كريتر نت – DW
دعوات بل “فتوى” إلى متعافين من كورونا للتبرع ببلازما الدم وإنقاذ حياة آخرين ينازعون على أسرة العناية المركزة. وفي العراق يدور الحديث حول ظهور سوق لبيع أكياس البلازما، حتى بلغ سعر الكيس الواحد نحو ألفي دولار!
كان الجميع يهرب منه قبل أسابيع، فقد كان مصابا بفيروس كورونا المستجد، لكنه نجا من الجائحة وعادت له صحته، وتغلب جسمه على الفيروس، ليصبح مهما فجأة، إذ يُعتقد ـ حسب التجارب الأولية التي أجريت في العديد من دول العالم ـ بأنه يحمل في جسمه علاجاً، فبلازما دمه تحتوي على مضادات للفيروس يمكن لها إنقاذ حياة كثيرين.
هكذا تحول فجأة من منبوذ إلى مهم. يفترض به التبرع ببلازما دمه لعلاج المصابين الذين كان واحدا منهم قبل أسابيع. هذا ما يقوله منطق الأشياء لملايين المتعافين من كورونا حول العالم، لكن مواقع التواصل تروي حكايات مختلفة، عن مرضى فيروس أصبحوا أنفسهم علاجا له.
وتجرى تجارب في العديد البلدان على مصل البلازما، والعديد من نتائج هذه التجارب وصفت بالمشجعة، لكن الأمر ما يزال بحاجة لتطوير وتجارب أكثر.
وفي العراق ظهرت قصة البلازما منذ أسابيع مع لجوء المؤسسات الصحية لاختبار استعمال بلازما دم متعافين من كورونا لعلاج مصابين حالاتهم صعبة. بداية شهر مايو/ أيار الماضي كشف ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق، أدهم اسماعيل، في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية أن “وزارة الصحة العراقية باشرت بإجراء تجارب سريرية محدودة على نطاق بسيط في مدينة الطب ببغداد والبصرة بأخذ عينات من البلازما لمصابين بالفيروس تماثلو للشفاء ونقلها إلى مصابين آخرين وأن “نتائج تلك الاختبارات على مدة التعافي كانت مبشرة وتظهر على المريض خلال 72ساعة”.
نجاح الاختبارات رفع من “أسهم” البلازما في السوق العراقية مع مرور الأيام. وفي الأزمات ينبثق من العدم سوق لـ”سلع” لم تكن ضمن قائمة التجارة. على تويتر وفيسبوك يتناقل المستخدمون قصصا عن طلبات وعروض، سعر كيس البلازما صار يعرض بنحو ألفي دولار، والبعض يدفع أكثر كي ينقذ قريبا له.
أطباء بحاجة إلى بلازما!
الأطباء والممرضون في المستشفيات في خط الدفاع الأول ضد فيروس كورونا في كل مستشفيات العالم. وزارة الصحة العراقية نشرت على موقعها في فيسبوك نجاة الطبيب حيدر فاضل بعد نقل بلازما دم متعاف إليه، بعد أن كان في حالة حرجة في قسم الانعاش الرئوي بمستشفى اليرموك التعليمي ببغداد.
في البصرة يروي طبيب يدعى محمود فؤاد الخالدي، أن من مجموع 630 حالة شفاء من كورونا المستجد، لم يتبرع سوى 50 فقط ببلازما دمهم.ويروي على موقع فيسبوك كيف أن زوجة زميل له متخصص بالأمراض المعدية حضرت للتبرع ببلازما دمها في الساعة الثانية صباحا في المستشفى بينما ينتظرها زوجها مع أطفالهما النيام في السيارة. ويطالب الطبيب “البلازما هاي تنقذ بيها حياة ناس غيرك، نداء لكل شخص بقت عنده ذرة غيره الله من عليك بالشفاء خليك سبب لانقاذ ناس مصابين”. ويسخر الطبيب من المزاعم التي كانت تتهم الأطباء “بالجشع”.
الأرقام التي ذكرها الخالدي، تظهر أن قلائل فقط من يتذكرون حقاً معاناة مريض بحاجة إلى علاج. وعلى سرير العناية المركزة في الإنعاش الرئوي، يسأل مريض حصل أهله له بلازما، طبيبه، إن كان بإمكانه تقاسم البلازما مع مريض يعاني على جانبه. فبدلا من نجاة واحد ينجو اثنين. هذا مايتمناه.
دائرة صحة محافظة ميسان جنوب العراق دعت المتعافين إلى التبرع، معلقون كتبوا أنه يجب توضيح معنى بلازما، لأن كثيرين لا يعلمون ما معناها ويخافون من الإصابة مرة أخرى أو بأمراض غير معروفة.
“واجب كفائي”
المركز الوطني العراقي لنقل الدم دعا المرضى المتعافين من الإصابة بفيروس كورونا إلى التبرع بـ”بلازما الدم” إذ أنها كانت وراء “تماثل العديد من الحالات الحرجة إلى الشفاء”.
في مصر دخل الأزهر على خط الدعوة للتبرع. وكتب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يوم أمس الثلاثاء (الثاني من يونيو/ حزيران)، “تبرع المُتعافين من كورونا بالبلازما واجبٌ، والامتناعُ عنه بغير عذرٍ لا يجوز شرعًا ويأثم المُمتنع”، موضحا “إنَّ استجابة المُتعافين لهذه الدَّعوة واجبٌ كفائيٌ إنْ حصل ببعضهم الكفاية، وبرئت ذمتهم، وإنْ لم تحصل الكفاية إلَّا بهم جميعًا تعيَّن التَّبرع بالدم على كل واحد منهم، وصار في حقِّه واجبًا ما لم يمنعه عذر، وإنْ امتنع الجميع أَثِم الجميع شرعًا؛ وذلك لِمَا في التَّبرع من سعي في إحياء الأنفس”.
هل الأمر بحاجة إلى فتوى وقوانين تحرم بيع البلازما وتدعو المتعافين إلى إنقاذ آخرين يصارعون الحياة على نفس أسرة كانوا يستلقون عليها ربما في غرف العناية المركزة؟