كتب : ماجد الداعري
وصلتني دعوة قبل عدة أيام لحضور لقاء صحفي تعارفي مع قيادة التحالف بعدن ضمن مجموعة من الزملاء الصحفيين، فرحبت بالفكرة على مضض وقلت لنفسي:فرصة أدخل وأتعرف لأول مرة على معسكر وقيادة التحالف بعدن واسألهم كم سؤال برأسي حول مستقبل إتفاق الرياض ودور التحالف وموقفه من الأزمات المتلاحقة التي تعصف بعدن والتجييش الإخواني المتواصل نحو الجنوب حتى مابعد الاتفاق.
المهم.
استيقظت صباحا وتوجهت مع احد الزملاء لحضور اللقاء في الموعد المحدد،وخضعنا لكل الإجراءات الأمنية لدخول معسكر التحالف بالبريقة حتى وصلنا غرفة واسعة ، كانت عدد من الزميلات في إذاعات محلية بعدن وعاملين وعاملات يمنيين بالمركز قد سبقونا إلى بعض مقاعده المحترمة.
ومباشرة دخل علينا شخصا لا أعرفه ولم يسبق أن قابلته او اتوقع مقابلته، فسلم مرحبا بالجميع بكل ود واحترام، ثم عرفنا بنفسه، أنه ناصر حبتر مراسل الإخبارية السعودية والمشرف الإعلامي للمركز الإعلامي لقوات التحالف بعدن.ثم مالبث ان أطال حديثه مستعرضا إنجازاته المختلفة مع التحالف بعدن وذكاء تنويعه بين كل القنوات الإخبارية اليمنية والعربية التي خصص عدة شاشات بجدار المركز لمتابعة أهمها، وكذا حرصه وقيادة التحالف على إقامة علاقة تعاون اعلامي وفتح قناة تواصل مع جميع الصحفيين بعدن، واستعداهم للرد والإجابة على أسئلتهم وتوضيح اي استفسارات لديهم.
رحبت كغالبية الحضور – كما اظن- بهذه الفكرة واعتبرتها خطوة إيجابية لتجنيبنا الوقوع باي تسريبات خاطئة حول التحالف ودوره بعدن.
ولذلك واصلت و الجميع الاستماع إليه حتى فاجأني بقوله فجأة:ولكن انا ما أعطي فلوس لأي وسيلة إعلامية او اي إعلامي سواء من أجل أن يكتب معنا او ضدنا، ونحن مانقمع احد ولا بنسكت احد بالقوة ونحترم اي انتقاد بناء ومايهمنا اي….الخ ، ولكن على استعداد للتعاون الانساني مع أي ظروف شخصية وحالات إنسانية طارئة للزملاء وأتمنى منكم التواصل معي حول مثل هذه الأمور وانا مستعد للقيام بالواجب بإذن الله”، وهو مارحب به الكثير من الزملاء قبل ان نكتشف جميعا نحن الزملاء بعد ذلك بكذبه مع كل الوعود الأخرى الخاصة بالتواصل وتبادل الاراء خاصة بعد ان خاف وضاق صدره من مجرد مجموعة واتس ليس فيها أي تفاعل.
ولذلك صدمت بهذا الكلام غير المستقيم مع ما سبقه ومع طبيعة اللقاء الصحفي المتوقع مع قائد التحالف الذي جأت من أجله في الاصل وليس من أجل أن يحاضرني حبتر أكثر من نصف ساعة على إنجازاته الخارقة في إعداد وترتيب مركز اعلامي وبطولاته المتنوعة في خدمة أهالي عدن باعتباره شخص لايعدو عن كونه اعلامي لدى التحالف بعدن وليس قائده كما يحرص على تصوير وإظهار نفسه والاهتمام بشخصه حتى في اخبار وفعاليات التحالف والأفلام والمنشورات القصيرة التي بنتجها مركزه والتي تركز على إظهاره أكثر من أي شخص بالتحالف وقيادته.
استغربت من حديثه هذا، ولكني واصلت الصمت والاستماع إليه كغيري، وانا اتذكر منشورا مقتضبا للزميل الرائع صالح أبو عوذل يتحدث فيما معناه عن إعلامي سعودي أصبح الرجل السعودي الأول في التحالف باليمن، لكن في كل ماهو مسيئ للمملكة ومواقفها وعلاقتها المصيرية بالجنوب وأهله.وحينها قلت لنفسي: صبرا حتى تكتمل الصورة.
