كريتر نت / CNN عربية
أصبحت الكلمات الأخيرة للأمريكي جورج فلويد، عقب مقتله على يد ضابط شرطة مدينة مينيابوليس الأمريكية، بمثابة شعار قوي للمتظاهرين في الولايات المتحدة.
وفي خضم انتشار التظاهرات ضد “وحشية” الشرطة في جميع أنحاء الولايات والعالم، وجد الفنان المقيم في دالاس، جيمي هولمز، طريقة جديدة لتخليد صرخات فلويد للمساعدة، بإرسالها في سماء 5 مدن أمريكية رئيسية.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، شوهدت لافتات كُتب عليها “أرجوك، لا أستطيع التنفس” و “إنهم سيقتلونني” وهي تتبع الطائرات فوق مدينة ديترويت بولاية ميشيغان ومدينة نيويورك على التوالي.
أما عن اللافتات الثلاثة الأخرى، التى حلّقت في سماء لوس أنجلوس، وميامي، ودالاس، فحملت عبارات “معدتي تؤلمني”، و”رقبتي تؤلمني”، و”كل شيء يؤلمي”، وهي عبارات سمعت خلال مقطع فيديو صوره أحد المارة، وتم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأعلن عن وفاة فلويد يوم الاثنين الماضي. وشوهد ضابط شرطة مينيابوليس، ديريك شوفين، وهو يضغط بركبته على عنق فلويد لأكثر من 8 دقائق، على الرغم من استغاثة الأخير “لا أستطيع التنفس”.
ومنذ ذلك الحين، طرد الضباط الأربعة المتورطين في الحادث من قسم شرطة مينيابوليس، بينما يواجه تشوفين الآن اتهامات بالقتل من الدرجة الثالثة، والقتل الخطأ من الدرجة الثانية.
وفي بيان صحفي، قال الفنان إن مشروعه المفصل مستوحى من “الحاجة إلى الوحدة واستيعاب أن ما حدث لجورج فلويد يحدث في جميع أنحاء أمريكا”.
وأضاف هولمز: “أمهاتنا يقمن بدفننا في وقت مبكر للغاية، يجب ألا تقلق خطيبتي في كل مرة أخرج فيها من المنزل لوحدي. ونعم، أحمل مسدساً، سيدي الضابط، أحمله لحماية نفسي منك بأي وسيلة ضرورية. وفي مرحلة ما، سوف تدرك أنك لا تستطيع قتلنا جميعا”.
معارضة “ثقافة الخوف”
وغالباً ما تصور أعمال هولمز الفنية الحياة اليومية للمجتمعات ذات البشرة الداكنة في الجنوب الأمريكي، بينما يستكشف إرث الفقر والعنصرية في تشكيل ماضي المنطقة.
وأشار هولمز إلى إنه كان أيضاً ضحية لسوء سلوك الشرطة غير المحدد خلال مرات عديدة.
ونشر الفنان عبر موقعه الإلكتروني على الإنترنت وصف “ثقافة الخوف والتمييز” في الولايات المتحدة التي “زادت حدتها منذ عام 2018”.
ووصف هولمز، الذي رتب لمشروع اللافتات المحلّقة بدعم من صالة عرض الأعمال الفنية، “Library Street Collective” في مدينة ديترويت، العمل بأنه “احتجاج اجتماعي” كان الهدف منه “جمع الناس في غضبهم المشترك جراء المعاملة غير الإنسانية للمواطنين الأمريكيين”.
كما استخدم المنشور لتوضيح قراره بتغيير لوحاته المعتادة إلى اللوحات الجوية، وقال: “استخدام الهواء لسرد كلمات فلويد الأخيرة يمثل تناقضاً مع ضوضاء الوسائط الرقمية، ويستخدم شكلًا من أشكال التواصل التي يستخدمها في الغالب أصحاب الامتيازات للإعلان عن الأحداث الرياضية أو عرض الزواج، ونادراً ما يتم استخدامها لأغراض سياسية أو اجتماعية لممارسة حرية التعبير”.
وأضاف: “آمل أن يتذكر الناس القوة التي نمتلكها ليتم سماعنا، وأن الاجتماع خلف رسالة موحدة هو مفتاح التغيير الحقيقي”.
في أعقاب مقتل الأمريكي جورج فلويد على يد ضابط شرطة مدينة مينيابوليس الأمريكية، سرعان ما استجاب الفنانون بأعمال فنية تسعى إلى إحياء ذكراه.
ويستخدم الفنان والناشط المقيم في لوس أنجلوس، نيكولاس سميث، عمله الفني لنقل رسالة مفادها أن عنف الشرطة حقيقة واقعة بالنسبة للعديد من الأمريكيين الأفارقة.
وقال سميث البالغ من العمر 35 عاماً عبر البريد الإلكتروني: “هذه القضية الأخيرة التي تجسد وحشية الشرطة كانت ظلماً دفعني إلى رسم تكريم لتشريف وإعطاء صوت لضحية لا صوت لها”.
وقام منظمو حركة “Black Lives Matter” وميشيل أوباما بمشاركة لوحة سميث الرقمية لفلويد وهو يرتدي بدلة عبر موقع التواصل الاجتماعي “انستغرام”.
