتبرم ولا يقبل راي مناقض ومخالف له, بل يصل بالبعض أن يجعل قوله وفعله مقدما ومقدسا, لا يمكن التراجع أو التنازل عنه سوى كاملا أو جزيئا, باعتباره الطرح السليم والمنطق القويم, ولو أتفق الجميع على عدم صوابه ومصداقيته.
لهذا ثقافة الحوار والاختلاف بين أفراد المجتمع, مبدى أساسي وسلوك حضاري شائع ومتعايش, عند شعوب العالم بتعدد وتنوع مذاهبهم وأعراقهم الدينية والسياسية, الواجب علينا أن نتحلى ونتخلق به في حواراتنا ونقاشاتنا, ليس ترفا وتزلفا بل كمفهوم ونمط أخلاقي إيجابي, لا يمكن التخلي والاستغناء عنه في الحياة الخاصة والعامة, سوى كان ذلك في باب السياسة ودهاليزها العميقة, بل في كل القضايا المثارة مجتمعياً,
يجب أن يكون مشاعا في حياتنا وممارستنا اليومية, في العمل والشارع والمنزل, خاصة أمام أبناءنا وصغارنا الذي يجب منا أن نربى وننمى في ذواتهم وسلوكياتهم هذه المبادي, كقيم نبيلة ولغة مشتركة يتم التخاطب والتفاهم بها مع الاخرين, باعتبارها جزاء أساسي من الحرية الشخصية وحق من حقوقهم القانونية والإنسانية.
أن إشاعة ثقافة الحوار والاختلاف في الراي في المجتمع بمؤسساته وهيئاته المتعددة يزيد النسيج الاجتماعي قوتا ومناعتا, ويعطيه حركة ومرونة في مناقشة كل القضايا والأزمات الساخنة, من خلال بروز وتنوع الآراء والأفكار فيها بحرية وشفافية, وبروح وطنية ومجتمعية وإنسانية,
الغرض والفائدة المرجوة منها استخلاص النتائج بطريقة ملموسة وواضحة تنسجم وتخدم المصلحة العامة للفرد والمجتمع, واخراجه من نفق أزماته المتعددة والمتكررة, طالما ومسالك الحوار والأفكار تطرح وتدار بطريقة واقعية وموضوعية, بعيدا عن محاور ومفاهيم التهديد والوعيد ومنطق العنف والأقصاء, الذي لا يجدي نفعا ويجلب إلا التعصب والفرقة واستدعاء منطق نزعات القبلية والمناطقية المقيتة, وبالتالي صراع وحروب مأسوية ومدمرة للجميع.
الخلاصة ثقافة الحوار هيا أنجع وسيلة وأفضل طريقة للخروج من الازمات, ونقيضها ماهي إلا طرق دنيئة وخبيثة توصل البلد الى الفرقة والشتات, !
وحتى لا نكون ذات يوم, كما قال الشاعر أحمد مطر :
قال لزوجته: اسكتي
وقال لابنه: انكتم،
صوتكما يجعلني مشوّش التفكير،
لا تنبسا بكلمة:
أريد أن أكتب عن حريّة التعبير.