الآباء سيحصلون على 15 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع لإنفاقها في المتاجر على الطعام لأطفالهم المحرومين بعد حملة قادها نجم مانشستر يونايتد
سامويل لوفيت
هو معروف “مهاجماً” باستغلاله الفرص في فريق مانشستر يونايتد، الذي انضم إليه منذ سن السابعة آملاً النجاح، لكن ذلك لم يوقف ماركوس راشفورد عن الحض على تغيير حقيقي في السياسات الحكومية.
الثلاثاء، وبعد حملة بارزة ومتزايدة تزعمها لاعب كرة القدم هذا، أعلنت الحكومة أن ما يقرب من 1.3 مليون طفل في إنجلترا سيحصلون الآن على قسائم وجبات الطعام المدرسية المجانية خلال العطلة الصيفية.
ويمثل هذا القرار تراجعاً آخر من بوريس جونسون في سياساته، إذ سبق أن رفض النداءات الواسعة لدعم أولئك الأطفال المحرومين الذين أجبروا على البقاء في بيوتهم خلال جائحة فيروس كورونا.
وعلى إثر الإعلان الحكومي الجديد، كتب ابن الثانية والعشرين، راشفورد، على صفحته في موقع “تويتر”، “انظروا فقط إلى ما يمكننا فعله حين نتكاتف. هذه هي إنجلترا في عام 2020”.
وسبق للاعب مانشستر يونايتد أن كتب (الثلاثاء أيضاً) في صحيفة التايمز، قبل رضوخ رئيس الوزراء البريطاني للضغط المتزايد عليه بهذا الشأن، أنه وضع نصب عينيه الحصول على “كأس تمثل شيئاً أكبر من كرة القدم”.
وأضاف راشفورد، في عموده، “يمكن أن يساعدنا التراجع عن قرار إيقاف برنامج قسائم الوجبات المجانية والاستمرار في تطبيقه خلال العطل الصيفية على الوصول إلى الجولة اللاحقة، لكنّ أمامنا طريقاً طويلاً علينا المُضي فيه كبلد قبل التمكّن أخيراً من رفع الكأس. وفي هذه الحال الكأس هي هزم الفقر الذي يعانيه الأطفال”.
في الواقع، هذا مجرد انتصار واحد على طريق طويل لمعالجة مشكلة واسعة الانتشار ومدمرة، مشكلة يقول راشفورد عنها إنه نفسه عاناها حين كان طفلاً، خلال سنوات نشأته بمنطقة وايثنشو الواقعة في ضواحي مانشستر، حيث يعيش ثلث الأطفال في حالة فقر.
لكن في الوقت نفسه، كل خطوة إلى الأمام تحقق تغييراً ملموساً، وراشفورد أظهر قدرته على المجازفة خارج حدود مهنته، وذلك باقتحام الميدان السياسي، غير خائف من استخدام المنصة التي منحتها له كرة القدم لمواجهة قضية سياسية آملاً تحقيق التغيير.
انضم راشفورد أولاً إلى جمعية “فَير شَير” (مشاركة الطعام) الخيرية المعنية بتوفير الطعام للمحرومين والتقليل من إهداره، في مارس (آذار) الماضي حين أغلقت المدارس بسبب جائحة فيروس كورونا، ما ترتب عليه فقدان ما يقرب من 1.3 مليون طفل وجبات طعام مجانية تقدّمها الحكومة عادة خلال فترة الدراسة إلى الأطفال الفقراء، وهذا ما جعلهم يقعون تحت خطر الجوع.
وقدَّم عدة تبرعات شخصية لمعالجة هذه المشكلة، ما ساعد على تجهيز أكثر من مليوني وجبة طعام للمشروعات التي تساعد الأطفال خلال الأزمة. وبعد تأييده بشكل علني هذه الجمعية، تمكّنت الأخيرة من جمع 20 مليون جنيه إسترليني.
