كريتر نت / وكالات
أعلن نائب رئيس الوزراء التركي الأسبق، علي باباجان، عن أن حزبه الجديد سينطلق خلال شهر يناير/ كانون الثاني المقبل رغم التهديدات من قبل نظام الرئيس رجب طيب أردوغان.
جاء ذلك في تصريحات إعلامية أدلى بها، الجمعة، القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية الحاكم، بحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة “جمهورييت” المعارضة.
وقال باباجان، في تصريحاته إن “الحزب سوف ينطلق خلال يناير المقبل، ولن نتراجع عن الطريق الذي بدأناه رغم التهديدات والافتراءات وتلطيخ سمعتي وتشويهها.. لقد خاطرنا بكل شيء ولن يثنينا أحد عن طريقنا”.
وأضاف أن الجهود الخاصة بإطلاق الحزب قد استغرقت وقتًا أطول من المتوقع، لافتا إلى أن الشعب هو من سوف يقرر اسم الحزب.
الرد على اتهامات أردوغان
وردًا على حملات تشويهه من قبل رفيق دربه السابق، أردوغان، وتفنيدًا لمزاعمه حول اقتراضه من بنك “خلق” الحكومي، قال باباجان: “رئيس الجمهورية يعرفني بشكل جيد. لماذا دعاني للعمل معه قبل 6 أشهر؟ يمكنني أيضًا أن أقول أشياء أثقل من هذا في المستقبل. لقد خاطرنا بكل شيء، واكتمل قرارنا، ولا يمكن لأحد أن يثنينا عن هذا الطريق، ومستعدون لتقديم الحساب عن كل شيء”.
وتابع قائلا: “من ألقى تلك الافتراءات فإن يديه ملوثة ولا يمكنه التخلص من الوحل بسهولة”.
كما علق باباجان على قضية جامعة “إسطنبول شهر” قائلًا: “إذا كانت هناك تسوية سياسية، فيجب أن تقوم على أساس السياسة، لكن لماذا يتم التضحية بآلاف الطلاب؟”.
وكان أردوغان قد أطلق حملة ممنهجة ضدّ خصوم سياسيين من الوزن الثقيل، انشقوا عن حزبه لتأسيس أحزاب جديدة قد تُطيح بالعدالة والتنمية، حيث اتهم حلفاء سابقين، بالاحتيال على “بنك خلق” المملوك للدولة، والذي تلاحقه اتهامات خرق العقوبات الأمريكية على إيران.
وقال أردوغان في كلمة سابقة له “قدم البنك قرضا كبيرا لهم، إلا أنهم لم يسددوه وطلبوا إعادة هيكلة القرض الذي حصلوا عليه بدون ضمانات”.
اتهامات أردوغان جاءت دون تقديم أدلة على احتيال جامعة “إسطنبول شهر” على البنك والحصول منه على قرض قيمته 417 مليون ليرة (72 مليون دولار).
واتهم أردوغان كذلك باباجان، ووزير الاقتصاد الأسبق أيضا محمد شمشك بالتوقيع على مرسوم مشبوه بتخصيص أراض مملوكة للدولة، للجامعة ذاتها.
تجدر الإشارة إلى أن أحمد داوود أوغلو، رئيس حزب “المستقبل” المعارض، رئيس الوزراء الأسبق، هو أحد مؤسسي الجامعة المتعثرة في سداد القرض، وأقام البنك دعوى ضد الجامعة في محاولة لاسترداد الأموال، كما تم تجميد أصول الجامعة.
ونفى داوود أوغلو، في وقت سابق، صحة الاتهامات، وطالب أردوغان وعائلته، في المقابل، بالكشف عن ممتلكاتهم وأي أصول اكتسبوها خلال مسيرتهم السياسية.
الأوضاع المتردية بتركيا
وتعليقًا على الأوضاع المتردية التي تشهدها تركيا لا سيما على الصعيد الاقتصادي، قال باباجان في التصريحات ذاتها “الأوضاع بالغة السوء، وكلما أنظر إلى حال البلد أتألم وأبكي دمًا”، مؤكدً أن تركيا لم تعد بحاجة لحزب فردي جديد.
