سامويل لوفيت
حذّرت أوكسفام من أنّ الضرر الاقتصادي الناجم عن جائحة فيروس كورونا قد يؤدي إلى سقوط أكثر من 500 مليون شخص في براثن الفقر.
ونتيجةً لإجراءات الاحتواء المشدّدة والواسعة التي أوقفت العمل في معظم أنحاء العالم قالت المنظمة الخيرية إنّ التباطؤ الاقتصادي اللاحق سيؤدي إلى ارتفاع نسب الفقر عالمياً للمرّة الأولى منذ 30 عاماً.
وخلُص التحليل الذي أجرته جامعة كينغز كوليدج في لندن والجامعة الأسترالية الوطنية إلى أنّ الدول الواقعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا والشرق الأوسط قد تتلقّى الضربة الأسوأ.
وقال آندي سمنر، أحد معدّي الدراسة وأستاذ التنمية الدولية في جامعة كينغز كوليدج في لندن للإندبندنت “يبدو أنّ التقدّم في موضوع الفقر العالمي الذي تطلّب تحقيقه عقوداً طويلة قد يتبدد”.
“ستعود بعض المناطق 30 عاماً إلى الوراء”.
وحذّر التقرير من أنه بحلول نهاية الجائحة، قد يعيش أكثر من نصف سكّان الأرض في حال من الفقر.
واستعان التقرير ببيانات صادرة عن البنك الدولي لإنتاج نماذج عن مختلف سيناريوهات الاستهلاك وتقلّص الدّخل، فقاسَ آثار إنفاق مبالغ مالية أقلّ في الاقتصادات عند ثلاثة مستويات من الفقر- 1.90 دولار (1.53 جنيه استرليني) و3.20 دولار (2.58 جنيه استرليني) و5.50 دولار (4.43 جنيه استرليني) في اليوم.
ويقدّر التقرير أنّ تراجع الدخل بنسبة 20 في المئة نتيجةً لكوفيد-19 سيودي بـ548 مليون شخص إضافياً إلى ما دون عتبة 5.50 دولار يومياً.
وقال البروفسور سمنر “إن تخيّلتم شكل الحجر الذي فُرض عندنا في المملكة المتّحدة، ففي البلدان النامية سترون الملايين من عمال القطاعات غير النظامية الذين سيغادرون دلهي أو مومباي مثلاً للعودة إلى قُراهم. لن يستطيع هؤلاء أن يؤمنوا أي شكل من الدخل خلال هذه المدة”.
“وقد يكون واقعهم أسوأ من أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن نعيشها هنا”.
وتأتي هذه الخلاصات قبل انعقاد اجتماعات رقمية مهمة بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووزراء ماليّة دول مجموعة العشرين لمناقشة خطط تخفيف أعباء الديون على أفقر دول العالم.
كما يشير التقرير إلى أنّ الأثر المُحتمل للفيروس يمثّل تحدياً حقيقياً بالنسبة إلى هدف الأمم المتحدة المتعلّق بوضع حد للفقر العالمي مع قدوم العام 2030.
وعلّق البروفسور سمنر قائلاً “وضع العالم هذه الأهداف القاضية بالقضاء على الفقر والحرص على تقديم الرعاية الصحية للجميع لكن المناقشات حول تمويل هذه الأهداف قد اختفت لذا ربّما حان الوقت لإعادة وضع هذه التطلّعات الكبيرة بشأن إنهاء الفقر على طاولة البحث”.
“ولا شكّ في أنّ الناس يصبّون كلّ تركيزهم في الوقت الراهن على ما يحدث داخل بلدانهم لكن ثمة فعلياً حاجة للعمل الجماعي العالمي”.
“من شأن هذا النوع من الأزمات أن يفتح مجالاً للتفكير الموسّع في شؤون السياسة العالمية. وبعد انقضاء سنة أو سنتين، أي بعد انتهاء هذه الأزمة، يمكن أن تظلّ هذه المساحة مفتوحة كي تتيح المجال أمام التفكير الجَسور في طريقة تقليص الفقر حول العالم”.
ودعت أوكسفام ( اتحاد دولي يعمل لمحاربة الفقر والفوارق الاجتماعية) إلى تقديم حزمة إنقاذ طارئة تُمكّن الدول الفقيرة من توفير هباتٍ مالية لمن خسروا مصدر رزقهم وإنقاذ المؤسسات الصغيرة الضعيفة.
وقالت المنظمة الخيريّة إنه يمكن تأمين التمويل من خلال “الإلغاء الفوري لدفعات ديون البلدان النامية البالغة قيمتها تريليون دولار” وإنشاء وحدة حقوق السحب الخاصة كأصل احتياطي تكميلي بقيمة ترليون دولار (800 مليار جنيه استرليني) على الأقل- وهي نوع من عملة دولية يمكن استخدامها لمساعدة الدول التي تعاني.
كما تشير الأمم المتّحدة، التي أطلقت الشهر الماضي خطة استجابة إنسانية عالمية بقيمة مليار ونصف مليار جنيه استرليني من أجل التصدّي لكوفيد-19 في البلدان النامية، إلى احتمال فقدان نصف الوظائف تقريباً في أفريقيا بسبب الجائحة.
واعتبر خوسيه ماريا فيرا، المدير التنفيذي المؤقت لمنظمة أوكسفام الدولية، أنّ “العالم أجمع يشعر بالتداعيات الاقتصادية الكارثية للجائحة. لكن بالنسبة إلى الفقراء، سكّان الدول الفقيرة الذين يعانون بالفعل من أجل الاستمرار، تغيب شبكات الأمان بشكل كامل تقريباً، ولا شيء يحول بينهم وبين الوقوع في براثن الفقر”.
“يجب أن يضخّ وزراء مالية مجموعة الدول العشرين وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي المال فوراً في الدول النامية لمساعدتها على إنقاذ المجتمعات الفقيرة والمعرّضة للمخاطر”.
المصدر : الأندبندنت