عاد حبتر لاستكمال استعراض إنجازاته وشجاعته الإعلامية في سبق الوصول إلى عدن، بعد مغادرة القوات الإماراتية مباشرة، بل وحتى قبل ٦ أشهر من وصول العميد ركن طيار مجاهد العتيبي قائد قوات التحالف بعدن إلى المدينة نفسها، كما زعم لكنه بعد ذلك وقع بشر انتشائه حينما قالها لنا بكل وضوح : وحينما علمت بتعيين شخص اسمه مجاهد كقائد لقوات التحالف بعدن، استغربت وقلت الله يستر،، مجاهد هذا من فين داعش ام القاعدة، حينها اطبقت سمعي جيدا على كل مايقوله الرجل ، وقلت لعقلي وانا أعيش حالة من الصدمة والاستغراب معا : معقول اعلامي سعودي بهذا الحجم والثقة عند قيادة بلاده، ويعترف، بهذا الشكل وأمام نخبة صحفيين واعلاميين، بان للقاعدة وداعش قيادات عسكرية برتبة عميد ركن ممثلة في الجيش السعودي؟!
ولا أظن أن أكثر الزملاء الحاضرين، لم يسمعوا هذا الكلام منه، أويستوعبوا حجم السقطة التي وقع فيها وهو يتحدث به على شكل نكنة سامجة وخفة دم غبية، وبغض النظر عن مفهوم كل منا لما سمعه منه، لكني وللأمانة تيقنت حينها أكثر وأكثر من صدق تنبؤ وتحذير صديقي ابو عوذل من خطورة الرجل على التحالف نفسه خاصة وعلاقة السعودية بالجنوبيين عموما .
اطفأت بعد ذلك، انوار المركز لمشاهدة فيلم استعراضي قصير عن الإنجازات المختلفة لقوات التحالف السعودي بعدن منذ لحظة وصولها عدن واستقبال حبتر لها وحتى آخر دورة خياطة وتجميل نفذتها لخمسين فتاة.
وصل بعدها قائد قوات التحالف بعدن العميد مجاهد العتيبي الى المركز وسلم بكل ود واخلاق وتواضع، وجلس على مكتب حبتر، مواجها ومرحبا بالجميع وكنت احد أقرب الزملاء إليه، وتحدث معنا بكل وضوح ورد علي جميع الأسئلة التي وجهت إليه من كل الزملاء الحاضرين، وبكل شفافية وشجاعة ووضوح ودون تحفظ او دبلوماسية، وعلى خلاف كل القادة العسكريين الذين سبق وأن سألتهم او جلست معهم وتحدثت اليهم فى بلادي المنهكة بويلات الحرب والدمار للعام الخامس.، ولعل صراحته معنا وشجاعته في الرد على كل استفساراتنا هي ما دفعني اولا للتفكير بتغطية كل مايمكن تغطيته إعلاميا من حديثه الذي طال إلى قرابة ساعتين معنا ولأول مرة منذ وجوده بعدن، حرصا منه على السماع لكل الزملاء وتوضيح كل استفساراتهم، كفاتحة تعاون إعلامي مقبل له مع الجميع.
وقبل مغادرته المركز، بعد إنتهاء لقائه معنا، حرص على تأكيد عزومته لنا للغداء على حاصل التحالف،
وبعد الغداء ونتيجة لحرصي على تغطية اللقاء بقائد التحالف كونه الهدف من زيارتي، قررت استغلال وجود حبتر أمامي لاستئذانه حول نشر تفاصيل اللقاء، حيث كان مايزال على الطاولة يتناول الغداء مع ضابط سعودي آخر قال لنا انه المسؤول الأمني لدى التحالف بعدن، فقلت له، وامام بعض الزملاء : يا استاذ ناصر ويدي على ظهره:هل يمكنني نشر تفاصيل اللقاء مع القائد باستثناء طبعا ماطلب منا التحفظ عليه؟
ابتلع لقمته وهو يهز رأسه باشارة الموافقة، ثم التفت نحوي وقال متفلسفا وكما فهمت انا وغيري أيضا من قائده: طالما والقائد، لم يطلب منكم أن لا تنشروا شيئا مما قاله، الا مايتعلق بتلك التي حددها، فهذا يعني ان بقية ماقاله مسموح بنشره.
قلت له هذا أكيد، وشكرته، ولكن المفاجأة كانت بعد نشري لتقرير عن أهم ما امكنني نشره بكل مسؤولية من تفاصيل اللقاء، ورغم تجنبي نشر كل مايمكنه ان يثير امتعاض أطراف إتفاق الرياض، تقديرا لصراحة القائد ووضوح مواقفه ونزولا عند رغبته في فتح علاقة تعاون إعلامي معنا، خلافا لقيادة التحالف السابقة التي لم تقدم اي مبادرات إعلامية من هذا القبيل بالنسبة لي على الاقل.
المهم، سأل حبتر الزملاء بجرب مجموعة الواتس التي كانت أنشأت للتواصل الإعلامي فيما بيننا ومركزه، قبل إغلاقه عنا خاصية النشر، بعد التقرير، وطلب معرفة من كتب تقريري، فقيل له أنني من كتبه، ولكن بعد ان انتشر في كثير من مجموعات الواتس وصفحات ومواقع الزملاء بشبكات التواصل الأخرى.
