كتب : عبدالله الديفي
السياسة فن وفلسفة ، والمثقف السياسي هو بحد ذاته أديب، ولذلك تجد معظم السياسيين هم من الكتاب والأدباء والشعراء، لو أخذت على سبيل المثال- لاالحصر وكيمني- الفنان اليمني الأستاذ المرحوم محمد مرشد ناجي الذي أتحف اليمن والخليج بصوته العذب، أثرى الحياة الفنية والأدبية بمؤلفاته ومحاضراته وإسهاماته، فقد كان إلى جانب اهتمامه بمنابع الفن اليمني الأصيل وحرصه على إحياء التراث النغمي مرتبط ارتباطاً حميمياً بالحركة الوطنية اليمنية، مكافحاً ضد الاستعمار والاستبداد والمستغلين والسماسرة، انتشرت أغانيه ودوّت متخطية الجبال والوديان وفي صفوف الشعب يرددونها ويطربون لها ويستمدون منها روحاً معنوية عالية، ومثله الرئيس اليمني الأسبق عبدالفتاح إسماعيل والذي أبدع إلى جانب ما كتبه في المجال السياسي والفكري دواوين وقصائد غنائية جميلة، سياسية وغير سياسية، بأسلوب راق بعيد عن المباشرة.
وهكذا أدى هؤلاء دورهم النضالي بصورة كاملة، وعبروا عن طموحات الشعب، وعن آلامه وآماله، وساروا بخطى واثقة ومتناغمة كتناغم أحرفهم ومفرداتهم نحو التقدم الاجتماعي، ولذلك استحقوا بجدارة ثقة الشعب وتكريمه.
وأعلى وسام بتقلده الفنان هو اتساع دائرة محبيه.
السياسي هو مزيج من الفكر والأدب والفن، وله أرواح عديدة لامتناهية، وكذلك هو الأديب وكذلك هو الفنّان،
فالسياسة كما قلنا فن وعلم راق، وهي من العلوم الإنسانية، وهي رديف التنمية الشاملة ، وتدرّس في الجامعات ذات التخصصات الأدبية لا العلمية،
والسياسي من ساس نفسه أولاً وفطن دوره وأجاد كلامه وعرف أن لكل مقام مقال ولكل حدث حديث، وفطن للمكان الذي هو فيه فحافظ على هدوئه وسكينته،
وهو الذي يجيد استخدام ألفاظه وينتقي عباراته بصورة ذكية تحافظ على الإيقاع العام الذي يتواجد ضمنه، بل وتثريه، فلا يثير الحساسيات ولا يخدش النظام العام ولا يكون هو النشاز فيما تآلف عليه الناس وتشاركوا فيه ورسموا بينهم علاقات حميمية مشتركة، والأدب هو أكثر مايوحِّد القلوب ويهديء النفوس ويؤنس الآيسين، ويتناغم الناس فيه ويتآزرون كما تتناغم وتتآلف وتتآزر أصواته ومفرداته وكلماته وتراكيبه وأبنيته اللغوية، ومن سار بعكس هذا، وأحدث الصخب وولّد الاحتكاك أُجزم بأنه لايفهم لافي الأدب ولا في السياسة وأنه أقرب إلى البهيمية