لقد أصبح من المرجح فوز بايدن في سباق الرئاسة
جون تي بينيت
بينما يقبع دونالد (ترمب) في مخبئه، وجو (بايدن) في قبو منزله السفلي، فرغ صبر أميركا وهدوؤها.
يتواجد الأميركيون اليوم إما في الشوارع للاحتجاج، أو في المطاعم والحانات حيث يتكدسون في تحدٍّ لأوامر الدولة، أو أنهم لا يزالون يختبئون في منازلهم بعيداً عن فيروس كورونا المميت أحياناً، وعن الاحتجاجات العنيفة أحياناً أخرى بسبب العنصرية، ووحشية الشرطة.
لكن حتى مع انتقال الرئيس في وقت متأخر من الليل إلى غرفة آمنة تحت أرضية البيت الأبيض، فيما نائب الرئيس السابق المرشح الرئاسي الديمقراطي المفترض يدير حملته الانتخابية معظم الأوقات من منزله، لا يبدو سباق 2020 كما توقع أي شخص.
وينخرط الرئيس دونالد ترمب، وجو بايدن حالياً في حملة تعد بمثابة استفتاء على الرئيس الحالي أكثر بكثير مما كانت عليه قبل أسابيع قليلة. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن ترمب غالباً ما يحشر نفسه في زاوية، ثم يندفع للخروج منها كحيوان يائس، مكشراً عن أنيابه ومخالبه.
لقد فعل ذلك مساء الاثنين الماضي، عندما أمر وزير العدل وليام بار عناصر الشرطة الفيدراليين، وقوات الحرس الوطني بإخراج المتظاهرين قسراً من المنطقة المحيطة بالكنيسة الأسقفية سانت جون، الكائنة قبالة حديقة لافاييت بالقرب من البيت الأبيض. واستخدموا رذاذ الفلفل، والغاز المسيّل للدموع، لإخلاء المكان قبل دقائق قليلة من مرور ترمب مع قيادات البنتاغون، وآخرين في طريقهم إلى الكنيسة من أجل التقاط صورة له وهو يرفع الإنجيل.
كانت اللحظة كارثية بالنسبة للرئيس. وقد اعترف وزير دفاعه، ورئيس هيئة الأركان المشتركة بأن مشاركتهما كانت خطأ، فيما انهارت شعبيته في استطلاعات الرأي إلى أدنى مستوى لها.
ففي استطلاع حديث، عبّر 64 في المئة من المشاركين عن رفضهم لاستجابة الرئيس للاحتجاجات في واشنطن، وأماكن أخرى. وقدّر الاستطلاع الرئاسي الأخير الذي أجرته مجموعة غالوب Gallup نسبة التأييد له بـ 39 في المئة.
بالنسبة لرئيس حاكم يسعى إلى الفوز بولاية ثانية في ظل انهيار اقتصادي، لا يقارن هذا المستوى إلا مع المستويات التي بلغها جيمي كارتر.
والأكثر من ذلك هو أن الرئيس، المقيم في ملجئه، ونائب الرئيس السابق الملازم لقبو منزله، يحاولان استمالة بضع مئات الآلاف من الأصوات في عدد قليل من الولايات التي ستحدد مصير الانتخابات في وقت يبدو فيه جزء كبير من البلاد غير مرتاح لكل شيء.
في استطلاع حديث أجرته مجلة “بوليتيكو”، وشركة “مورنينغ كونسالت” Politico and Morning Consult ، قال 70 في المئة إن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. ورغم أن الجمهوريين سيلقون باللوم على الديمقراطيين، إلا أن العملية الحسابية تظهر أن هناك كثيراً من الناخبين الجمهوريين ضمن نسبة الـ 70 في المئة تلك.
وقد أخبرني أحد المعنيين باستقصاء الآراء لصالح الحزب الجمهوري بأن “الناس قد تعبوا، وأن الوضع مع ترمب عبارة عن مشهد حلم يتكرر بانتظام… ويبدو أنهم، في الأقل حالياً، يتوقون للعودة إلى الحياة الطبيعية”.
ليس في رئاسة ترمب أي شيء عادي أبداً. ويعترف كبار مساعديه سراً أن هذا هو سبب فوزه بالرئاسة في المقام الأول.
