كريتر نت / تقرير/ رائد علي شايف
إلى العاصمة الأبدية عدن وجه الجنوبيون انظارهم هذه المرة سعيا لاستعادة مكانتهم بين الأمم.. وفي عدن التاريخ حضر الجنوب بكل تفاصيله روح وجسد ونشيد وعلم.. ومن عدن الثورة كان العنوان العريض والرسالة البليغة التي أسمعت من به صمم..!
في عاصمة الجنوب الحرة،كان التواجد الجنوبي في غاية الاهمية،إذ استطاع من خلاله الانتقالي وبحجر واحدة أن يصطاد عصافير عدة، كيف لا وقد كان بارعا وماهرا في إجادة تحريك بيادقه على رقعة الملفات الشائكة، موجها ضربات ساحقة لخصومه، ويبدوا أن اختيار توقيت اللعب هذه المرة لم تكن وليدة الصدفة بل بعناية فائقة وتخطيط مدروس جدا،حيث ذكرى التصالح والتسامح التي تمثل حجر الزاوية ومحور الارتكاز في المعادلة الثورية الجنوبية،بعد أن ظل أعداء الجنوب يلعبون على وتر إحداث الانقسام الجنوبي- الجنوبي،مراهنين على مقدرة وسائل إعلامهم في نشر ترويجاتهم القذرة سعيا للوصول إلى مبتغاهم.. وأنى لهم ذلك..!
رسائل متعددة وجهها الانتقالي على مختلف الأصعدة فقد حذر وأنذر وتحدى، وكشف وفضح وعرى، وهو يضع نقاط الحاضر الجنوبي على حروف المستقبل الواعد،بمعان ودلالات ورسائل متعددة الاتجاهات شملها البيان الختامي للجمعية الوطنية المنعقدة خلال الفترة من 13 إلى 15 يناير بمدينة عدن،لتخرج للعلن على شكل توصيات هامة ومخرجات عامة تعمل على تلبية كل الآمال وتحقق جميع التطلعات..!
رسائل تطمين جنوبية
في قراءة سريعة لأبرز ما جاء في التوصيات والقرارات الختامية لاجتماع الجمعية الوطنية نجدها قد أفردت مساحة اطمئنان كافية للداخل الجنوبي يستطيع من خلالها المواطن بنفسه استشراف مستقبل الدولة الجنوبية الاتحادية واستكشاف معالم نهضتها القادمة وهو يشعر بجرعات ثقة مسبقة تبشر بارساء مداميك الدولة على أسس سليمة وتعطي انطباع أولي مشبع بالوطنية الحقة بأن الحقوق العامة والخاصة ستحضى بالاهتمام الكبير،
ولعل أبرز تلك التوصيات ذات الشأن الجنوبي ما أوصت به الجمعية الوطنية قيادة المجلس الانتقالي “متابعة تنفيذ القرارات السابقة المتعلقة بتحرير وادي حضرموت وشبوة والمديريات المحتلة في محافظة أبين والمهرة وسقطرى،واتخاذ الإجراءات اللازمة لما يضمن تمكين أبناء هذه المناطق من الإدارة الرشيدة لها”،وهذا إن دل فإنما يدل على الحرص الجنوبي لاستعادة كل جزء من الوطن ما تزال تعبث به أيادي الاحتلال،والعمل على تمكين أبناء الجنوب من بسط سيطرتهم الكاملة على مناطقهم ومقدراتهم واحكام السيطرة واستعادة الأمن والاستقرار فيها.
وسعيا إلى لملمة شمل كل الجنوبيين وضمهم تحت راية جنوبية جامعة فقد دعت الجمعية الوطنية الجنوبية إلى تعزيز الاصطفاف الوطني تطبيقا للقيم النبيلة للتسامح والتصالح قولا وفعلا ، ومواصلة الحوار الجنوبي بكل شفافية ومصداقية وبشكل جاد ومسؤول مع كافة القوى الحية، بما يكفل استيعاب الجميع بالعملية السياسية القائمة، انتصارا لقضية الجنوب واستقلاله واستعادة وبناء دولته الفدرالية.
وعدت هذه الخطوة بمثابة دعوة رسمية لكل الجنوبيين الذين ما تزال ظروف بعضهم وآراء ووجهات نظر البعض الآخر منهم تبقيهم على بعد مسافة من نقطة الالتقاء مع إخوانهم وبني جلدتهم.
وإيمانا وتقديرا منها بالتضحيات الجسيمة التي سطرها شهداء وجرحى الجنوب في مختلف ميادين الفداء والتضحية،لم تنسى أو تتناسى الجمعية الوطنية كل تلك المآثر البطولية وهي توصي هيئة رئاسة المجلس الانتقالي بإعطاء مزيداً من الرعاية والاهتمام بأسر الشهداء والجرحى ومساعدتهم على ضمان العيش الكريم، كما لم تغفل الجمعية عن الاهتمام بشباب المستقبل الجنوبي ولم تتجاهل الدور الرائد للماجدات الأحرار وهي توصي بتمكين الشباب والمرأة في كل مفاصل القرار في المجلس الانتقالي الجنوبي ودعم دورهم في المجتمع بما يتوافق مع المواثيق الوطنية والدولية وجعلهم عنصراً فاعلاً في صناعة الحاضر والمستقبل.
