كتب : حسين الوادعي
المادة 8 من الدستور تقول ان الثروات ملك للدولة تستغلها حسب المصلحة العامة. وكل مواد الدستور تؤكد على المساواة بين المواطنين دون تفرقة على أساس الدين او الجنس او العرق.
لكن في تسعينات القرن الماضي نخر فيروس خطير في عظام الدول العربية هو فيروس اسلمة القوانين وتطبيق الشريعة (الفقه الإسلامي القديم).
بدأت لجان تطبيق الشريعة في البرلمانات تعيد تقنين أحكام الفقه الإسلامي الكلاسيكي بكل ما فيه من تحيزات عنصرية ومذهبية وعرقية، وبكل ما فيه من مفاهيم تمييزية تتعارض مع مبدأ المواطنة والمساواة أمام القانون..دون أي محاولة لمراجعة ذلك الركام او تجديده.
وفقدت المراة اليمنية كثيرا من حقوقها بعد أسلمة قوانين الأحوال الشخصية والاحوال المدنية والجنسية والقضاء والعقوبات.
وفقد المواطن اليمني عموما الكثير من الحريات التي كفلتها له مواثيق حقوق الإنسان بعد ان دخلت القوانين اليمنية مفاهيم الردة وقتل المرتد والاساءة للمقدسات.
عام 1999 تم تعديل قانون الزكاة واضيف فصل حول “الخمس” و “الركاز”. لاحظوا هنا ان المشرع استورد مفهومين قديمين من الفقه الكلاسيكي دون استيعاب خطورتهما على التشريع والاجتماع الحديث:
مفهوم الخُمُس ومصارفه معروفه (الله والرسول وذوي القربي ..الخ)
ومفهوم الركاز وهو مفهوم خطير أيضا لانه بتطبيقاته الفقهية القديمة يجعل كل ما وجد من ثروات او معادن او آثار في باطن الأرض من حق من وجدها فردا كان او جماعة عليها بشرط ان يخرج منها الخمس 20%.
حتى ان نبش الآثار وتهريبها يعتبر حلالا زلالا لأنها من الركاز (دفن الجاهلية)! ولو إنك وجدت حقل نفط في ارض تملكها او في أرض خراب فاربعة اخماسه لك اذا كانت ركازا، وكلها لك اذا كانت “لقية” حسب اجتهاد بعض المذاهب.
أيضا حاول البعض ادخال مفهوم قديم هو الفيء(ما تم الاستيلاءعليه من الكفار دون قتال) الى التشريعات الحديثة.
وهذا يفتح أبوابا من الجحيم فكل هذه المليارات المقدمة من الدول الداعمة ستدخل ضمن مصطلح الفيء كما عرفه الفقه الفتحي وستكون ملكا للحاكم ولقرابته ولمن بقي منهم حسب مصارف الخمس المعروفه!
كانت الكارثة تطعيم الدولة المدنية الحديثة والتشريع المدني الحديث القائم على المواطنة بمفاهيم قديمة وتمييزية وغير وطنية. نتيجه هذا الخلط تم تصنيع فيروس خطير في معامل أسلمة المجتمعات والقوانين كانت خلاصته قانون الخمس العنصري النازي.
إما تشريع مدني قائم على المواطنة والحقوق، وإما تشريع ديني قائم على ما تعلمون!
…………….؛