عيسى نهاري
حلَّ الصيف، وليس هناك أجمل من نزهة بحرية هادئة لمواجهة حرارة أجوائه، وعلى الرغم من حالة الهلع التي يمر بها العالم، وطوفان الأخبار والدراسات الطبية التي عززت قلق الأفراد، فإن بعض الولايات الأميركية اتجهت إلى فتح شواطئها، وسط إقبال من الزوار المتلهفين.
ووفقاً لحديث خبيرين أميركيين في الأمراض المعدية، إلى شبكة “سي إن إن الأميركية”، فإن هناك إمكانية لممارسة السباحة في الشواطئ، والمسابح المكشوفة، والمغلقة من دون التعرض للفيروس، بشرط اتباع خطوات احترازية محددة.
ويرى توماس فيتكي، من كلية الطب والأمراض المعدية في جامعة تمبل، أنه لا إشكال في التسكع أو الاستلقاء على الشاطئ، وعلى الرغم من أن الخروج في الهواء الطلق يعد آمناً، لدور الرياح في إبعاد الفيروس، يقول ويليام شافنر، خبير الفيروسات، من جامعة فاندربيلت: “يمثّل الترفيه خطراً مثل أي شيء آخر في عصر الجائحة.”
فإذا كان بلدك يسمح حالياً بارتياد الشواطئ، وترغب في السباحة، فهناك فرصة آمنة للاستمتاع، في حال اتباعك بعض الإرشادات التي وإن لم تجعل
إمكانية تعرضك للفيروس منعدمة، فإنها ستقلل احتمال التقاطك له.
ولنزهة شاطئية في وضعنا الجديد، يرسم الخبيران خريطة طريق لعودة آمنة، تنقسم إلى ثلاث مراحل: ما قبل الذهاب، وداخل الماء، وخارجه، وهي الخطوات نفسها التي اعتاد الناس القيام بها بتلقائية مطلقة، لكنها تبدو لنا تحت وطأة الفيروس التاجي معقدة أكثر من أي وقت آخر
قبل الذهاب
– اطلع على بروتوكول السلامة الخاص بالمسبح أو الشاطئ الذي تود الذهاب إليه، وطاقته الاستيعابية في وقت واحد، علماً أن بعض المرافق قد تطلب من عملائها المغادرة عند تجاوز الوقت المسموح.
– بعد اختيار المكان المناسب، غادر مسلّحاً بالمطهرات والمناديل المعقمة، تحسباً لاتساخ الكراسي المشتركة وألعاب البلياردو، وتأكد من إحضار كمامات قماشيّة لارتدائها، ويُنصح بتوفير اثنيتن لتبلل إحداهما، ولا تنس إحضار المناشف، وكريم وقاية من أشعة الشمس.
داخل الماء
يُرجّح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، صعوبة انتقال فيروس كورونا من خلال الماء، ويضيف “تعقيم المياه بمواد كيميائية مثل الكلور والبروم من الممكن أن يعطل الفيروس”، غير أن المركز لم يحدد المدة التي يستغرقها كوفيد – 19 حتى يخمد، كما أن التوجيه نفسه لا يسري على المياه المالحة أو العذبة، لوجود الكثير من الأشياء الخافية حول الفيروس، لذلك فالأسلم المحافظة على مسافة كافية من الآخرين.
لا تلبس الكمامات أثناء السباحة، لأنها غير عملية، فضلاً عن أن المبللة ربما تعيق التنفس، لكن ومع ذلك، فإنه من الضروري للغاية، حفظ قناع الوجه على اليابسة لتستعمله عند الخروج.
احرص على التباعد الاجتماعي، لأن الناس من ينشر الفيروس، لا الماء، عليه، تجنب السباحة بالقرب من الآخرين، وحافظ على نظافة محيطك، كما أنه من الضروري عدم تنظيف الأنف أو البصق بالقرب من شخص آخر، وعند الاضطرار، يجب الخروج من الماء، واستعمال منديل للعطس أو السعال، ثم غسل اليد جيدا.ً
على اليابسة
يتفاءل خبراء العدوى بحذر، بقدرة الأفراد على الاستمتاع بالأجواء الخارجية هذا الصيف من دون التعرض للإصابة في حال اتباع الإرشادات اللازمة، ووفقاً للدكتور توماس فيتكي، فإنه لا إشكال في التسكع، أو الاستلقاء تحت أشعة الشمس، ما دام الأفراد ملتزمين بالمحافظة على المسافة الآمنة المقدرة بستة أقدام.
