كتب / محمد مرشد عقابي
من منا لايعرف المناضل الوطني الجسور سمير ناصر المنصوب المعروف بـ “شلال الحواشب”، لقد غادر هذا العملاق الحياة الدنيا بعد أن ترك لنا أرث نضالياً كبيراً ونهجاً ثورياً متقداً وصوتاً جريئاً وقوياً ينادي بالحق وما يزال يتردده صدآه في كل الأرجاء ليصنع بوصلة الطريق وآفاق المستقبل الجميل، غادرنا هذا المناضل الفذ مخلفاً ورائه مشعلاً ينير دروب القضية الجنوبية، غادرنا وجذوة نضالاته لم تنطفئ وقودها بل تتجدد وكلما خبت ازدادت سعيراً واشتعالاً…
من منا لايعرف قلب “شلال الحواشب” ذلك الرجل الشغوف والمحب لوطنه من اعلى رأسه الى اخمس قدميه، من منا لا يعرف ذلك القلب البريء الطموح الذي يتدفق املاً وتطلعاً وينساب كالسيل الجارف حماساً لنصرة الجنوب “ارضاً وانساناً”
فكيف تناسوك اليوم يا من عشت للوطن ونذرت عمرك في سبيله، كيف تناسوك حياً وانت من قدم خلاصة الجهد والعمر لنصرة قضية هذا الوطن، لقد تركوك ترحل من الدنيا كما عشت فيها بسيطاً متواضعاً، بل رحلت بصمت مريب دون اي ضجيج او صخب.
افتقدك الجنوب يا من افنيت حياتك وعمرك وفاءاً وإخلاصاً له، افتقدك الوطن يا من وهبت حياتك نذراً لقضيته، افتقدت هذا الشعب يا من حملت لواء قضيته وحفظتها في صميم فؤادك ووسط مجرى شرايينك…
لقد توقف قلبك النابض عن الحياة بعد رحلة طويلة حافلة بالعطاء الثوري الكبير من اجل الجنوب الذي للأسف لم يمنحك القائمون عليه شيئاً مقابل عطاءاتك الثورية الخالدة لأجله..
رحل صاحب الصوت الصادح بالقضية الجنوبية، وصاحب القلب الطيب والبسيط، رحل رجل الثورة والوطن والنضال والحراك الجنوبي الأول “شلال الحواشب” وبفقدانه أفل قبس مضيء من مشاعل النضال الجنوبي التي ظلت تنير دروب القضية لفترات طويلة من الزمن، رحل من كان يمثل ناقوس خطر يقضع مضاجع المحتلين ويزلزل اسماعهم بمطلب الإستقلال، رحل من سار حافي القدمين وتجشم صنوف المشقة والعناء وكابد الجوع والمرض والفقر والإهمال لأجلك يا جنوب، رحل من كرس جل حياته للنضال بشرف ونزاهة متحملاً اشكال وصور الإذلال والظلم والقهر والمهانة والتعسف والإضطهاد والتعذيب من اجلك يا جنوب، رحل من كان يشدو بصوته المزلزل مطالباً بإنتزاع الحقوق ونيل الحرية من مخالب الطغاة والظالمين.
لقد رحل “شلال الحواشب” عن هذه الدنيا ولكن لم يرحل معه حلمه في الحرية والإستقلال وإستعادة الدولة، ولم ترحل معه ايضاً كلماته الرنانة التي ما يزال يتردد صداها، ولم ترحل معه وداعته وطيبته وفكاهته وبساطته التي ستظل عالقة مدى الأزمان في مخيلة كل من عرفوه…
رحل المناضل الشجاع “شلال الحواشب” شريفاً نظيفاً حراً أبياً محافظاً على مبادئه وثوابته التي عاش عليها، رحل “شلال” ولم ترحل خياراته الوطنية والثورية، رحل “شلال” ولم يرى الهدف الذي وضعه نصب عينيه وناضل من أجله تحقيقه طويلاً وهو رؤية الجنوب ذو سيادة مطلقه على اراضيه “حراً مستقلاً”، فعزائنا في ابناء الجنوب جميعاً أن يسيروا على نفس درب هذا الفقيد لتحقيق كل تطلعاته وطموحاته نحو مستقبل منشود، ونقول لهذا الوطن الذي سخر الفقيد كل حياته لأجله “عظم الله أجرك يا جنوب في هذا المصاب”.
رحم الله الفقيد المناضل الحر “شلال الحواشب” واسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه ومحبيه وكل أحرار وشرفاء الجنوب الصبر والسلوان، فلله ما أعطى ولله ما أخذ…
وإنا لله وإنا إليه راجعون..