كريتر نت – العرب
اعتبرت مصادر سياسية يمنية اغتيال القائد في المقاومة اليمنية صادق مهيوب الشهير بأبوالصدوق على يد أحد مرافقيه في تعز جنوبي غرب اليمن، الثلاثاء، استمرارا لسياسة التصفيات الهادفة إلى تسوية الأرضية لانفراد طرف وحيد بالقرار العسكري والسياسي في المحافظة اليمنية الأكبر من حيث عدد السكان.
وقالت المصادر إنّ اغتيال أبوالصدوق الذي يعدّ واحدا من أهم القيادات السلفية في مدينة تعز، وأبرز مؤسسي الجبهة الشرقية في المدينة التي قاومت الاجتياح الحوثي في أعقاب الانقلاب الذي نفذه الحوثيون قبل نحو ست سنوات واجتاحوا على إثره مناطق شاسعة من اليمن وصولا إلى مشارف باب المندب، يندرج في إطار تعزيز نفوذ جماعة الإخوان المسلمين والتيار الموالي لقطر في اليمن.
وأشارت المصادر إلى أنّ اغتيال القيادي السلفي البارز جاء بعد وقت قصير من انتقادات وجهها لقيادات محور تعز الذي يهيمن عليه الإخوان، وحديثه عن رغبة أطراف وقوى في إفشال أي جهود لمحاربة الحوثي واستكمال تحرير تعز التي ما زال جزء كبير من مركزها الإداري في قبضة الميليشيات الحوثية.
ولفتت نظرَ مراقبين يمنيين الطريقةُ التي تمّ بها اغتيال أبوالصدوق والمشابهة لاغتيالات سابقة طالت قادة عسكريين مناهضين لسياسة الاستحواذ الإخوانية والتي كان آخرها اغتيال قائد اللواء 35 مدرع العميد عدنان الحمادي في ديسمبر 2019 على أيدي مقربين منه، وأشارت معلومات حصلت عليها “العرب” حينها إلى وجود مراسلات بين منفذي العملية والقيادي البارز في حزب الإصلاح ضياء الحق الأهدل الذي يتهمه بعض الناشطين بالإشراف على ملف السجون والاغتيالات في تعز.
وتشير مصادر إعلامية إلى تكثيف جماعة الإخوان محاولاتها لتفكيك اللواء 35 مدرع وإلحاق عناصره بوحداتها.
وفي يونيو 2018 تعرّض العقيد رضوان العديني قائد لواء العصبة في تعز لعملية اغتيال مشابهة تورط فيها أحد مرافقيه، وهو ما يثير التساؤلات حول استهداف القادة العسكريين غير الموالين للإخوان في تعز وبذات الطريقة عن طريق مقربين منهم.
وأطلق إعلام وناشطو الإخوان هجوما إعلاميا استهدف القيادي السلفي في الجيش الوطني اليمني وقائد كتائب أبوالعباس عادل عبده فارع الذبحاني، قبل أن تتحول الحملة الإعلامية إلى مواجهات مسلحة انتهت بطرد الذبحاني والقوات التابعة له من مدينة تعز.
وتشير مصادر “العرب” إلى تمكن تيار الإخوان الموالي لقطر من بسط نفوذه على المناطق المحررة في تعز في أعقاب إقالة محافظ تعز السابق أمين محمود واغتيال العميد عدنان الحمادي وطرد قوات أبوالعباس من المدينة، بالتوازي مع اتساع دائرة النشاط القطري في المحافظة عن طريق الشيخ الإخواني حمود المخلافي الذي أنشأ عددا من المعسكرات لتجنيد المقاتلين بتمويل قطري وغطاء من القيادات العسكرية الموالية للإخوان في المحافظة.
وتتركز المعسكرات الممولة من قطر في تعز بمنطقة يفرس حيث يقيم المخلافي معسكرا لاستقبال العائدين من جبهات الحدود السعودية والذين دعاهم في مناسبات عدة للتخلي عن مواجهة الحوثيين والالتحاق بمعسكراته، كما تموّل الدوحة اللواء الرابع مشاة جبلي في منطقة طور الباحة والذي تحول مؤخرا إلى مركز لتجنيد المقاتلين وإرسالهم إلى جبهة أبين لمواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي، فيما يتولى نجل المخلافي قيادة اللواء 170 دفاع جوي.
ويؤكد مراقبون وجود حالة تعايش غير مفهومة وهدنة غير معلنة بين الحوثيين والإخوان في تعز بالرغم من تداخل خطوط التماس بين قوات الطرفين، في الوقت الذي يقود فيه فرع الإخوان في المحافظة التحشيد العسكري والتحريض السياسي والإعلامي على قوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويخوض حزب الإصلاح صراعا مريرا بحسب مراقبين لإحكام سيطرته على محافظة تعز من خلال قادة عسكريين وأمنيين موالين له، شرعوا في إزاحة الفصائل العسكرية غير الموالية للجماعة.
ويصف سكان تعز محافظتهم بأنّها تدفع ثمن موقعها الاستراتيجي الذي جعلها موضع أطماع الحوثيين الذين حاولوا الاستيلاء عليها لاتخاذها منصّة لتهديد مضيق باب المندب، من جهة، وأطماع الإخوان المسلمين الذين يحاولون التشبّث بموطئ قدم فيها لتأمين دور لهم في مستقبل اليمن، متخذين من الدعم القطري السخي لهم ماليا وإعلاميا وسيلة لتوطيد نفوذهم بالمحافظة.
ويعتبر مراقبون أنّ محافظة تعز كانت الهدف الأول لمشروع التيار الموالي لقطر وتركيا في جماعة الإخوان نظرا لأهميتها الجغرافية ومكانتها السياسية وكثافتها السكانية، وهو ما يفسر الاستماتة الإخوانية للسيطرة على المحافظة بتمويل سخي من الدوحة، كما أنّها المحافظة الأولى ضمن المحافظات المحررة التي يجاهر فيها تيار الإخوان بالعداء للتحالف العربي وترفع في مظاهراتها صور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعلمي قطر وتركيا.