كريتر نت / متابعات
بعد موافقة المحكمة العليا الإسرائيلية على البحث في ملفات خطف الأطفال اليهود اليمنيين، والاتجار بهم، تتدارس هيئات العرب في إسرائيل طرح قضية خطف أطفال فلسطينيين والاتجار بهم بالطريقة نفسها.
وقالت مصادر محلية، إن الحديث عن قضية خطيرة آن الأوان لفتحها من جديد واستنفاد التحقيق فيها ومعرفة مصائر هؤلاء الأطفال ومعاقبة المسؤولين عن خطفهم والاتجار بهم. وتفيد مصادر سياسية بأن هذه القضية تتعلق بألوف الأطفال اليهود ومئات الأطفال العرب، الذين تم خطفهم من ذويهم وبيعهم لعائلات يهودية من أصول أوروبية وغربية وتربيتهم في تلك العائلات، بعضهم يعرف وبعضهم الآخر لا يعرف شيئاً عن أصوله.
وكانت إسرائيل قد أقامت لجان تحقيق عدة في قضية الأطفال اليمنيين، وأسفرت التحقيقات عن التأكيد بما لا يقبل الشك في وجود أعداد كبيرة من الأطفال اليهود الذين خطفتهم السلطات الإسرائيلية من ذويهم في مطلع سنوات الخمسين من القرن الماضي، لكن التحقيقات لم تكتمل في أي مرة. فلم يتم حصر عددهم. هناك من يتحدث عن عشرة آلاف طفل وهناك من يقول إن العدد أكبر بكثير. غالبيتهم من عائلات يمنية، تم خطفهم عند هجرتهم إلى إسرائيل. بعضهم خطفوا من المستشفيات. فكانت العائلة تحضر الطفل للعلاج، فيبلغونها بأن طفلها توفي. لكنهم لم يسلموها جثة. وحصل الأمر أيضاً مع عائلات قادمة من دول أوروبا الشرقية ومن دول عربية أخرى. وادعى بعض المتورطين في هذه الجريمة أن الفكرة كانت «إنسانية»؛ إذ بيع الأطفال لعائلات غنية قادمة من أوروبا نجا أفرادها من المحرقة النازية، لكن عائلات هؤلاء الأطفال الأصلية، تساءلت عن مشكلتها الإنسانية وحرقة قلوب الآباء والأمهات على فقدان أولادهم بهذه الطريقة البشعة.
في هذه الأثناء، قررت آخر لجنة تحقيق إسرائيلية رسمية في هذه القضية، والتي تعرف باسم «لجنة كيدمي»، أن أولاد المستأنفين هم بمثابة مفقودين، وأنه لا توجد أي قرائن أو مستمسك يمكن أن تسلط الضوء على مصيرهم.
بناءً على ذلك، توجهت 27 عائلة يمنية إلى المحكمة المركزية بدعاوى ضد دولة إسرائيل والوكالة اليهودية تطلب معرفة ظروف ارتكاب الجريمة ومصائر الأطفال. لكن هذه المحكمة تبنت ادعاء النيابة باسم الدولة، وقررت أنه لا توجد منظومة حقائق متشابهة في أي من حالات اختفاء الأطفال؛ ولذلك فإن استيضاح وجود حقائق مشتركة تجمع بين الحالات كافة من خلال دعوى واحدة، سيؤدي إلى تسخيف الإجراء القضائي من دون مبرر. فتوجهت هذه العائلات إلى المحكمة العليا، فقررت قبول الدعوى وتوحيد الملفات والنظر فيها كقضية واحدة، بما في ذلك البحث في منح العائلات تعويضات مالية عن الأضرار النفسية التي عانت ولا تزال تعاني منها، جراء اختفاء أبنائها أو أشقائها.
وقررت المحكمة العليا أن «الأحداث التي تصفها الدعوى الجماعية (تسرد قصة واحدة لقضية صعبة ومؤلمة في تاريخ دولة إسرائيل)». وقالت إن «قضية اختفاء أطفال بين المهاجرين من اليمن في السنوات الأولى للدولة، في فترة هجرتهم إلى البلاد واستيعابهم فيها، من دون الحسم في جوهر دعوى المستأنفين، وكذلك إن الأفعال والإخفاقات المزعومة التي ارتكبها موظفو الدولة والوكالة، والمعلومات التي بحسب الادعاء تم تسليمها إلى ذوي الأطفال الذين اختفوا بشكل فجائي، وخصوصاً الاختفاء المطلق للأطفال من دون إبقاء أي أثر، كل هذه الوقائع تثير شبهات مقلقة حيال نمط أداء واحد من جانب المدعى عليهم، ومن شأنه منح المدعين الحق في الحصول على مساعدة في نهاية الإجراء القضائي».
وأضاقت المحكمة، أنه من أجل الحسم في الدعوى، يتعين على المحكمة النظر في قضايا واقعية وقانونية مشتركة عدة لجميع الحالات، وبينها أنظمة نقل أطفال المستأنفين إلى بيوت الأطفال والمستشفيات من جانب الدولة والوكالة اليهودية؛ ضلوع موظفي الدولة والوكالة اليهودية في إنشاء الظروف التي أدت إلى اختفاء الأطفال والتسبب بقطيعة بينهم وبين ذويهم؛ قبول تقارير لجان التحقيق كأدلة في الإجراء القضائي؛ قبول وثائق تاريخية مختلفة كدليل، وبضمن ذلك توجهات وشكاوى خطية أرسلها ذوو الأطفال إلى السلطات حول اختفاء أطفالهم؛ وكذلك القضية المركزية حول الادعاء بالتقادم.
وكان الرئيس السابق لمحكمة الاستئناف الشرعية في يافا، البروفسور أحمد ناطور، قد دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول إقدام إسرائيل على إرسال عشرات الأطفال الفلسطينيين من أصول مسلمة في سبعينات القرن الماضي ولغاية مطلع التسعينات للتبني في دول أوروبية، وخصوصاً السويد وهولندا. وطالب القاضي ناطور، النواب العرب عن القائمة المشتركة، بتقديم طلبات رسمية لإقامة لجنة تحقيق في القضية، وقال إنه يعرف عن إرسال 214 طفلاً للتبني في أوروبا، بأساليب ما زالت تتكتم عليها، لكن الوزير يريف لفين، الذي ينسق بين الحكومة والكنيست، اعترف بها جزئياً. ودعا القاضي ناطور إلى ممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على الكشف عن حجم الظاهرة وقوائم الأطفال الذين جرى تحويلهم إلى التبني وإلزامها بمنحهم جميعاً المواطنة الإسرائيلية وحق العودة إلى البلاد. وقال إن الغالبية العظمى من هؤلاء، اليوم، في الثلاثينات وحتى الأربعينات من العمر، ولهم الحق القانوني والأخلاقي بالحفاظ على الانتماء الديني والقومي والثقافي والحضاري واللغوي وحتى الجنسية.