كريتر نت / محمد عبدالإله
أثار تزايد الوفيات في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، حالة من الهلع والذعر بين السكان في ظل تحفظ السلطات الصحية على التعليق حول أسباب حالات الوفاة تلك، التي تغص بها مواقع التواصل الاجتماعي، وأجبرت المقابر والمستشفيات على اغلاق أبوابها.
وبالرغم من اكتفاء سلطات الانقلابيين منذ مطلع مايو الجاري بالإعلان عن ثلاث إصابات فقط، منها حالة وفاة لمهاجر صومالي الجنسية عثر عليه ميتا في أحد فنادق صنعاء، تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو وصور تظهر تشييع العشرات من اليمنيين بشكل يومي، فيما يواصل الحوثيون المراوغة وإخفاء الحقائق المتعلقة بأعداد الضحايا من إصابات والوفيات.
وفي السياق، كشفت الأمم المتحدة أن عدد الوفيات في اليمن نتيجة الإصابة بفيروس كورونا يصل إلى 20 في المائة من الحالات، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي.
وأفادت ليز غراندي منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن في بيان قبل أيام: “إنه وبعد سبعة أسابيع من الإعلان عن أول حالة، تشير التقارير الأولية من وحدة العناية المركزة إلى أن معدل الوفيات في الحالات يبلغ نحو 20 في المائة مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 7 في المائة”.
وقالت: “قبل عامين، واجه اليمن أسوأ تفشٍ للكوليرا في التاريخ الحديث. وفي العام الماضي، كان اليمن على حافة المجاعة، وهذا العام فقدت عشرات الآلاف من العائلات كل شيء بسبب الفيضانات التي تحدث مرة واحدة في كل جيل، وأن الأمم المتحدة ووكالتها وغيرها من المنظمات عملت معاً، وتمكنت من صد الكوليرا والمجاعة، ولكن إذا لم تحصل على التمويل الذي تحتاجه، وإذا لم يتم عمل المزيد للتصدي لفيروس كورونا، فقد يتفشى أكثر في اليمن”، لافته إلى أنه من بين 41 برنامجاً رئيسياً للأمم المتحدة في اليمن، سيتم إغلاق 30 برنامجاً في الأسابيع القليلة المقبلة.
وأكدت المسؤولة الأممية أن الفيروس ينتشر في اليمن من دون رادع ولا يخفف منه أي شيء في جميع أنحاء البلاد. لافته إلى أنه “ومن دون سعة اختبار كافية من المستحيل معرفة عدد الأشخاص المتأثرين بدقة”.
وأضافت: “ما نعرفه هو أن المستشفيات تضطر إلى رفض استقبال المرضى وأن هناك نقصاً في كل شيء”.
ووفق بيان المنسقة الأممية، فإنه وبعد أسبوع من الإعلان عن أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، اضطرت الوكالات إلى تعليق الحوافز لما يصل إلى 10 آلاف من العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية بسبب نقص التمويل.
وقالت إن 14 ألف متطوع ينتشرون في جميع أنحاء البلاد لتوعية المجتمعات المحلية بالفيروس وكيفية انتقاله وما يمكنهم القيام به لحماية أنفسهم، وإن الشركاء يساعدون في بناء وترقية وتجهيز وتدريب الموظفين في 59 وحدة للعناية المركزة في جميع أنحاء
وبحسب شهادات السكان وتسجيلات مصورة لأهالي وأصدقاء ضحايا أصيبوا بالمرض تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الفيروس انتشر بشكل سريع وحصد مئات الوفيات في عدد من المحافظات خلال الأيام الماضية.
ويوم أمس، السبت، أعلن الحوثيون إغلاق مقبرة خزيمة الشهيرة وسط صنعاء، (وهي من أكبر المقابر في المدينة) بسبب امتلاءها وعدم وجود مساحة للدفن.
ودعا إعلان ملصق على مدخل المقبرة، أهالي المتوفين لتوجيه الجنائز إلى مقابر بديلة، مثل مقبرة عطان ومقبرة الأحمر ومقبرة ماجل الدمة.
وكان عدد من الناشطين وأقرباء للمصابين قد اتهموا جماعة الحوثيين بدفن موتى كورونا بأعداد كبيرة وبسرية تامة في عدد من مقابر صنعاء وفي مقدمتها مقبرة خزيمة.
وينشر ناشطين على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، منذ مطلع مايو الجاري، صوراً تظهر دفن الحوثيين سراً لجثث توفت متأثرة بفيروس كورونا.
والجمعة الماضية خرجت سلطات الانقلابيين ببيان قالت فيه “أنه لعدم دقة وكفاءة المحاليل والمسحات المرسلة إلينا من قبل منظمة الصحة العالمية” أثر ذلك على نتائج الفحوصات المخبرية التي أظهرت إيجابية “لعينات غير بشرية وغير متوقعة”.
وأثار بيان الانقلابيين سخرية العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما أن البيان وعد بأنه سيكشف عدم كفاءة محاليل الصحة العالمية في مؤتمر صحفي خلال الأيام المقبلة.
وفي السياق، قالت مصادر طبية انه بالرغم من إجراء حملات تعقيم، ولكن بسبب نقص المعدات توقفت المستشفيات عن قبول المرضى الذين يعانون من أعراض مشابهة لأعضاء وباء كورونا، فيما ترك أطباء وظائفهم بسبب الضغوط ووفاة زملاء لهم.
وحسب ما أفادت المصادر ازداد تدفق المصابين إلى مشفى الكويت شمالي صنعاء الذي خصص كحجر صحي للمصابيين، ازداد تدفق المرضى من 150 حالة يوميا إلى 400، في ظل تقلّص أعداد الأطباء بعدما التزم كثير منهم منازلهم في أعقاب وفاة زملائهم وعدم توفر وسائل الحماية للأطباء.
وأكد أطباء وعاملون في المجال الصحي أن عدم الإفصاح عن انتشار الفيروس منذ بداية ظهوره تسبب في زيادة انتشار ه بشكل كبير موضحين أن السلطات الصحية كانت تعلم بأن الفيروس بدأ بالانتشار في اليمن قبل أكثر من شهرين.
وأضافوا أن التكتم من قبل السلطات وعدم الكشف عن انتشار الفيروس جعل حياة الناس تستمر بشكل طبيعي، وهو ما أدى إلى انتشار الفيروس بشكل كبير، مؤكين أنه يموت العشرات يومياً بكورونا ومرض أخر أعراضه تشابه أعراض كورونا مثل الحمى الشديدة والسعال وضيق التنفس، لكنهم لم يستطيعوا معرفة نوعه او إجراء الفحوصات لهم لعدم توفر الإمكانات.
وأكدوا أن الإعلان عن الحالات المصابة من قبل السلطات الصحية ستساهم في تهيئة الناس لتقبل العلاج والحجر الصحي أو المنزلي مشددين على ضرورة الإفصاح عن حقيقة تفشي الفيروس، ومكاشفة المواطنين والرأي العام بالواقع.
وحتى مساء أمس، سجلت الجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء كورونا في مناطق الحكومة الشرعية 310 حالات إصابة بفيروس كورونا، بينها 77 وفاة و13 تعاف، فيما أكتفت جماعة الحوثيين بالإعلان عن ثلاث حالات إصابة بينها حالة وفاة لمهاجر صومالي وحالتي تعافٍ، وسط اتهامات رسمية وشعبية بالتكتم عن الأعداد الحقيقية، سواء للمصابين أو المتوفين.