كن على وعي بمحيطك، فهناك الكثير ممن يشاركك الغاية نفسها، وهي التغلب على حرارة الأجواء من خلال السباحة، لذا بعدما تعود، ربما يصبح مكانك مزدحماً، فالأفضل حينها حزم أغراضك والمغادرة، مع الحرص على ارتداء الكمامات بعد الفراغ من السباحة مباشرة، كما يُوصى بلبسها في الحمامات العامة، ومواقف السيارات، والمطاعم، وصفوف انتظار الطلبات، وجميع الأماكن التي من المحتمل أن يحدث فيها اتصال مع الآخرين.
لا تحب البقاء وحيداً؟
أنت بأمان في الأماكن العامة مع الناس الذين كنت معزولاً معهم لأكثر من أسبوع، لكنك ستكون في خطر إذا خالطت غرباء أو أصدقاء لم تتواصل معهم منذ فترة، علاوة على ذلك، كلما كبرت المجموعة التي ترافقها، زاد خطر الإصابة.
ابق بمنزلك إذا كنت مريضاً، أو شعرت بأعراض الفيروس، أيضاً يُحذّر كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بأنهم ضمن الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات الخطيرة للفيروس في حال إصابتهم.
وإذا كنت بحاجة لرفيق، يوصي توماس فيتكي، بلبس الكمامات التي ستلعب أيضاً دوراً وقائياً بالنسبة للأشخاص الراغبين في الإبحار على متن القوارب، والمركبات البحرية الأخرى، مع الحرص على فرض حد زمني للمرح تغادر بعد انقضائه، فطول مدة بقائك مع الآخرين تزيد من خطر الإصابة.
أخيراً، أبقِ دائرتك صغيرة، ولا تكن مع أكثر من عشرة أشخاص، واعتذر بلباقة عن حضور الحفلات، والتجمعات التي تضعك في خطر جدي ومحدق، حتى لو كان ذلك في الشاطئ أو في مساحات واسعة
تقاليد المجتمع الأميركي في خطر
وبينما تتوجه الولايات المتحدة إلى الفتح النسبي للشواطئ، يتجدد نداء السلطات بالتزام القواعد المفروضة للحفاظ على سلامة المتنزهين، لكن التعليمات الجديدة، وجَّهت صفعة قوية في وجه التقاليد التي اعتاد المواطنون القيام بها، خصوصاً أنهم على مشارف موسم صيف لاهب، زاد من سخونته فيروس كورونا الجديد الذي منذ أن أطل برأسه، وهو يكدر صفو الحياة الأميركية، ويهدد قيمة الحرية التي يدافع من أجلها الشعب، تارة بالسلم، وأخرى بأسلحتهم المرخّصة.
وقرر بعض حكام الولايات إغلاق الشواطئ، ووضع قيود صارمة لمنع التجمعات فيها، بعد ملاحظة عدم اكتراث المرتادين بالقواعد المفروضة، كما حصل في ولايتي كاليفورنيا وفلوريدا، اللتين شهدتا جموعاً متكدسة ترغب في السباحة، وقيادة الدراجات، والجري، والصيد، وركوب الأمواج.
نزهة بحرية بلا سباحة
لعله من أكثر الأمور غرابة لدى الأميركيين أن حالة التعايش مع كورونا ستجبرهم على قبول الذهاب إلى البحر من دون حتى التفكير بالسباحة، وهو ما ذهبت إليه السلطات المحلية في نيويورك، حيث منعت ممارسة السباحة اتباعاً للإجراءات الاحترازية، وشدد عمدة المدينة، بيل دي بلاسيو، في مؤتمر صحافي، الأحد الماضي، على التزام القواعد المفروضة، منوهاً بأن السلطات سوف تراقب الشواطئ لمنع أي تجمعات محتملة.
ويرسم بلاسيو، الذي تعرض لانتقادات حول طريقة استجابته لتفشي الفيروس، خريطة طريق لتحقيق فتح آمن للشواطئ بأربع لاءات رئيسة تحظر السباحة، الحفلات، ممارسة الرياضات، والتجمعات، لافتاً النظر إلى الجهود الرامية إلى توعية الناس على الإقدام على هذه الخطوة بطريقة آمنة.
