كتب : د / عيدروس نصر
تجنبت طويلا الحديث عن الإخوة في التجمع اليمني للإصلاح ومواقفهم السياسية إزاء التعقيدات التي يتعرض لها المشهد السياسي في اليمن والموقف من القضية الجنوبية، ولدي أصدقاء تناقشت معهم طويلا واتفقنا حيناً واختلفنا كثيرا وسأتناول هنا العديد من النقاط المتعلقة بالموقف من القضية الجنوبية وما يكتنف موقفهم من تناقضات حينا وعدائية صارخة صارت مؤخرا هي العنوان الرئيسي لمعظم خطابهم السياسي والإعلامي.
يعلم كل متابع للتاريخ الحديث في ما يتصل بثنائية الوحدة والانفصال في اليمن، أن موقف الإخوان في التجمع كان ضد وحدة ٢٢ مايو وحتى أن الرئيس صالح دخل معهم في نزاع وعبرت قيادات الإخوان عن رفضها لوحدة اليمن ويتذكر الجميع مسيرة المليون في صنعاء التي رفعت فيها البنادق رفضا لدستور دولة الوحدة وهو لم يكن سوى تجسيد لقناعة راسخة لدى الإخوان إن أي مشروع وحدوي مالم يكن (إسلامياً) فإنهم يرفضونه، وهو ما يعبر عن سياسة معظم التنظيمات الإخوانية والإسلامية المتشددة المعاصرة.
يمر التجمع اليمني للإصلاح (الذي يغضب قادته من تسميته بحزب الإصلاح) بمأزق تاريخي يتعلق بالوضع الحرج للتظيم الدولي
للإخوان المسلمين في العالم، ومنشأهُ أن معظم دول العالم تعتبر حركة الإخوان حركة إرهابية، وأن كل التنظيمات الإرهابية (القاعدة وداعش) ومشتقاتهما خرجت من معطف الإخوان، ويحتفظ معظمها بعلاقة قوية علنية (وأحيانا سرية) مع القيادات الإخوانية وفي هذا لا يختلف حزب البشير عن حكومة السراج، ولا إخوان مصر عن حزب اردوجان، ولا حركة النهضة التونسية عن التجمع اليمني للإصلاح.
هذا المأزق يجعل الكثيرين من المتعاطفين مع الإخوان أو المحتضنين لهم يتعرضون للحرج في الكثير من المواقف التي يضع الإخوة الإصلاحيون انفسهم وحلفاءهم في مواجهتها، خصوصا وهم يتصرفون تصرف الأوصياء على العقيدة والإيمان، والتشبث باحتكارهم للصواب وتخطئة و(أحيانا) تكفير كل من يخالفهم.
سأتوقف في حلقة قادمة لمجموعة من المتناقضات التي تعصف بسياسات ومواقف الإخوان في التجمع اليمني للإصلاح ليس فقط في ما يخص القضية الجنوبية ولكن في كل الأزمة اليمنية والموقف من التحالف العربي.