أمرا آخر ركزت عليه التوصيات تمثل في تعزيز وتفعيل دور النقابات والاتحادات الابداعية ومنظمات المجتمع المدني حيث أوصت الجمعية باضفاء الصبغة الوطنية والهوية الجنوبية على أدائها ودعمها بما يعزز دورها المساهم في خدمة المجتمع.
وحفاظا على الممتلكات العامة والخاصة فقد أوصت الجمعية الوطنية رئاسة الانتقالي وبالتنسيق مع الجهات ذات الاختصاص بتوقيف العبث بالمخططات والمساحات والمتنفسات وكذا البناء العشوائي في مساحات المعالم والمدن الأثرية والتاريخية،كما لم تغفل الجمعية عن التوصية بتحسين معيشة الشعب وتأمين الخدمات الأساسية ومحاربة الفساد والمفسدين في مؤسسات ومرافق الدولة، وأقرت في سبيل ذلك تشكيل لجنة لصياغة وثائق لرقابة المؤسسات.
رسائل تحذير لأعداء الجنوب:
وفي سياق متعلق بالجنوب الأرض والإنسان بعثت الجمعية الوطنية برسائل تحذير عدة إلى حكومة الفساد التي ينهش جسدها الهش ويعبث بمؤسساتها وقراراتها حزب الإصلاح التكفيري،حيث أوصت الجمعية الوطنية بالتصدي لكل محاولات مليشيات الإصلاح الإخوانية التي تهدف الى العبث بالأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي في الجنوب من خلال أعمال العنف والإرهاب المسلح التي تمارسه ضد أهلنا في شبوة وأبين.
كما أعلنت الجمعية الوطنية الجنوبية رفضها القاطع استمرار سلوك الحكومة الاستفزازي والتعدي على معيشة الشعب وحقوقهم، مؤكدة أن المجلس الانتقالي لديه من الخيارات والبدائل ما يمكنه من القيام بواجباته لحماية شعب الجنوب من عبث الحكومة وقواتها الإخوانية الإرهابية.
رسائل للمجتمع الدولي
وكانت الجمعية الوطنية قد حرصت على بعث رسائل تطمين وتأكيد على انجاح كافة الجهود الدولية الرامية الى فرض الامن والاستقرار في المنطقة والممرات الملاحية والدولية لما يؤمن مصالح دول الإقليم والمنطقة والعالم مع الحفاظ على السيادة الوطنية، وهي بذلك تجدد التعهد للمجتمع الدولي بأن دولة الجنوب القادمة لن تكون إلا في صف الإجماع العالمي وعاملا مساهما لاستقرار أمن المنطقة والإقليم.
وأكدت الجمعية الوطنية الجنوبية على أهمية تعزيز العلاقات الأخوية المصيرية وتجسيد الشراكة الحقيقية الفاعلة مع دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، معتبرة أن ذلك يعد ضرورة تتطلبها معطيات الواقع لمواجهة الانقلاب الحوثي والتدخل الإيراني ومخاطر هيمنة قوى الإصلاح الإخوانية، ومكافحة قوى الإرهاب والتطرف والمضي قدما لتحقيق التحالف الاستراتيجي للحفاظ على مصالح وأمن واستقرار شعوب المنطقة والمجتمع الدولي وبما يحقق تطلعات شعب الجنوب في الحرية والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية.
وتجلى ذلك الحرص في حث الجمعية الوطنية لهيئة الرئاسة على الاستمرار في التواصل الإيجابي مع دول التحالف والمجتمع الإقليمي والدولي والعمل والالتزام بتنفيذ مخرجات اتفاق الرياض بما يسهم في استتباب الأمن الداخلي وتوحيد الجهود لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة والحيلولة دون سيطرته على الممرات الدولية.
أما بعد ..!
ومع كل تلك الرسائل المحلية والدولية تكون الجمعية الوطنية “برلمان الجنوب” قد وضعت النقاط على الحروف وأرسلت تطميناتها بقادم أكثر اشراقا وأملا ،كما دقت جرس الإنذار في وجه لكل من يحاول زعزعة أمن واستقرار الجنوب بأن الإرادة الجنوبية لن يقف في طريقها أي عائق ولن تستطيع كل الدسائس والمؤامرات ثني شعب الجنوب عن الوصول إلى مبتغاه المتمثل باستعادة الدولة على كامل التراب الوطني، وعليه فأن المجتمع الدولي لا حل له ولا مناص بغير الاعتراف بالحق الجنوبي الأصيل حفظا للأمن القومي للمنطقة والإقليم والعالم أجمع.