كريتر نت / بقلم- قردع محمد يردع
في الثامن من مارس 2017 غادرنا بشموخ وكبرياء وصمت فقيد الحزب الاشتراكي اليمني والحركة الوطنية اليمنية، الأخ والصديق والرفيق اللواء محمد طربوش سلام عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني الذي تميز بدماثة الخلق والرقي والنبل وكان من الرجال المخلصين لقضيته ووطنه بامتياز فضلا عن كونه مناضلا سياسيا مخضرما.
كان الفقيد مناضلا صلبا و قياديا كبيرا في حزب الطليعة الشعبية وبسبب تدهور الظروف المعيشية وتفشي الظلم وحرمان الناس من خدمات الثورة والجمهورية للجبهة وكنا في أحزاب عدة، الا ان روئ هذه الأحزاب وبرامجها وأهدافها كانت واحدة الامر الذي سرع بتشكيل جبهة وطنية عريضة كإطار سياسي وعسكري في العام 1976 تحت مسمى الجبهة الوطنية الديمقراطية، التي برز فيها الفقيد محمد طربوش سلام كقائد سياسي وعسكري من العيار الثقيل.
إلا أن المرحلة الأهم في نشاط الجبهة كانت في الفترة التي أعقبت مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي، ومع تولي علي عبد الله صالح الحكم في 17 يوليو 1978م.
بعد استشهاد الرئيس إبراهيم الحمدي كانت محافظة تعز هي المستهدفة بدرجة أولى وسمعت من الفقيدين حمود ناجي وعبده الشرعبي عندما خرج عبدالله عبدالعالم من صنعاء الى منطقته في الحجرية ان هناك شخصيتين في حزب الطليعة لهما بصمات في الدفاع عن الثورة، وهما المناضلان محمد طربوش سلام وعبد السلام الدميني اللذين برزا مع رفاقهما في الجبهة الوطنية في التصدي للحملات العسكرية التي كان يقوم بها علي عبدالله صالح انذاك بصفته قائدا للواء تعز، بالإضافة الى الحروب التي تكررت في الوازعية في محافظة تعز في 1978م.
وقد صار اسم المناضل الكبير محمد طربوش سلام في الذاكرة كقائد سياسي وعسكري بعد اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي ، قبل ان اعرفه.
في العام 1979 توحدت الأحزاب جميعها، في حزب الوحدة الشعبية كصيغة تنظيمية وفرع للحزب الاشتراكي اليمني في المحافظات الشمالية وافتتحت ثلاثة مكاتب، مكتب لحزب الوحدة وثان للجبهة الوطنية وثالث لقوات الشعب الثورية. وذات يوم ذهبت الى بيت المناضل أحمد علي السلامي في مقيل وفوجئت حينها بالشهيد جارالله عمر واحمد علي السلامي والسفير السوري آنذاك ومحمد طربوش سلام رحمة الله تغشاه ، وعلمت ان لديهم اجتماعا ، ولفتت نظري هذه الشخصية التي اقابلها لأول مرة بابتسامته وصفات الشاب المناضل و الرصين، وما زال الأخ احمد علي السلامي اطال الله في عمره يذكر ذلك اليوم فعرفني عليه الشهيد جارالله عمر رحمه الله رحمة الابرار ، وقال لي هذا الرفيق محمد طربوش سلام وهذا السفير السوري ، وبعدها انسحبت دون ان يشعروا أنى عرفت ان لديهم اجتماعا لان جميعهم كانوا قيادات عليا كبيره.
في اليوم التالي ، كنت منتظرا الباص المتوجه الى منطقة الفتح مقر قوات الشعب الثورية والتي كان احمد علي السلامي قائدها، رأني الرفيق محمد طربوش فأوقف سيارته التي كان يقودها وهي من حق الكادر ، وذهبت معه الى مكتبه في قوات الشعب الثورية ، ولم اكن حينها اعلم ان كان الفقيد نائبا لقائد قوات الشعب احمد علي السلامي ام لا، لكني وجدت الجميع ينظر اليه باحترام وتقدير كبيرين لما منحه الله من صفات في خلقه واخلاقه وشجاعته وموقعه القيادي في مختلف المواقع والتي كان اخرها عضوا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني.
كانت لي لقاءات كثيرة بالفقيد محمد طربوش، في عام 1981 او 1982 – ان لم تخني ذاكرتي – عين محمد طربوش قائد قوات الشعب الثورية في محافظة اب عندما كانت الجبهة متمركزة حينها بمديرية الرياشية في محافظة البيضاء وكان الفقيد قريبا منا، في منطقة دمت من محافظة اب وكان قائدا عسكريا مخضرما وسياسيا هادئا، وتم التشاور معه حول الانتهاكات التي تعرض لها ابناء مديرية جبن محافظة البيضاء من قبل الجيش والامن التابعين لنظام صنعاء ، حيث مارسا ابشع الجرائم، وكان الفقيد محمد طربوش رحمه الله احد المخططين والمشاركين لإسقاط الحصار ، ومشاركته الشخصية لافراح أبناء المديرية بفك الحصار عليهم .
وفي عام 1990 كان الرفيق المناضل محمد طربوش سلام رئيس اللجنة التي تولت ترتيب وضع الخدمة والترقيات العسكرية في الشرطة، وجمعتني به لقاءات متكررة، وكنت اقدم له بعض المتظلمين للمراجعة ، وبعد الوحدة انتقل الى صنعاء وكان متواجدا على الدوام في مبنى اللجنة المركزية من أجل لقاء المناضلين وحل مشاكلهم وترتيب أوضاعهم .
في العام 1993 تولى استقبال اللجان الإشراقية والاساسية والفرعية للحزب في اول انتخابات برلمانية وكان هو الشخص المخول بحصة الحزب لدى اللجنة العليا للانتخابات لرفع ملفات لجان الحزب ومتابعتها لدى لجنة الانتخابات وكان أيضا مخولا باستقبال تقارير المخالفات.
ومن بعد حرب 1994 لم التق برفيقي وصديقي حتى جاءني نبأ وفاته الذي كان بالنسبة لي زلزالا مؤلما في حياتي وكتبت على الفيس بوك اسفي وحزني على رحيله، وقدمت التعازي لأولاده ، وبرحيل المناضل اللواء محمد طربوش سلام خسر الحزب مناضلا جسورا وهب حياته في مراحل النضال الوطني مدافعا عن الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر ومضى بعزيمة وثبات الابطال العظماء على طريق استكمال المبادئ والأهداف العظيمة التي آمن بها الفقيد وظل وفيا مخلصا لها حتى آخر رمق في حياته.
اسأل الله له الرحمة والمغفرة وان يتقبله في جنة الفردوس مع الشهداء والصالحين الأبرار.