كريتر نت – عدن
اعتبرت مصادر يمنية مطلعة أن تزايد الاهتمام الأوروبي بالتوصل إلى تسوية سياسية في اليمن جزء من حراك دبلوماسي أوسع في المنطقة يستهدف حلحلة الخلاف مع إيران حول الملف النووي.
وأشارت المصادر في تصريح لـ”العرب” إلى أن التحول في موقف الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن شجع بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي على دعم تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يحظى بدعم أوروبي كبير وعلى استثمار الحماسة التي أبدتها الإدارة الأميركية الجديدة لحل الأزمة اليمنية وفقا للرؤية الأوروبية.
وتستمد التحركات الدولية والأممية تجاه الملف اليمني أهميتها من تقارب وجهتي النظر الأوروبية والأميركية إلى حد كبير، مع بروز حالة من الارتباك في موقف واشنطن الذي ما زال متحفظا إزاء التعامل مع الأزمة اليمنية كجزء من ملف الصراع مع النظام الإيراني.
ونجحت التحركات الأوروبية والأميركية والأممية المتزامنة في انتزاع مواقف من الحكومتين السعودية واليمنية، داعمة خطة المبعوث الأممي إلى اليمن التي حظيت بدفعة قوية من قبل واشنطن عبر المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيموثي ليندركينغ الذي قام بجولة في المنطقة من أجل التسويق لمبادرة “الإعلان المشترك” بصفتها مقترحا تتوافق عليه كل الدول الفاعلة في الملف اليمني.
وعلى صلة بالجهود الدولية المتسارعة لإيجاد تسوية سياسية في اليمن قال وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب إنه التقى بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن وكذلك وزيري خارجية ألمانيا وفرنسا لبحث مبادرات سلام من أجل اليمن.
وأضاف راب في تغريدة مستخدما صور أعلام الدول الأربع بدلا من ذكر أسمائها في رسالته “من الضغط من أجل السلام في اليمن إلى منع إيران من أن تصبح قوة نووية، تقف بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا معا كقوة للخير”.
وتابع “التقيت شخصيا لأول مرة (…) ببلينكن وهايكو ماس (وزير خارجية ألمانيا) وجان إيف لو دريان (وزير خارجية فرنسا) لبحث التحديات والفرص التي تنتظرنا”.
وجاءت التحركات الأوروبية الأخيرة في أعقاب إعلان السعودية عن مبادرة أحادية لحل الأزمة اليمنية، الاثنين، تضمنت وقفا شاملا لإطلاق النار تحت مراقبة الأمم المتحدة وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن والمشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني وفقا لاتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية.
وبحسب نص المبادرة التي سارعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى الترحيب بها يعقب إجراءات بناء الثقة بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة بناءً على مرجعيات قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل في إطار دعم جهود المبعوث الأممي والمبعوث الأميركي لليمن.
ووفقا لمراقبين للشأن اليمني نقلت المبادرة السعودية بعد موافقة الحكومة الشرعية عليها الضغط الدولي باتجاه الجماعة الحوثية التي سارعت إلى رفض المبادرة ورفع سقف الاشتراطات، بعد أن كانت مطالب إعادة فتح مطار صنعاء وتخفيف القيود على ميناء الحديدة ووقف إطلاق النار تتصدر الخطاب السياسي الحوثي في المحافل الدولية.
ووفقا لمصادر دبلوماسية جاءت موافقة الحكومتين السعودية واليمنية على تقديم تنازلات إضافية بناء على طلب أميركي أوروبي لمحاصرة الذرائع الحوثية، الأمر الذي يضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة خلال المرحلة القادمة أمام مسؤولية إقناع الحوثيين وممارسة ضغوط حقيقية عليهم تتجاوز حالة “التدليل السياسي” كما يصفها سياسيون يمنيون.
وتشير العديد من المعطيات إلى ملامح تحول مرتقب في الموقف الأميركي والغربي تجاه الحوثيين، بعد استنفاد كل الشروط الدبلوماسية لتشجيع الجماعة المدعومة من إيران على الانخراط في العمل السياسي، في الوقت الذي تتزايد فيه المؤشرات على حجم الهيمنة الإيرانية على قرار الحوثيين، وهو الأمر الذي كشفت عنه بعض التطورات الأخيرة.
وشهدت التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الأوروبيون والأميركيون إزاء الملف اليمني تحولا لافتا بعد موافقة السعودية والحكومة اليمنية على الخطة الأممية لوقف الحرب في اليمن، حيث رحبت معظم الدول الغربية بالمبادرة السعودية فيما طالبت الحوثيين بالاستجابة للحالة الجديدة من التعاطي الإيجابي الذي أبداه التحالف العربي والحكومة الشرعية.
وعلق وزير الخارجية البريطاني الذي تتصدر بلاده واجهة النشاط الدولي المتعلق باليمن على المبادرة السعودية برسالة للحوثيين طالبهم فيها بـ”اتخاذ خطوات مماثلة تجاه السلام وإنهاء معاناة اليمنيين”. كما دعا وزير شؤون الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية جيمس كليفرلي الحوثيين إلى “الرد بشكل بنّاء على هذا الإعلان”.
ورد السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون بتصريحات وصفت بالمستفزة للضابط في الحرس الثوري الإيراني وسفير طهران لدى حكومة الحوثي غير المعترف بها دوليا، حسن إيرلو، اعتبر فيها دور طهران بالغَ السلبية في اليمن من خلال استمرارها في دعم الحوثيين بالمال والسلاح.
وقال السفير البريطاني في تصريحات إعلامية إن “السفير الإيراني في صنعاء غير شرعي لدى حكومة غير شرعية”.
وجاء الموقف البريطاني الحاد ردا على تغريدة نشرها إيرلو على حسابه في تويتر عبر فيها عن رفضه للمبادرة السعودية، في تأكيد على حجم النفوذ الإيراني داخل الجماعة الحوثية.
وكتب إيرلو “مبادرة السعودية في اليمن مشروع حرب دائمة واستمرار للاحتلال وجرائمِ الحرب وليست إنهاء للحرب. المبادرة الحقيقية تعني: وقف الحرب بشكل كامل ورفع الحصار بشكل كامل وإنهاء الاحتلال السعودي وسحب قواته العسكرية وعدم دعم المرتزقة والتكفيريين بالمال والأسلحة وحوار سياسي بين اليمنيين دون أي تدخلات خارجية”.
ويفسر مراقبون الموقف الإيراني بأنه بمثابة رسالة للمجتمع الدولي يفيد فحواها بأنه لا يوجد حل للأزمة اليمنية إلا بالحوار مع طهران والاستجابة للمطالب الإيرانية في الملف النووي وباقي الملفات العالقة.
المصدر : العرب نت