كتب : د. ياسين سعيد نعمان
العزلة بين نخب القرار السياسي غالباً ما تترك مساحات تتسع لأكثر من شيطان .
ظل برلمانيو بيزنطة يتجادلون ، وروما يهددها السقوط بيد أعدائها ، حول إمكانية أن يقف اربعون شيطاناً على رأس دبوس .. أدمنوا الحديث عما تبثه الشياطين فيهم من سوء التدبير ، وسقطت روما .
المساحات التي عزلت النخب عن بعضها كافية لإيواء المردة والشياطين من كل صنف ولون .
لذلك ، فإن من أولى واجبات هؤلاءالاخوة ، ممن وضعتهم الحياة في صدارة المشهد ، والمدعوون اليوم إلى الرياض لتقرير مستقبل البلاد ، التخلي عن الشياطين التي تفولذت في الساحات التي أحاطت بهم . وهذه مسألة يجب أن تسبق أي نقاش أو مشاورات .
سيكون من الضروري أن يدخل الجميع الى قاعة المشاورات قد انتصروا على همزات الشياطين ، وقد تخلصوا أيضاً من كل الارق الذي سببته خنافس وهوام العزلة ممن تسببت في شيطنة الآخر دون وعي بما أحدثته هذه الشيطنة من اتساع رقعة الجفوة بين منتسبي الهدف المشترك .
اليمن ، بوضعه اليوم ، لا يحتاج الى أصوات عالية أو ضحيج من أي نوع كان، كما أنه لا يحتاج إلى ترجيعات مواقف سبق أن شكلتها خصومات سابقة أو شهادات بالوطنية والخيانات والعمالة التي باتت تسوق كخرق بالية في سوق الحراج ، ولا إلى مخرجات الشيطنة التي ألحقت الانكسار بمسارات كثيرة .
يحتاج اليمن إلى شطب كل ما علق بالضمير من تشوش ، ليكون النقاش مسئولا ..
فلا مسئولية لضمير عالق في مجاهيل وأزقة كثيرة .
لم تهزم في تاريخ الصراعات أي قوة ذات هدف نبيل إلا حينما احتفظ ضمير كل منتسب إلى هذه القوة بمساحة من الشك والغربة والخصومة تجاه الآخر ، وراح صاحبه يملأ تلك المساحة بما يمليه ذلك من أوهام لا ترى الاخر غير مشروع قابل للشطب ، لا بما يفرضه واجب الرفاقية والمسئولية من تفاهمات لبناء شراكة بقيم حب الوطن وحق الناس في تقرير خياراتهم .
في مثل هذه الظروف قد يكون التصحيح هو أصعب إختبار لهذه النخب لمعرفة قدرتها وأهليتها على القيادة ومواصلة المشوار . والتصحيح يقصد به الوقوف أمام الوقائع التي تشكل المشهد العام بمسئولية وبتجرد وبعيداً عن كل ما تختزنه مساحة الخصومة في الوعي من اوهام وهواجس ودوافع وانفعالات .
ربما كان هذا اللقاء هو الفرصة الاخيرة لإعادة الأمور إلى المسار الصحيح الذي يأمله الناس بعد كل ما لحقهم من ألام وأوجاع وأحزان وإحباط .
وفي هذا السياق لا بد أن تكون الترتيبات لانعقاد اللقاء قد تجاوزت مجرد التشاور لاخراج قرارات إدارية إلى ما هو أكثر دلالة على الحاجة إلى تقييم المشهد واعادة صياغة إستراتيجية العمل بروح ترمي وراء ظهرها كل الغث الذي فرضته الانكسارات والمحبطات والتخبط في الساحات التي قام فيها الجميع بشيطنة الجميع .
لا بد أن تكون هناك ورقة عمل قد أعدت وشملت مختلف القضايا السياسية والعسكرية وقضايا الدولة تضبط إيقاعات البحث والنقاش والوصول الى نتائج تضع البلاد على مسار يخرجه الى الى طريق .
من صفحة الكاتب في فيسبوك