كريتر نت – متابعات
بالتوازي مع تشديد الحكومة الفرنسية لهجتها ضدّ التدخل التركي في ليبيا، صعّدت الصحافة الفرنسية من هجومها على سياسة أنقرة التوسعية والعدوانية في منطقة المتوسط، داعية لموقف أوروبي موحد، ومحذرة من التمركز التركي والإخواني في شمال إفريقيا على مقربة من دول الاتحاد الأوروبي.
وفيما تساءلت مجلة “لوبوان” الفرنسية، في تحقيق مُطوّل لها “هل أصبح البحر الأبيض المتوسط مياهاً تركية؟” عنونت صحيفة “لو فيغارو” من جهتها في مقال تناول التطورات الأخيرة في شرق المتوسط “حين تقوم البحرية التركية بتهديد فرنسا”، مُشيرة إلى أنّ البحرية التركية استهدفت سفينة “كوربيه” الحربية ثلاث مرات في العاشر من الشهر الجاري، حيث جرى الحادث جرى قبالة الساحل الليبي حيث تقوم السفينة الفرنسية بتطبيق حظر الأمم المتحدة على السلاح في ليبيا.
وتقول “لو بوان”، التي دأبت على توجيه انتقادات لاذعة للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، إنّ الوقت قد حان كي يضع الفرنسيون والألمان والإيطاليون مشاكلهم جانبا ويشكلون جبهة واحدة للحدّ من التوسع التركي في ليبيا، فالانتصارات التي حققها رجب طيب أردوغان في ليبيا في الأسابيع الأخيرة قلبت الموازين، وذلك من خلال الطائرات من دون طيار التركية والميليشيات السورية التي جندها الرئيس التركي في ليبيا، والتي قدّمت خدمة كبيرة للميليشيات التابعة لطرابلس.
وترى المجلة أنّ الرئيس التركي سوف يستغل تدخل بلاده في ليبيا للبقاء لأطول مدة ممكنة فيها ومن ثم التمركز في شمال إفريقيا بمساعدة من جماعة الإخوان المسلمين، وتُضيف بأنّ الأتراك ومن قبلهم الروس استغلوا الصراع الليبي لفرض تواجدهم في البحر المتوسط بسبب عدم اهتمام الأميركيين وأيضا بسبب الخلافات الداخلية بين دول الاتحاد الأوروبي.
وشهدت العلاقات التركية – الفرنسية توتراً كبيراً في الأعوام الأخيرة، حيث بدأت باريس بالاستغناء التدريجي عن توظيف الأئمة الأتراك في مساجد فرنسا منعا لتغلغل أكبر للإسلام السياسي ولفكر الإخوان المسلمين في المجتمع الفرنسي، هذا بالإضافة للرفض القاطع لافتتاح مدارس تركية دينية في بعض المدن الفرنسية، وذلك خوفاً من زرع أفكار متشددة في نفوس الطلبة.
من جهتها، اهتمت صحيفة “لو فيغارو” بتحذير الحكومة اليونانية أوروبا من الاستفزازات التركية، حيث قال نيكوس دندياس وزير الخارجية اليونانية، إنّ تركيا كثفت بشكل خطير استفزازاتها في شرق البحر الأبيض المتوسط، فهي لا تتوقف عن انتهاكات المجال الجوي والمياه الإقليمية، تحليقٌ لطائراتها المقاتلة فوق الجزر اليونانية المأهولة وفوق المناطق اليونانية الحدودية في أفرُس، وإلى ذلك عمليات الحفر في المنطقة الاقتصادية الخاصة وفي المياه الإقليمية القبرصية.
وتحدثت الصحيفة عن التعاون الوثيق بين اليونان وفرنسا على الصعيدين الثنائي وداخل الاتحاد الأوروبي، وبالإعلان المشترك الذي وقعه البلدان مع قبرص ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة الذي أدان المناورات التركية.
وفي مقال آخر، وصفت “لو فيغارو” أردوغان، بـِ “سلطان ليبيا” مُشيرة إلى أنّه وضع ثقل بلاده من أجل دعم التيار الإخواني في ليبيا، حتى أصبح في وضع يُتيح له تقرير سياسة هذا البلد واستنزاف ثرواته، وذلك في سياق التوتر الجيوسياسي وسباق الموارد الهيدروكربونية في منطقة شرق المتوسط.
وصعّدت باريس موقفها مؤخراً تجاه التدخلات التركية في ليبيا، واصفة إيّاها بـِ “غير المقبولة” ومؤكدةً أنّ “فرنسا لا يمكنها السماح بذلك”.
وقالت فرنسا، التي تكثف منذ أشهر انتقاداتها للأطماع الإقليمية التركية، إنها لاحظت “سياسة أكثر عدوانية وتصلباً من قبل تركيا مع نشر سبع سفن قبالة ليبيا وانتهاك الحظر المفروض على التسليح”.
وأضافت الرئاسة الفرنسية أنّ “الأتراك يتصرفون بطريقة غير مقبولة عبر استغلال حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولا يمكن لفرنسا السماح بذلك”.
وفيما ناقش كل من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الوضع في ليبيا، الخميس، حيث اتفقا على الحاجة لعملية سياسية تقودها الأمم المتحدة، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ فتح تحقيق بشأن الحادثة التي نددت بها فرنسا مع سفن تركية خلال عملية تدقيق بموجب حظر تسليم الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.
ونددت فرنسا بسلوك “عدواني للغاية” من جانب تركيا، العضو في حلف الأطلسي، ضد فرقاطة فرنسية تقوم بمهمة للحلف في البحر المتوسط خلال محاولة التدقيق في سفينة شحن يُشتبه بنقلها أسلحة إلى ليبيا.
وبشكل عام، فإنّ الصحافة الفرنسية لا تتوقف عن مُهاجمة أردوغان، الذي خصّصت له مجلة “لو بوان” العام الماضي تحقيقاً شاملاً وموسعاً ضمّ العديد من المقالات والدراسات التحليلية، وزيّنت المجلة حينها العدد بصورة كبيرة للرئيس التركي شغلت غلافها الأول بالكامل، وعنونته بـِ “الدكتاتور..”، كما وصفته في عدد آخر بـِ “مُبيد الأكراد”.
وتُكثف الصحافة الفرنسية بين حين وآخر من انتقادها للوضع السياسي والاقتصادي الخطر في تركيا. وعلى الرغم من تعدّد التوجّهات السياسية والفكرية لوسائل الإعلام في فرنسا، إلا أنها تتفق في تحليلاتها فيما يتعلق بالرئيس التركي رجب طيّب أردوغان وكوارثه السياسية والاقتصادية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وفيما عبّرت الحكومة التركية مراراً عن تنديدها بالإعلام الفرنسي مُهاجمة ما أسمته حالة العداء لتركيا ورئيسها، فإنّ وسائل الاعلام التركية الرسمية وغير الرسمية التي توالي غالبيتها العظمى حزب العدالة والتنمية الحاكم، شنّت هجوما لاذعا بالمقابل على الصحافة الفرنسية واتهمتها بشتى الاتهامات.