وبعدها أغرق الرجل هاتفي بالاتصالات، ولكن لسوء حظه كنت عند صديق لي لا تغطية في بيته، وتفاجأت باتصالات واتس ورسائل منه، بمجرد فتحي للإنترنت، لأصاب بخيبة امل كبيرة بدلا من كلمة شكر كنت اتوقعها لاهتمامي الإعلامي بتغطية اللقاء مع قائده، خلافا لبقية الزملاء، ولكن الرجل كان مستاءا” ومستنكرل” للنشر، بل صدمني أكثر تنكره لموافقته المسبقة لي بنشر تفاصيل اللقاء باستثناء ماطلب منا القائد عدم نشره ولم انشره بالطبع، ووجدته يحملني ماوصفها بمسؤولية النشر وأنه لم يوافق لي بنشر التقرير كوني لم اطلعه عليه قبل النشر .
استغربت من عقليته وقلت له : ومتى كنت موظفا لديكم او عاملا بمركزكم حتى أعرض عليك تقريري قبل نشره، ومتى طلبت مني انت ذلك، أو اشترطت علي هكذا، حينما وافقت على النشر أمام زملاء ومن كان معك على طاولة غدائكم المتأخر يومها.
تأكد بعدها أنني املك حجة ودليل قد يسبب له اشكالية لدى قائد التحالف الذي عرف ان بإمكانه ان يسأل ضابطه المسؤول على الملف الأمني بعدن ليتأكد ببساطة من موافقته المفتوحة لي بنشر مادار باللقاء، ما عدا المحضور المتفق عليه خاصة بعد ان قلت له، أن طريقة حديثه التراسلي معي بالواتس غير مقبولة وأنها تحمل تهديد مبطن لا اقبله، وان بامكاني نشرها إعلاميا وتصوير المحادثة واعتبارها تهديد .
فعاد مضطرا” لتلطيف طلبه مني بكل احترام ان أتكرم بحذف التقرير من صفحتي، وتوسيط الكثير من الزملاء ممن كانوا معنا بأن احذف المنشور احتراما للقائد وصراحته معنا، وحتى لايضره كون هناك اعتراض كبير من قبل قيادات بالتحالف بالرياض، على ماجاء في تصريحه بالتقرير واحتمالات ان يتسبب بإقالته حسب ما قاله لي يومها بعض الزملاء .
وفعلا حذفت التقرير من صفحتي، خاصة بعد ان احترمت من وجه لي الدعوة من الزملاء ممن ترجاني بالحاح وتقديرا” مني لموقفه الشخصي، بعد ان وجد نفسه في موقف متهم أمام حبتر، بتعمد التنسيق المسبق معي لنشر ما سيقال باللقاء مع قائد التحالف، سيما بعد ان استنفر حبتر ووظف كل علاقاته للتواصل مع أغلب الصحف والمواقع الإخبارية بحذف التقرير وعدم نشره ورقيا، واعتقاده أنني قد أكون اخترقت المنظومة الأمنية الحديثة والمحكمة جدا” لمعسكر التحالف بعدن، وأدخلت معي جهاز تسجيل تمكنت به من تسجيل كل تفاصيل ما نشرته، سيما وإنني الوحيد الذي نشر ما دار في اللقاء ضمن ثاني دفعة إعلاميين يلتقيهم قائد التحالف بعدن في حضرة مركز حفتر الإعلامي المتعدد الأغراض والمهام كما أكد لنا ذلك بعظمة لسانه وفي أكثر من مرة، دون ان يفسر سبب إصراره على تسميته بالإعلامي رغم ان قوات التحالف كلها تعتمد فقط على مركز إعلام العقيد المالكي.
الخلاصة أنني ترددت كثيرا في نشر هذا واقتنعت بقرارة نفسي ان لا انشره، خاصة انه يأتي متزامنا مع حملة اعتراض جنوبي واسع على بعض تصرفات الأخ ناصر حبتر الذي يعلم الله أنني لا أكن له إلا كل الخير وأتمنى له كل التوفيق في مهامه المتعددة واختصاصاته المتنوعة ، ومستعد للتعاون معه إعلاميا بكل ما أملك من امكانية متواضعة وموقع اخباري مستقل، وبدون اي مقابل مادي او جزاء وشكورا، لكن في كل ماهو مهم إعلاميا وليس اخبار دورات خياطة وتطريز وتجميل وكوفير لخمسين او مائة فتاة، كون هذه الأخبار لاتعني جمهور موقعي الصحفي أو غيره ولا تهم الإنسانية المدمرة جوعا وحربا ودمارا في وطني الغارق بكل مآسي وويلات الحرب المتواصلة، ولكوني لا أقبل عن نفسي، بتسلم اي مساعدة مالية في مجال عملي الإعلامي أو غيره ومن أي جهة كانت وهي رسالة اردت ايصالها لحبتر بان ليس كل الإعلاميين ممن يبحثون عن ٥٠٠ ريال ممن تسيئ لهم بهاشتاغاتك وبعض عبارات منشوراتك المستفزة التي تجلب العداء لك وللتحالف، وكانت السبب الذي دفعني لنشر توضيحي هذا .