كريتر نت / قصة- سالم فرتوت
أنا شخص معن بنفسي أكثر من اي شيء آخر في هذا العالم.قبل أيام حدث لسني أمر جلل بينما كنت ا قضم لحمة حنيذة في أحد المطاعم.
فقد ضربت أحدى ثنياتي نظيرتها السفلى . كان قبالتي عجوز يأكل ارزا بهدوء ،نظرت إليه وفي عيني اتهام لعينه الخبيثة.رميت له بلحمة (هئ هئ هئ).ضحك ساخرا وهو يعيد لي لحمتي ويقول:( غداؤك على حسابي)!
لم يعد لي من أضراسي عدا بقايا !فقد أكل السوس معظمها مما سبب لي مشكلة في طحن بعض اوراق القات ،ضف إلى ذلك أنه احدث فراغات بين اسناني فينحشر فيها شيئا منه ا، مسببا لي الما في لثتي!لذا يتعين علي أن أكون مستعدا بعود صغير لأدفعه منها،وغالباً ماأتخذه من أغصان القات .
لم يزعجني تكسر أضراسي بالقدر الذي أزعجني ماحدث لثنيتي السفلى التي أخشى أن تفلت مخلفة فراغاً في فمي باديا لعيون الفضوليين، ولاسيما النساء.الآن باتت تلك السن تترنح ولاشك أنها على وشك السقوط لتخلف فراغا مقيتا في فمي،فقد ضاقت ذرعا بلامبالاتي إزاءها أنا الذي حملتها أكثر مماتحتمل.فالله قد اعطانيها لهدف ما ألا وهو القيام بمضغ ما هو ضروري لجسدي من غذاء وأي غذاء؟ إنه ذلك الذي أوجده لكل الأحياء وأقصد النباتات ولإضفاء مسحة جمالية على فمي! بتلك الأسنان المرتبة بفمي بشكل باهر .لكني تطاولت على مخلوقات حية شأني شأن السباع.
عندما كنت طفلا ولاسيما في تلك السن التي تتساقط فيها الاسنان الأمامية كان علي أن اعمل على مساعدتها كلما اهتزت في مكانها، لمغادرة فمي لتحل محلها اسنان أجمل وإلا لنبتت سن إضافية خلفها ستنال من مظهر فمي.وكلما غادرت فمي سن توجهت إلى الشمس ورميته لها وأنا أقول (ياشمس،سوف أعطيك سن ضبع فاعطيني أنت سن غزال)! كانت امي حريصة كلما سقط مني سن على ذلك الطقس تغريني به كما تفعل كل النسوة ،بل والرجال في قريتنا. لكن أسناني كانت اقرب إلى سن الضبع بل والذئب ،وكل تلك الحيوانات المتوحشة المقيتة ،ولاسيما ذلك الحيوان الاخرق الجبان المسمى اسد ا !ولاعلاقة لها اليتة بأسنان الغزال ذلك المخلوق الوديع النباتي المترفع عن الأطعمة التي تمس لحوم كائنات حية مثله،ولا يستسيغ إلا النباتات ،في حين أني لاأبقي ولا أذر أنا ذو الطبيعة المزدوجة لحومي ونباتي .
المهم ياجماعة أني قصدت اشهر طبيب أسنان عندنا عرضت عليه سني ،عاينها فإذا هي تهتز سألني :(هل تؤلمك).
اجبت وأنا اجلس على كرسيه :(ألم فظيع ،يادكتور)!
(إذا سأخلعها)!
(هل جئتك طامعا في مزيد من الألم)؟!
(لاأستطيع فعل شئ لك غير خلعها)
(ما جئتك لتخلعها )!
(ليس لدي إلا الخلع)!
تهضت من على كرسيه ،وأنا
أقول:(أليس لديك إلا الخلع ؟أي طبيب أسنان أنت ؟أما تدري بالألم الذي سيلازمني بقية حياتي لو فقدت هذه السن )؟
نظر إلي متعجبا فقد بدوت له بجحا وقحا! حافظ على هدوئه وتركني أذهب إلى الجحيم فسني سيسقط.ولا استطيع أن أظهر امام الناس بهذه العاهة التي تتأهب لتشوه فمي ،وتحرمني أيضاً من تناول بعض المأكولات بشكل أعتيادي، إذ إني سأعجز عن قضم بعض الاطعمة التي تحتاج ذلك.
لم يكن ينقصني إلا ا ن تتساقط أسناني الأمامية فأبدو أدرد مثيرا للضحك والتندر والشفقة!
آه ياأماه، أين أنت؟ إن اسنان الغزال تتساقط من فمي بدءاً بهذه السن التي ضربتها في لحظة خاصة السن الأعلى المقابلة لها،بتأثير روح شرير تسكن ذلك العجوز. هكذا جعلت ذلك الشخص غريمي ،لكني لاأملك أدلة تدينه ،فإذا شكوته سيسألني القاضي:(هل وجه المتهم لسنك لكمة )؟
(لا ولكن روحه الشرير انطلقت لتنال من سن الغزال في فمي).
آه ليتها كانت سن غزال !ولكنها سن سبع متوحش لم يسلم الغزلان والحملان من أذاها !فكان عليها أن تسقط هي وبقية اسناني حتى أكف عن ملاحقة الأحياء ،فمنذ أن تعرض سني للأذى وكلما مددت يدي إلى عضو حيوان يخيل إلي بانه يخاطبني مؤنبا.
ذات أفطار من أحشاء حمل، قلب ،وكبد ،ورئة ،مددت يدي إلى قلب الحمل فخيل إلي أنه يؤنبني قائلا :(هذا قلبي، يادنيء، كان ينبض بالحياةقبل لحظات، له نفس وطائف قلبك ..وهذا العضو الشفقي هي رئتي التي اتنفس بها وهذا كبدي فاشبع نهمك مني )!
آه كم كنت سأكون جميلا لو كانت لي ليس سن غزال، وحسب، بل روحه الوديعة المسالمة! فلا أتجنى على الحياة.