وبينما يُسمح بالتنزه فقط، لا يتحمّل المنقذون أي مسؤولية بسبب حظر السباحة، وفي ظل الارتفاع التدريجي لدرجات الحرارة، قال العمدة، إن “المدينة ستعامل الأيام المقبلة، كأوقات استثنائية تختلف عن الموسم الاعتيادي، لكن لا بأس حاليا بالتنزه على الشاطئ.”
وعلى الرغم من إشادته بسلوك السكان على الشواطئ وبالقرب منها حتى الآن، حذّر عمدة نيويورك من أن السلطات قد تضطر لإغلاق الشواطئ، في حالة ورود تقارير واسعة النطاق، تفيد بازدحام الناس، وانتهاك قواعد التباعد الاجتماعي، وأفصح عن رغبته في عدم سفر الناس من أماكن بعيدة إلى المدينة، لتجنب الازدحام في وسائل النقل العام.
لا رياضات والقوارب ممنوعة
وفي ولاية نيوجيرسي، سمحت السلطات، الجمعة الماضية، بالسباحة، وفتح ممرات المشاة، مع الأخذ في الاعتبار التباعد الاجتماعي، وتقييد الدخول للسكان المحليين فقط، مع استمرار إغلاق المرافق الترفيهية العامة، فيما ستقصر المطاعم والحانات خدماتها على الطلب والتوصيل، وسيكون لبس الكمامات إلزامياً، خصوصاً عند صعوبة المحافظة على المسافة الآمنة، مع إزالة جميع المقاعد والطاولات من المحال التجارية.
وتحظر القوانين الجديدة إبحار القوارب، والمناسبات الخاصة، مثل المهرجانات، والحفلات الموسيقية، والألعاب النارية، والأفلام، وجميع الأنشطة الرياضية، ومن المقرر أن تسهم الإجراءات الأخيرة في الحدِّ من الإشغال في الحمامات العامة، وتنفيذ بروتوكولات التعقيم اللازمة. كما سيكون للحكومات المحلية سلطة تدابير عديدة، تشمل على سبيل المثال لا الحصر: الإلزام بالمحافظة على مسافة ستة أقدام في أي منطقة، وتركيب حواجز مادية بين الجمهور والعاملين في أكشاك بيع التذاكر أو الشارات الشاطئية، وقصر العمال فيها على موظف واحد.
وشهدت الولايات المتحدة تظاهرات عدّة تناهض إجراءات الإغلاق، كما تجمّع نحو 150 شخصاً في شاطئ محلي بولاية ديلاوير، الأسبوع الماضي، في وقفة احتجاجية ضد إجراءات الولاية، مطالبين بإعادة فتح اقتصادها، ووثقت الصور عدم التزام بعضهم ارتداء الكمامات، أو تطبيق التباعد الاجتماعي في الولاية التي سجلت ما يزيد على 8000 آلاف إصابة منذ تفشي الفيروس في مارس (آذار) الماضي، وقال منظم الحملة ريتشارد بيشوب لوسائل إعلام محلية، “لن يهدأ لنا بال حتى يتم إعادة الفتح الكامل في ديلاوير، وبعد ذلك، سنتأكد من وضع حاكم الولاية تحت المساءلة.”
واستجابت الولاية بفتح شواطئها، أمس الجمعة، بالتزامن مع العطلة الأسبوعية لـ “يوم الذكرى”، كما ستفتح في مستهل يونيو (حزيران) المقبل، قطاعات عدة، بما فيها المطاعم التي تستعد لاستقبال عملائها بطاقة استيعابية لا تتجاوز الـ (30) في المئة، مع إلزامهم لبس الكمامات والتباعد الاجتماعي.
ويُوصى الأفراد بمتابعة القوانين المتعلقة بالخروج إلى الأماكن العامة بسبب اختلافها من دولة إلى أخرى، كما تذكّر “اندبندنت عربية”، بأن الالتزام بالتوجيهات والإرشادات الصحية الواردة لا يعني البقاء بمأمن من الفيروس، لكنها إجراءات احترازية أوصى بها خبراء لتقليل احتمال الإصابة عند ممارسة السباحة.
المصدر : أندبندنت عربية