وكتبت أوباما معلّقةً على اللوحة: “مثل الكثير منكم، أنا متألمة من هذه المآسي الأخيرة … حالياً جورج، وبرونا، وأحمود. وقبل ذلك كان إريك، وساندرا، ومايكل. وتستمر القائمة.”
“يمكنني التنفس الآن”
وفي مدينة مينيابوليس، شرع فنانون مثل جريتا ماكلين، وزينا غولدمان، وكاديكس هيريرا في العمل على رسم جدارية تذكارية في زاوية الشارع رقم 38 وشيكاغو أفينيو ساوث، حيث قُبض على فلويد.
وأظهر مقطع فيديو متداول على نطاق واسع فلويد وهو يصرخ “لا أستطيع التنفس” عدة مرات عندما قام ضابط الشرطة، ديريك شوفين، بالضغط بركبته على رقبة فلويد.
وبالنسبة للفنانين، يعد الإبداع وسيلة تواصل قوية للمجتمع للتحدث بصراحة.
وقالت فنانة الشارع ماكلين عبر البريد الإلكتروني: “لقد قُتل جورج فلويد في الحي الذي عشت فيه طوال حياتي. وهذا تصرف واضح لا لبس فيه لوحشية الشرطة”.
وبدأ الفنانون الخمسة في رسم اللوحة الجدارية الخميس الماضي، بعد 3 أيام من مقتل فلويد، واستغرقت 12 ساعة من العمل. وتعرض الجدارية رسم لفلويد مع اسمه بحروف بارزة وخلفه زهرة عباد الشمس بأوراق مشتعلة.
وتتضمن الجدارية أسماء أمريكيين أفارقة آخرين قتلوا على يد الشرطة، بما في ذلك، برونا تايلور البالغة من العمر 26 عاماً، والتي أصيبت برصاصة قاتلة في منزلها بمدينة لويزفيل، في مارس/ آذار الماضي. كما تم الاحتجاج على وفاتها في الأيام القليلة الماضية.
ورُسمت الجدارية على حائط متجر “Cup Foods” بموافقة وترحيب صاحب المتجر، محمود أبو ميالة، الذي أجرى أحد موظفيه المكالمة الأولية التي أدت إلى وصول الضباط إلى مكان الحادث لمواجهة فلويد.
وقال أحد المشاركين برسم الجدارية، كاديكس هيريرا، عبر البريد الإلكتروني: “جرحي عميق للغاية ولن يندمل الجرح لأنه ينفتح في كل مرة يقتل فيها أحد الِأشخاص من أصحاب البشرة الملونة ظلماً وهذا لا يتوقف”.
وبالنسبة لهيريرا، يمكن للفن أن يساعد في شفاء الآلام، إذ قال: “الفن هو العلاج. يمكن للفن أن يقول أشياء لا يمكنك التعبير عنها بالكلمات، إنه يجمع المجتمع معاً للتفكير، والحزن من أجل القوة والدعم”.
أما بالنسبة إلى عبارة “يمكنني التنفس الآن”، التي تشير إلى آخر عبارة لفظها فلويد خلال المقطع الذي يوثق اختناقه، “لا أستطيع التنفس”، أوضحت ماكلين أن العبارة جاءت من أحد أعضاء الجالية الأمريكية الأفريقية، أنجيل كاربنتر، الذي تواصل معهم وطلب وضعها على الجدارية.
وتابعت ماكلين: أوضح لنا كاربنتر أن فكرة عدم القدرة على التنفس تغذي الكثير من التوتر والغضب، وأن جورج الآن مع الله ومن المهم أن هذه العبارة مهمة لتشفي جرح مجتمعنا باستعادة أنفاسنا وقدرتنا على التنفس”.
“العدالة لجورج”
وتقول شيرين ضمرة، البالغة من العمر 33 عاماً، إنها جديدة نسبياً في استخدام موقع “انستغرام”، ولكن لوحتها التذكارية المخصصة لجورج فلويد، بعنوان “العدالة لجورج”، تلقت أكثر من 3 ملايين إعجاب منذ نشرها في اليوم التالي لمقتل فلويد.
وقد تمت مشاركة اللوحة على نطاق واسع، بما في ذلك من قبل عضوة الكونغرس الأمريكي، ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز.
وتريد ضمرة، وهي من مواليد شيكاغو، ومن أصول فلسطينية، أن يتردد صدى عملها، الذي يجمع بين الألوان الجريئة والناعمة، على أنه رسالة محبة هادئة تبعث على الأمل.
وقالت ضمرة عبر البريد الإلكتروني: “أعرف مدى قوة الألوان والعاطفة التي يمكن أن تثيرها ضمنياً، آمل أن تساعد الألوان المشاهدين على معالجة المشاعر والأحداث الصعبة والخروج منها ببعض الأمل والإلهام”.
وتابعت ضمرة: “أردت أن تكون هذه الأعمال بادرة تضامن مع المجتمعات السوداء في وقت حزنها، ولاحظت أن الكثير من الأشخاص يشاركون مقاطع الفيديو الخاصة بمقتل كل من أحمود وجورج، لذلك أردت عمل بديل، فهذه الفيديوهات مؤلمة للغاية وتثير الغضب”.
وتأمل ضمرة أيضاً أن تساعد رسوماتها التوضيحية في مكافحة الصور النمطية.