كريتر نت / صحف
كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة أن “وضع المجموعات العراقية المسلحة ذات الصلة بإيران، سيكون بندا هاما في المفاوضات المرتقبة بين واشنطن وبغداد”.
وذكرت المصادر لمراسل “العرب” في بغداد أن وزارتي الخارجية في البلدين بدأتا بالفعل تبادل الملاحظات بشأن تنظيم جدول أعمال المفاوضات، مشيرة إلى أن الفريق التفاوضي العراقي سيراعي تمثيل المكونات الرئيسية الثلاثة، الشيعة والسنة والأكراد.
ويعتزم العراق إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة منتصف الشهر المقبل في بغداد لترسيم شكل العلاقة بين البلدين، بعد تصويت القوى الشيعية في البرلمان على قرار إخراج القوات الأميركية من البلاد في يناير الماضي.
وحذر زعيم إحدى الميليشيات العراقية الموالية لإيران الحكومة من تناسي “دماء وأيتام وأرامل الشهداء” خلال مفاوضات تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة، التي ستبدأ الشهر المقبل.
وقال أبو آلاء الولائي، زعيم ميليشيا كتائب سيد الشهداء وثيقة الصلة بإيران، إن المفاوضات الرسمية بين العراق والولايات المتحدة ستبدأ قريبا، داعيا المفاوض العراقي “وهو يطالب بطرد الأميركان من العراق”، إلى تذكر “دماء وأيتام وأرامل الشهداء”، وإلا فإنه سيكون خائنا.
وأضاف الولائي متحدثا عن المفاوض العراقي ومن خلفه حكومة الكاظمي “إذا اعتقد أن من حق الأميركان البقاء في العراق ولو بجندي واحد، فهو خائن”.
وتابع “سنراقب ذلك عن كثب، فإذا أنتجت المفاوضات رحيلهم ومعاقبتهم إكراما للشهداء فبها، وإذا دون ذلك وسكتنا فنحن خائنون”.
وكان الضغط على الولايات المتحدة في عهد الحكومة السابقة بقيادة عادل عبدالمهدي ممكنا، لكن في عهد الكاظمي، لا يبدو أن الأمر سيكون مؤثرا.
وربما هذا ما يفسر خلو رسالة الولائي من عبارات التهديد والوعيد التي اعتادت الميليشيات استخدامها كلما تحدثت عن الأميركيين، بل اكتفت بنعت من يسكت عن بقائهم بالخائن، وهي إشارة تشي بعجز المجموعات المسلحة الموالية لإيران عن القيام بأي عمل وشيك داخل العراق، في المدى المنظور على الأقل.
وكان جواد الطليباوي المسؤول في عصائب أهل الحق المدعومة من إيران قد شبه الموافقة على تعيين الكاظمي رئيسا للوزراء بـ“القبول على مضض بخيارات مريرة هي أشبه بأكل لحم الميتة”.
لكن الكاظمي لا يمكنه أن يطلب من الولايات المتحدة علنا تجاهل قرار البرلمان العراقي المتعلق بالوجود العسكري الأميركي، حتى وإن كان شيعيا في جوهره، ولا يراعي مخاوف السنة والأكراد، لأن ذلك قد يستخدم غطاء لشن حرب إيرانية بالوساطة، ضد حكومته.
ولا يمكن لحكومة الكاظمي تحمل تبعات هذا النوع من الحروب حاليا، نظرا إلى حداثة عهدها، والظروف المالية الصعبة التي تحاصرها بسبب انهيار أسواق النفط، فضلا عن القيود الكبيرة التي تفرضها ظروف تفشي وباء كورونا.
ويقول مراقبون إن إيران تدرك حالة الضعف الكبيرة التي تحيط بالكاظمي حاليا، لكن السيء بالنسبة إلى طهران أنها تمر بظروف مماثلة، تُضاف إليها عقوبات أميركية عمقت لديها الأزمة الاقتصادية.
ولا يترقب المتابعون السياسيون في المدى المنظور اندفاعا عراقيا كبيرا نحو الولايات المتحدة وحلفائها، ولا تهورا إيرانيا قد يؤدي إلى صدام مع الوجود العسكري الأميركي في العراق.
ويعتقد المراقبون أن فرص العراق في تعزيز علاقاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع الولايات المتحدة ستكون كبيرة جدا خلال هذه المفاوضات، لأسباب عديدة، أبرزها وجود الكاظمي على رأس الحكومة العراقية، ومشاركة ممثلين عن السنة والأكراد بإمكانهم أن يحدثوا توازنا إزاء أي تشدد في الموقف الشيعي.
لكن تعزيز العلاقات بين بغداد وواشنطن لن يكون مصحوبا بضجة إعلامية، تجنبا لاستفزاز إيران وحلفائها في هذه المرحلة على الأقل.
العراق يحتاج إلى خطوات إيرانية كثيرة إلى الوراء
وأقر مستشار الأمن الوطني، فالح الفياض القريب من إيران والذي يرأس هيئة الحشد الشعبي، بأن بغداد متفائلة بإمكانية أن تقود المفاوضات المنتظرة إلى تمتين العلاقات مع واشنطن، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة بدأت مؤخرا في النظر باحترام أكبر لقرار البرلمان العراقي بشأن إخراج القوات الأميركية من العراق.
وتقوم مقاربة الفياض، والعديد من القيادات السياسية الشيعية المقربة من إيران، مثل زعيم منظمة بدر هادي العامري وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، على فكرة أن الوجود العسكري الأميركي في العراق ليس شرطا لتعزيز العلاقات بين واشنطن وبغداد.
ويرى هؤلاء القادة أن خسارة العلاقة بالولايات المتحدة مجازفة كبرى، لكن إغضاب إيران بالإبقاء على القوات الأميركية في العراق مجازفة أكبر.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول إيراني رفيع المستوى طلب عدم الكشف عن اسمه قوله “أحيانا ينبغي لك أن تأخذ خطوة إلى الخلف، وتراقب وتخطط بناءً على الحقائق على الأرض”.
وأضاف “نحن نريد أن يرحل الأميركيون عن المنطقة. إذا كانت هناك فوضى في العراق… سيستغلها الأميركيون ذريعة لتمديد بقائهم”.
وذكر مسؤول غربي أن طهران ترغب على ما يبدو في الحد من التوتر العسكري مع الولايات المتحدة “في الوقت الحالي”. لكن نزعتها التوسعية في المنطقة، حيث يوجد حلفاء لها في لبنان وسوريا واليمن، لا تشير إلى تهدئة التوتر بشكل شامل.