وتجدر الإشارة إلى أنّ حزب العمال ظل مسانداً هذه الحملة بقوة خلال الأيام الأخيرة القليلة، لكن يبدو أن جهود راشفورد أنزلت الضربة الأقوى على مقاومة الحكومة الصماء لتغيير موقفها.
فبوجود 2.8 مليون متابع له على “تويتر”، ووقوف الوسط الكروي بأكمله معه، وسمعته بوصفه شخصاً عطوفاً، ورياضياً متعلماً، مارس راشفورد قدراً من التأثير السياسي، لا يمتلكه إلا عدد قليل في مجلس العموم. وهذا ما أدّى إلى انتباه آخرين إلى حملة راشفورد فقدموا لها زخماً إضافياً.
فسياسيون مثل صديق خان، عمدة لندن، وربيكا لونغ بيلي (وزيرة التربية في حكومة الظل العمالية المعارضة)، قدما دعمهما الكامل للمبادرة، جنباً إلى جنب مع بقية أعضاء حزب العمال، بينما بثت الـ”بي بي سي” مقابلة شخصية مع لاعب كرة القدم من بيته الاثنين الماضي، قبل صدور عموده في صحيفة التايمز صبيحة الثلاثاء.
كذلك، دعت “هيئة الإذاعة البريطانية” (بي بي سي) الحكومة إلى اتخاذ إجراء بهذا الشأن، إذ أعلنت أنها ستمدد برنامج دعمها خلال الصيف، مؤكدة أن ستة آلاف طالب يتسلّمون عادة وجبات طعام مجانية بتمويل حكومي، وسيحصلون على قسائم مالية منها. وعلى صفحتها في موقع “تويتر” كتبت “نحن معك ماركوس راشفورد”.
وانتشرت الدعوات المطالبة بإلغاء قرار عدم تغطية تكاليف وجبات الطعام للأطفال المحرومين خلال عطلة الصيف، مثل انتشار حريق في غابة، على صفحات “تويتر” ومنصات اجتماعية أخرى قبل تخلي الحكومة أخيراً عن موقفها عصر الثلاثاء، وهذا قبل ساعات قليلة من إعلان بوريس جونسون معارضته مشروع قدّمه حزب العمال إلى مجلس العموم يطالب فيه بمنح الأطفال المحرومين إمكانية الحصول على الطعام خلال عطلة الصيف.
وجاء هذا التراجع لأن جونسون وفريقه الحكومي كانا يعرفان أنهما لا يستطيعان الفوز في هذه المعركة مع حزب العمال.
أمّا بالنسبة إلى راشفورد وما سيأتي لاحقاً، فيجب توقع حدوث أمور أخرى تخدم القضية نفسها. وفي هذا السياق، مُنح لاعب مانشستر يونايتد البارز “جائزة تقدير العمدة العليا” لمانشستر الكبرى، خلال أزمة “كوفيد 19”.
كذلك شجّع لاعب منتخب إنجلترا الدولي، راشفورد، الصغار وتعلم لغة الإشارات لتحكيم المسابقة الشعرية في “يوم الكتاب العالمي”، بعد أن طلب منه ذلك أحد مشجعيه، وهو في الصف السابع من دراسته.
وظل راشفورد، يتحدّث بشكل متكرر ضد العنصرية في كرة القدم، وكان أحد الوجوه الرياضية البارزة الذين أعلنوا دعمهم حركة “حياة السود مهمة” بعد مقتل جورج فلويد في الولايات المتحدة.
وعلى صفحته في موقع “إنستغرام” كتب راشفورد “في الوقت نفسه، أنا أطلب من الناس التكاتف، والعمل معاً، والتوحد، إذ يبدو أننا منقسمون على أنفسنا أكثر من أي وقت آخر. الناس يتألمون وهم يحتاجون إلى أجوبة. حياة السود مهمة، والثقافة السوداء مهمة، والكيانات المجتمعية السوداء مهمة. نحن مهمون”.
قد يكون الانتصار الذي تحقق اليوم هو الأكثر أهمية في حياته، لكن لا يبدو أنه الأخير بالنسبة إليه.
نقلا” عن أندبندنت عربية