كريتر نت / AFP
يدير ماركوس زودر وأرمين لاشيت أكثر بؤرتين متضررتين بوباء كوفيد-19 في ألمانيا، لكن ينتهج كل منهما استراتيجية مختلفة لإدارة أزمة قد تغير الموازين في معركة خلافة المستشارة أنغيلا ميركل في عام 2021.
ماركوس زودر وأرمين لاشيت رجلان يشتركان في عدة سمات، أولها التقارب في السن إذ يبلغ زودر 53 عاماً ولاشيت 59 عاماً، فضلاً عن أن كليهما محافظان، ويرأسان أكبر منطقتين في ألمانيا من حيث المساحة وعدد السكان وأكثرهما تضرراً بوباء كوفيدـ19، ويحكم زودر مقاطعة بافاريا ولاشيت مقاطعة ولاية شمال شمال الراين وويستفاليا. والأهم أنهما باتا في الوقت الراهن الأقرب لخلافة ميركل.
وسجلت أولى الإصابات في ألمانيا بفيروس كورونا المستجد في شباط / فبراير في هاتين الولايتين. وسجلت في بافاريا أكثر من 36 ألف إصابة ونحو 1100 وفاة، أما شمال الراين وويستفاليا، فقد سجلت 27 ألف إصابة وأكثر من 700 وفاة.
احتواء الفيروس بمنهجيتين مختلفتين
ورغم سوء الوضع في الولايتين، إلا أنه لا يزال أقل مأساوية مما هو الحال عليه عند الجيران الأوروبيين، مع تراجع معدل انتقال العدوى المتواصل في ألمانيا. ويجد القياديان المحافظان نفسيهما في خط المواجهة الأول، ويديران إلى جانب المستشارة أزمة الجائحة بسبب طبيعة النظام السياسي الفيديرالي في ألمانيا.
ورغم نقاط التلاقي، اعتمد الرجلان على مدى الأسابيع الماضية مقاربات مختلفة في معالجة الأزمة. وأيّد زودر رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي (البافاري)، الحزب الحليف لحزب المستشارة الاتحاد الديموقراطي المسيحي، خطاً متشدداً جداً بشأن تدابير عزل مشابهة لتلك التي اعتمدت في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
ويواصل زودر الدعوة إلى الإبقاء على القواعد الحازمة في مواجهة الفيروس رغم أن ألمانيا سيطرت حتى الآن على انتشار الوباء بشكل أفضل من جيرانها في هذه المرحلة. وكان أول من فرض إغلاق المدارس في مقاطعته، بدون مناقشة فعلية لهذا التدبير. ولن تفتح المدارس في بافاريا حتى 11 أيار/ مايو، أي بعد أسبوع من استئناف التدريس في بقية المدارس الألمانية.
شعبية استثنائية لـ”قيصر كورونا”
يتمتع زودر الذي بات يلقب بـ”قيصر كورونا” أو “إمبراطور كورونا” والمنتقد لسياسة ميركل حول الهجرة سابقاً، بنسبة تأييد خيالية في بافاريا بلغت (94% وفق آخر استطلاعات الرأي)، وهي نسبة نادراً ما تسجل في الأنظمة الديموقراطية.
على المستوى الاتحادي، تساوي شعبية زودر شعبية ميركل التي يُجمع الألمان أيضاً على حسن إدارتها للأزمة. و في آخر استطلاع للرأي أجراه مركز “فوكوس” حصل زودر على 163 في مؤشر من 300 نقطة، وهو أعلى معدل تناله شخصية سياسية ألمانية منذ بدء هذا المؤشر في كانون الثاني/ يناير 2019.
لكن، هل يكفي ذلك لتغذية طموحات زودر على المستوى الوطني؟ يدافع الرجل عن نفسه مؤكداً أنه لا يفكر “صباحاً وظهراً ومساء” إلا بالتصدي للوباء. لكن هذا السياسي النافذ والطموح يعرف أهمية استطلاعات الرأي. يقول الأستاذ في جامعة برلين الحرة غيدو نويغيرباور إن “صورة القائد التي يسعى زودر إلى إظهارها يمكن أن تكون جذابة لجزء من القاعدة الانتخابية المحافظة في ألمانيا”.
لاشيت رجل الخروج من الحجر
أما لاشيت، القادم من اليمين المعتدل والمرشح لرئاسة الاتحاد المسيحي الديموقراطي، فاختار سبيلاً آخر لعلاج أزمة الوباء. ويؤيد هذا السياسي رفع القيود التي مٌدد فرضها حتى الرابع من أيار/ مايو، إذ يكرر مراراً أن “إغلاق كل شيء ليس هو العلاج الشافي”.
ولا يتوانى لاشيت عن إلقاء الضوء على الآثار الضارة للقيود الاجتماعية من “العنف المنزلي” و”البطالة الجماعية” وصولاً إلى “حالات الاكتئاب والانتحار”. ويسعى إلى إنعاش الاقتصاد الألماني الذي دخل في ركود في آذار/ مارس عبر تكثيف إجراء الفحوص وتوزيع الأقنعة وتعقب المصابين.
وتوصل نتيجةً لذلك إلى أن وكلاء بيع السيارات يمكن لهم دون تأخير استقبال الزبائن من جديد من أجل إطلاق هذا القطاع التصديري الأساسي في النموذج الاقتصادي الألماني. وبات لاشيت “وجه الخروج من الأزمة” في البلاد، كما اعتبر أحد المقربين منه لصحيفة “زوددويتشه تسايتونغ”.
بيد أن خصمه الأبرز زودر يتخطاه في استطلاعات الرأي. وانتشرت صورة للاشيت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي تظهره مرتدياً قناعاً واقياً لكن بشكل خاطئ. لكن هذا السياسي المتحالف مع وزير الصحة الطموح ينس شبان في السباق لرئاسة الاتحاد المسيحي الديموقراطي، يجسد “استمرارية” حقبة ميركل وفق نويغيباور.
ويتقدم زودر ولاشيت كلاهما في هذه الأثناء على المرشحين اليمينين الآخرين للمستشارية، نوربرت روتغن والخصم القديم لميركل فريدريش ميرتس اللذين لا يشغلان مناصب قيادية وبالتالي غير حاضرين في الإعلام كثيراً.