في المقابل، ليس من العادي في شيء أن يحاول منافسٌ انطلاقاً من قبو منزله أن يُسقط رئيساً تنفيذياً حاكماً، حتى وإن كان هذا المنافس نائب رئيسٍ سابق، وخلفه رفوف كُتب منظمة، ومصابيح أنيقة.
لكن يبدو أن هذا هو بالضبط ما يفعله بايدن حالياً في الأقل، وهو ما يفسر على الأرجح محاولات ترمب المتكررة لتصوير نائب الرئيس السابق باعتباره في حالة نقاهة، وفاقد لبعض قدراته العقلية.
غرّد الرئيس صباح الخميس الماضي قائلاً إن “جو النعسان يرفض الخروج من ‘ملاذه’ في القبو ليُخبر رؤساءه اليساريين المتطرفين بأنهم يسيرون في الاتجاه الخطأ”. ولم يكن مهمّا بالنسبة له أن بايدن، وزوجته جيل كانا متوجّهين إلى فيلادلفيا لحضور لقاء على مائدة مستديرة.
إلا أن بايدن بات يخرج أكثر مما مضى، وبغض النظر عن مكان تواجده لمهاجمة ترمب فإن السناتور السابق عن ولاية ديلاوير يواصل صعوده في استطلاعات الرأي، ونيل درجات عالية (على أدائه) من المراقبين السياسيين.
في هذا الصدد قال وليام غالستون بشأن استجابة الرئيس لجائحة كورونا، إن “ترمب قد أتيحت له فرصة إعادة صياغة الحملة على أساس مسألة القيادة الناجحة محلياً خلال زمن صعب قدر صعوبة الحرب. لكن أداءه، الذي حكم الشعب الأميركي بأنه كان سلبياً، جعل ذلك مستحيلاً”.
وحصل الرئيس على فرصة أخرى مع الاحتجاجات، بما في ذلك التي اندلعت في حديقته الخلفية هنا في العاصمة. كان إخماد العنف في جميع أنحاء البلاد في بداية الاحتجاج سيمنح الرئيس الحالي ميزة إضافية ليبدو جديراً بالرئاسة، وفعّالاً وجاداً، ورصيناً، مع إظهار التعاطف أيضاً، خصوصاً وأن بايدن لم يكن قادراً على فعل أكثر من مجرد إلقاء خطاب، أو نشر تغريدة.
قال مارك هيثرنغتون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث كارولينا، إن ترمب “سنحت له الفرصة ليثبت للبلاد أن تمسكه بمنهج القانون والنظام، و(اتباع سياسة) تفريق معارضيه قبل الانقضاض عليهم خلال الأزمة أمر فعّال”.
وأضاف البروفيسور هيثرنغتون أن ذلك “لا يبدو فعالاً الآن”، ولفت إلى أنه بما أن ترمب هو الرئيس الحالي هذه المرة، فليس لديه رئيس ديمقراطي “يشير إليه ويجادل بأن ليونته فاشلة، كان النجاح، أو الفشل بين يدي ترمب”.
نجح التركيز على موضوعات “القانون والنظام” سابقاً في حملات المرشحين الجمهوريين للرئاسة، بمن فيهم ريتشارد نيكسون، وترمب نفسه قبل أربع سنوات. ولكن هذا ليس ما تتوق إليه البلاد في الوقت الحالي، وفقاً لبيانات استطلاعات الرأي.
لكن ذلك لم يمنع الرئيس، وفريقه من العودة المرة تلو الأخرى إلى الخطاب المحبب لدى قواعده المحافظة، حتى مع رفض 64 في المئة من الأميركيين طريقة استجابته على الاحتجاجات الخاصة بموت فلويد، واعتبار 69 في المئة منهم حادثة القتل دليلاً على وجود مشاكل أكبر في أقسام الشرطة الأميركية.
وطالما استمر ترمب في اتباع غرائزه، والانشغال حصرياً تقريباً بقواعده، فليس مُهماً إذا كان بايدن يدير حملته من قبو منزله أم لا. لقد أصبح من المرجح فوز نائب الرئيس السابق في السباق، ولا يستطيع الرئيس أن يلوم إلا نفسه.
نقلا” عن أندبندنت عربية