واستطرد قائلا “وأسفاه على تلك البلد، نحن لا نستحق هذا، هذا البلد يحتاج إلى مراجعة سياسية كاملة”.
انتهاك الحريات وتقييدها
وحول حرية الرأي والتعبير في تركيا، قال باباجان: “تخوين كل من يختلفون معنا في الرأي، واتهامهم بمحاولة قلب نظام الحكم، انتهاك للحريات وتقييد لها. وهذا مؤشر يبرهن على مدى خطورة الميول والاتجاهات التي يتبعها النظام الحاكم”.
في السياق ذاته، شدد على ضرورة إطلاق سراح كل من الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي السابق صلاح الدين دميرتاش، ورجل الأعمال عثمان كفالا، ومحاكمتهم دون اعتقال.
وأوضح باباجان أنه مؤيد للنظام البرلماني وضد النظام الرئاسي الذي تم تفعيله العام الماضي، مشيرًا إلى أنه سبق وأن حذّر كثيرًا من تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد خاصة مع معدل البطالة الذي لم تشهده البلاد من قبل”.
انهيار العدالة والتنمية وتداعي أركانه
يذكر أن حزب العدالة والتنمية يشهد منذ فترة حالة من التخبط والارتباك السياسي على خلفية الانشقاقات المتتالية التي تضرب صفوفه بين الحين والآخر، في أعقاب الخسارة الكبيرة التي مني بها أمام أحزاب المعارضة في الانتخابات المحلية الأخيرة، مارس/آذار الماضي، والتي فقد فيها العديد من البلديات الكبرى، على رأسها بلديتا العاصمة، أنقرة، وإسطنبول.
ومن أبرز الاستقالات في صفوف الحزب، استقالة داود أوغلو، في 13 سبتمبر/ أيلول، حيث أعلن وقتها أن “الحزب لم يعد قادرا على حل مشاكل تركيا ولم يعد مسموحا بالحوار الداخلي فيه”.
ويوم 13 ديسمبر/كانون أول الجاري، أعلن داود أوغلو، تأسيس حزبه الجديد “المستقبل”، مستعرضًا مبادئه، والسياسات العامة التي سيتبعها، ليضع بذلك نهاية لحالة الجدل والترقب بشأن مساعيه لإعلان الحزب والتي بدأت منذ انشقاقه عن صفوف العدالة والتنمية، الحاكم.
وشغل داود أوغلو (60 عاما) منصب رئيس الوزراء بين عامي 2014 و2016 قبل أن يختلف مع الرئيس أردوغان. ووجه هذا العام انتقادات حادة لأردوغان والإدارة الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية واتهمهما بتقويض الحريات الأساسية وحرية الرأي.
وجاءت استقالة داود أوغلو بعد شهرين على استقالة علي باباجان من حزب العدالة والتنمية، الذي سيعلن عن حزبه الجديد في يناير كما أوضح.
تأتي كل هذه التطورات في وقت يفقد فيه “العدالة والتنمية” كل يوم مؤسسيه وقاعدته الشعبية منذ فشله في الانتخابات البلدية، لا سيما فقدانه أحد رموز سيطرته وهي بلدية إسطنبول.
وفي 14 الشهر الجاري، قالت صحيفة “يني جاغ” نقلا عن بيان للنيابة العامة بالمحكمة العليا، إن 114.116 عضوًا استقالوا من العدالة والتنمية خلال 4 أشهر فقط؛ اعتراضًا على سياساته.
وجاء في البيان أن 56 ألفاً و260 عضواً استقالوا من الحزب خلال الفترة من 1 يوليو/تموز إلى 6 سبتمبر/أيلول 2019، فيما استقال 57 ألفاً و856 عضواً خلال الفترة من 6 سبتمبر إلى 22 نوفمبر/تشرين ثان الماضيين.
كل هذه التطورات كانت سببًا في تعالي الأصوات التي ألمحت في تركيا إلى عقد انتخابات مبكرة، وذلك على خلفية الأوضاع المضطربة بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تشهدها منذ فترة، وتداعياتها المختلفة كارتفاع معدلات التضخم، والبطالة، والأسعار لأرقام غير مسبوقة.